اختلال موازين القوى بالشرق الأوسط.. هل انتهى "محور المقاومة" الذي تقوده إيران؟
كتبت- سهر عبد الرحيم:
شهد العام الحالي أحداث كبيرة وتطورات عدة غيرت موازين القوى في الشرق الأوسط، فكانت عملية (طوفان الأقصى) التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في الـ 7 من أكتوبر 2023، المحفز الأساسي للأحداث المتتالية التي شهدتها المنطقة.
وبعد العملية، أعلن "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، والذي يضم حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، ومجموعة من الفصائل المسلحة في العراق، دعمه وإسناده للجبهة الفلسطينية، إذ باشروا في تنفيذ هجمات ضد إسرائيل.
وترى إسرائيل أنها نجحت في إضعاف وتحييد "محور المقاومة"، إذ قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الإثنين الماضي، "سنضرب الحوثيين بقوة، ونستهدف بنيتهم التحتية الاستراتيجية ونقطع رؤوس قياداتهم، تمامًا كما فعلنا مع هنية، ويحيى السنوار وحسن نصر الله في طهران وغزة ولبنان، وسنفعل ذلك في الحديدة وصنعاء".
ونفذت إسرائيل ضربات جوية عنيفة على مطار صنعاء الدولي و"أهداف عسكرية" تابعة للحوثيين في اليمن، أمس الخميس، ما تسبب في تعطيل مطار صنعاء من خلال تدمير برج المراقبة فيه، ومقتل 6 أشخاص، حسبما أفادت به القناة 14 العبرية.
وفي أعقاب الضربات، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة ضرب الحوثيين "حتى إنجاز المهمة"، الذي أكد أنه "بعد حماس وحزب الله ونظام الأسد، فإن الحوثيين هم الذراع الأخيرة الباقية لمحور الشر الإيراني"، على حد تعبيره.
وتعقيبًا على حديث نتنياهو بشأن انتهاء أذرع إيران، قال مختار غباشي الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية خلال حديثه لـ"مصراوي"، إن الحوثيين هم الذراع المتبقي لإيران الذي مازال يواجه بقوة، مشيرًا إلى أن السؤال الأهم هو: هل تستطيع إسرائيل القضاء على الحوثيين؟.
ويعتقد غباشي أن تل أبيب لا تستطيع القيام بذلك، فالوضع بالنسبة لصنعاء مختلف ذات ترتيبات وآليات صعبة، فاليمن دولة جبلية والسيطرة عليها ليست سهلة، مشيرًا إلى أنه من الصعب على تل أبيب إنهاء الجماعة.
وأوضح أن الجبهة الوحيدة التي مازالت تقاتل أمام إسرائيل بشكل كبير، هي جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، إذ كثفت هجماتها في البحر الأحمر منذ بداية الحرب، واستهدفت السفن الإسرائيلية وأي سفن متجهة إلى موانئ تل أبيب، حتى يوقف الاحتلال عدوانه على قطاع غزة.
ولم تقتصر جماعة أنصار الله على استهداف السفن الإسرائيلية أو المتوجهة إلى تل أبيب، بل تواصل توجيه الضربات للعمق الإسرائيلي.
ونفذ الحوثين عمليتين على هدفين إسرائيليين في منطقتي عسقلان ويافا، الأسبوع الماضي، ما نتج عنه إصابة أكثر من 20 شخصًا أثناء توجههم إلى الملاجئ، بعد دوي صفارات الإنذار في مناطق واسعة.
وفي 21 ديسمبر الجاري، خرج من اليمن صاروخًا استهدف تل أبيب مباشرة، ما أسفر عن 16 مصابًا، و دوي صفارات الإنذار فجرًا في وسط إسرائيل، وفشلت الدفاعات الإسرائيلية في اعتراضه.
ראשוני: שריפה פרצה בתל אביב כנראה בעקבות הירי מתימן | לכל העדכונים >>> https://t.co/s35YXgWTOI@AnnaPines_ @hadasgrinberg pic.twitter.com/8HnzAAcS9K
— כאן חדשות (@kann_news) December 21, 2024
وحسب صحيفة "معاريف" العبرية، فإن الحوثيين أطلقوا أكثر من 200 صاروخ وأكثر من 170 مسيّرة متفجرة على إسرائيل منذ بداية الحرب.
ويرى الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية، أن إسرائيل "لم تستطع القضاء" على جميع أذرع إيران في المنطقة، فإن الجبهة الوحيدة التي خسرتها طهران خسارة مطلقة هي الجبهة السورية بوقوع نظام الأسد، وهي خسارة استراتيجية لأهم حليف لها في المنطقة وتعويض هذه الخسارة يكاد يكون مستحيلًا.
وأوضح أن حزب الله لا يزال موجودًا على الرغم من إضعافه وتحييده "مؤقتًا"، كما أن المقاومة الفلسطينية لا تزال تواجه، والحوثيين مازالوا موجودين، فإن الوكلاء لم يخسروا لكن تم إضعافهم، وإعادة البناء من جديد من الممكن أن تأخذ أسابيع أو شهور.
واعتمدت إيران على سوريا لإمداد حزب الله بالأسلحة، كما استثمرت رأس مال هائل ماديًا وسياسيًا وعسكريًا فيها، فعلى حد تعبير مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث سنام فاكيل، فإن "طهران أنفقت ما بين 30 و 50 مليار دولار في دمشق منذ عام 2011".
واتفق الباحث في الشأن الإيراني محمود جابر مع مختار غباشي، في أن الهجمات الصاروخية التي يقوم بها الحوثيين على إسرائيل تظهرها في موضع العجز، خاصة أن الهجمات المعاكسة التي يوجّهها جيش الاحتلال على اليمن ليست بنفس القوة، ويرجع ذلك إلى الطبيعة الجبلية في اليمن، والتي تحول دون إلحاق الضرر بالحوثيين بشكل كبير.
وأشار جابر خلال حديثه لـ"مصراوي"، إلى أنه "بالرغم من استهداف الحوثيين مواقع إسرائيلية وإحداث إصابات مباشرة، لكنها لن تؤدي لأي تحول استراتيجي في المنطقة، والسبب هو عدم وجود حدود مشتركة بين اليمن وفلسطين المحتلة".
"والتحول في موازين القوى نتيجة الأحداث الأخيرة، كان لصالح إسرائيل والقوى الأجنبية بعد سقوط سوريا، التي أصبحت كعكة أمريكية غربية إسرائيلية وهذا أضعف محور المقاومة بشكل كبير"، حسب وصف الباحث في الشأن الإيراني محمود جابر.
ويعتقد الباحث في الشأن الإيراني، أن المرحلة القادمة سوف تكون قاسية على المنطقة بشكل عام وعلى إيران بشكل خاص، والسبب هنا ليس لضعف طهران، ولكن بسبب ضعف دول المنطقة التي استسلمت للخيار الأمريكي الإسرائيلي، على حد تعبيره.
وتابع أن هذه الدول لا تنتبه لخطورة فائض القوة لدى خصمها الذي يعلن أنه يريد توسيع حدوده الجغرافية على الأراضي العربية من النيل إلى الفرات.
ولدعم المقاومة في فلسطين، بدأ حزب الله في الـ8 من أكتوبر 2023، استهداف مواقع إسرائيلية تضامنًا، ليرد جيش الاحتلال بقصف مواقع تابعة للحزب، ما أدى بعدها إلى تصاعد الهجمات وتبادل الضربات بين الطرفين، والذي استمرّ لشهور حتى تم إعلان "وقف إطلاق النار" بين الجانبين في 27 نوفمبر 2024 بوساطة أمريكية.
أما الفصائل المسلحة في العراق- والتي تطلق على نفسها اسم "المقاومة الإسلامية"- فقد نفذت هجمات متعددة على قواعد عسكرية أمريكية في البلاد، باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، كما استخدمت إيران أراضي بغداد لتوجيه ضربات لإسرائيل، لكن هذه الجبهة لم تؤثر كثيرًا على مسار الحرب، خاصةً بعد خروجها من سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
فيديو قد يعجبك: