إعلان

العصر الذهبي لأمريكا والشعبوية.. تحليل خطاب ترامب: ماذا ينتظر العالم؟

04:49 م الثلاثاء 21 يناير 2025

خطاب ترامب

كتبت- أسماء البتاكوشي:

بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية للولايات المتحدة الأمريكية، بخطاب "بداية العصر الذهبي لأمريكا"، الذي استند فيه إلى إثارة الهوية الوطنية والاقتصادية لدى الأمريكيين، مقدمًا نفسه كشخصية محورية قادرة على قلب الموازين، النهج الذي لم يكتفِ بالتأثير على القاعدة الشعبية المؤيدة له، بل أعاد تشكيل الخطاب السياسي التقليدي داخل الحزب الجمهوري، وأصبح خطابه الشعبوي أداة لتعزيز الاستقطاب السياسي.

"خطاب ترامب كان شعبويًا بامتياز وما رأيناه فيه استعراض أكثر منه خطة عملية قابلة للتنفيذ"، هكذا وصف عضو الحزب الديمقراطي مهدي عفيفي كلمة الرئيس الأمريكي، موضحًا أنه كان مختلفًا عن خطابات التنصيب التي اعتاد الرؤساء الأمريكيون تقديمها، فعادة ما تركز الخطابات على عرض سياسات واضحة وتنفيذ وعود انتخابية مع رؤية مستقبلية للدولة، لكن في المقابل انصب تركيز ترامب على الحديث عن نفسه وعن ردود أفعال مناصريه.

1_1_11zon

شعارات شعبوية

ويوضح عضو الحزب الديمقراطي خلال حديثه لـ"مصراوي"، أن هناك حالة من الإحباط بين المراقبين، فترامب الذي قدم نفسه خلال حملته الانتخابية كرئيس مختلف، عادي في خطابه إلى نبرة تركز على شعارات شعبوية بدلًا من تقديم سياسات قابلة للتنفيذ، وهكذا يعيد ترامب تقديم نفسه كرئيس شعبوي يحمل وعودًا كبيرة، لكن تنفيذها يظل رهينًا بواقع معقد تفرضه السياسة الداخلية والدولية.

واتفق نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق مع عضو الحزب الديمقراطي، بأن خطاب ترامب خلال حفل تنصيبه لفترة جديدة عكس ملامح توجهات السياسة الأمريكية القادمة، التي تتسم بالنزعة الانعزالية والفردية، مع تصاعد واضح لنبرة الرأسمالية الحادة، وتحدثه عن الولايات المتحدة باعتبارها دولة كبرى، لكنه تجاهل بشكل لافت مسؤوليتها الدولية كقوة عظمى في النظام الدولي، فضلًا عن تركيزه بتحقيق مكاسب مباشرة للبلاد، دون التطرق لدورها القيادي العالمي، ما يعد فارقًا جوهريًا.

وأوضح "فهمي"، خلال مداخلة في برنامج "كلمة أخيرة"، أن ترامب عاد إلى البيت الأبيض "قويًا"، وحديثه كان يحمل نبرة انتقاد قاسية للإدارات السابقة، وخاصة إدارة الرئيس جو بايدن، مضيفًا أن ترامب نجح في تحقيق معادلة نادرة في المشهد السياسي الأمريكي، إذ حصل على أغلبية الأصوات الانتخابية والشعبية معًا، وهي ظاهرة لم تحدث منذ سنوات طويلة، فإن القاعدة تقتضي أن يسيطر الجمهوريون على الأصوات الانتخابية بينما تذهب الشعبية للديمقراطيين.

ترامب

بينما ترى خبيرة العلاقات الدولية إيرينا توسكرمان، أن خطاب ترامب هو "محاولة لإعادة تشكيل صورة أمريكا"، فإن تركيزه على ما يُعرف بـ"العصر الذهبي للولايات المتحدة"، يعكس محاولته لإعادة بناء صورة البلاد عالميًا، لكن هذه المحاولات قد تفشل، نظرًا لما يشوب سياساته من فضائح إدارية ومواقف معادية للهجرة، كما أن ذروة قوة الولايات المتحدة كانت دائمًا مرتبطة بانفتاحها الاقتصادي والهجرة النشطة، بينما سياسات ترامب الحمائية قد تعرقل هذا الزخم.

وأضافت خبيرة العلاقات الدولية في تصريحات لـ"مصراوي"، أن سياسات ترامب تمثل انحرافًا عن الخطوط التقليدية للسياسة الأمريكية، إذ سعى إلى فرض أجندته بشكل أحادي، فضلًا عن أن محاولته استعادة الصناعة في غضون 4 سنوات تبدو غير واقعية، خاصة في ظل انخفاض معدلات النمو السكاني وتراجع المهارات المطلوبة لبعض الوظائف، ما يبرز الحاجة إلى سياسات هجرة أكثر شمولًا لتعويض النقص في العمالة الماهرة.

جدلية العصر الذهبي

يقول عضو الحزب الديمقراطي مهدي عفيفي، إن ترامب استلم اقتصادًا قويًا بالفعل، حيث كانت نسب البطالة منخفضة، والتضخم تحت السيطرة مقارنة بالمعدلات العالمية، فإن الحديث عن إعادة بناء صورة الولايات المتحدة غير دقيقة، فالبلاد كانت قد استعادت الكثير من تعاونها مع الحلفاء الدوليين، مثل الناتو والاتحاد الأوروبي، خلال إدارات سابقة، ففي الواقع، خلال ولاية ترامب الأولى، عانت علاقات الولايات المتحدة مع شركائها الرئيسيين من توترات عدة.

ترامب

قناة بنما

وعن تصريحاته بخصوص قناة بنما، قال عفيفي: "ترامب يحاول استغلال قضية قناة بنما كأداة لطمأنة الداخل حول تعزيز النفوذ الأمريكي، لكنه يواجه تحديات كبرى، إذ أن تنفيذ خططه يتطلب التفاوض مع أطراف دولية، مثل الصين وبنما، وهو أمر معقد ويستغرق سنوات، فإن الحديث عن استيلاء الولايات المتحدة على القناة ليس واقعيًا، لكنه قد يمارس ضغوطًا للحصول على تسهيلات خاصة للسفن الأمريكية.

وترى خبيرة العلاقات الدولية إيرينا توسكرمان، أن تصريحات ترامب بشأن قناة بنما تشير إلى قلقه المتزايد بشأن النفوذ الصيني في نصف الكرة الغربي موضحة أنه يحاول إحياء "مبدأ مونرو" -كان يهدف إلى منع التدخل الأوروبي في شؤون الأمريكتين-، لكن حديث الرئيس الأمريكي الذي ألمح إلى "استعادة" القناة أثار موجة من الانتقادات، ليس فقط من الحكومة البنمية، بل أيضًا من دول أمريكا الجنوبية، التي اعتبرت هذه التصريحات تدخلًا غير مبرر.

ترامب

ولفتت إلى أن نهج ترامب كان يمكن أن يكون أكثر فعالية لو استند إلى القنوات الدبلوماسية بدلًا من إطلاق تصريحات تصعيدية قد تعطي مبررات لخصوم الولايات المتحدة لتعزيز نفوذهم في المنطقة، فضلًا عن أن سياسات ترامب، لا سيما في مجالي التجارة والطاقة، أضرت بالعلاقات مع حلفاء تقليديين مثل دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أن انسحابه من اتفاقيات متعددة الأطراف أعطى بكين فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي والدولي، ما أضعف موقف واشنطن في العديد من الملفات.

الهجرة والرسوم الجمركية

حول موضوع الهجرة الذي أثاره ترامب في خطابه، يقول عضو الحزب الديمقراطي، إن الرئيس الأمريكي يروج لفكرة أن المهاجرين يأخذون وظائف الأمريكيين، وهو أمر بعيد عن الواقع، في قطاعات الزراعة، والصناعات الغذائية، والبناء، وحتى الخدمات في المدن الكبرى مثل نيويورك ولوس أنجلوس، يعتمد الاقتصاد بشكل كبير على العمال المهاجرين، ما يتجاهله ترامب هو أن انخفاض البطالة يعني حاجة البلاد للمهاجرين بشكل قانوني.

5_5_11zon

وبشأن فرض الرسوم الجمركية، يرى عفيفي، أن الخطاب الذي يتبناه ترامب سيكون له تأثير على العلاقات الدولية إذا تم تطبيقه، فإن فرض رسوم على المنتجات الصينية أو الأوروبية قد يؤدي إلى رد فعل مماثل من قبل هذه الدول، بالإضافة إلى ذلك، أي رسوم تفرض على هذه المنتجات ستنعكس على أسعارها، مما يؤدي إلى زيادة تكلفة المنتجات للمستهلك الأمريكي، ما يشكل تحديًا كبيرًا، لأن الرسوم في النهاية ستكون عبئًا إضافيًا على المستهلك.

ولفت عضو الحزب الديمقراطي، إلى وجود منتجات معينة لا تُنتج في الولايات المتحدة بل يتم تصنيعها في دول أخرى مثل الصين والمكسيك وكندا حيث تكاليف الإنتاج أقل، وبالتالي، سيكون المتأثر الأساسي هو الشركات الأمريكية التي تعتمد على هذه المنتجات، وليس الدول المنتجة نفسها، وفي النهاية يجب تأثيرات هذه السياسات بعناية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان