تحليل: نتنياهو ينقل الحرب إلى الضفة للاحتفاظ بدعم اليمين المتطرف
واشنطن - (أ ب)
بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع غزة حيز التطبيق يوم الأحد الماضي، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية كبيرة في الضفة الغربية المحتلة وهاجم من يشتبه أنهم مستوطنون يهود بلدتين فلسطينيتين.
جاءت موجة العنف الإسرائيلي الجديدة ضد الضفة الغربية في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ضغطا داخليا من جانب حلفائه من اليمين المتطرف بعد موافقته على الهدنة وتبادل إطلاق سراح الأسرى مع حركة حماس.
كما ألغى الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب العقوبات التي فرضها سلفه جو بايدن على مستوطنين إسرائيليين متهمين بارتكاب أعمال عنف في الضفة.
هذا المزيج العنيف يمكن أن ينسف وقف إطلاق النار المفترض استمراره 6 أسابيع على الأقل يتم خلالها إطلاق سراح عشرات الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية مقابل مئات السجناء الفلسطينيين في سجون إسرائيل والذين سيتم إطلاق أغلبهم في الضفة الغربية.
وفي مساء الاثنين الماضي هاجم عشرات الملثمين قريتين فلسطينيتين في شمال الضفة الغربية ورشقوا السكان بالحجارة وأشعلوا النار في عدد من السيارات والمنازل بحسب مسؤولين محليين فلسطينيين، وقالت خدمة الهلال الأحمر الفلسطيني إن 12 شخصا على الأقل أصيبوا في هذه الهجمات.
في الوقت نفسه نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوما عسكريا في منطقة أخرى بالضفة الغربية قائلا إنها كانت ردا على رشق سيارات إسرائيلية بعبوات حارقة، وأضاف أنه تم القبض على عدد من المشتبه بهم الفلسطينيين لاستجوابهم، وأظهر تسجيل فيديو تم تداوله عبر الإنترنت عشرات الأشخاص وهم يسيرون في الشوارع.
وفي يوم الثلاثاء الماضي أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية كبيرة في مدينة ومخيم جنين بشمال الضفة الغربية، حيث اعتاد الجيش اقتحامهما والاشتباك مع المسلحين الفلسطينيين فيهما خلال السنوات الأخيرة وحتى قبل هجوم حركة حماس ضد مستوطنات وقواعد غلاف غزة يوم 7 أكتوبر 2023 الذي فجر حرب غزة الأخيرة التي استمرت حوالي 15 شهرا.
ولقي تسعة فلسطينيين على الأقل حتفهم، بينهم فتى عمره 16 عاما وأصيب حوالي 40 آخرون في الهجوم الإسرائيلي، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه نفذ ضربات جوية وفكك قنابل أرضية وقتل 10 مقاومين، دون أن يوضح ما يعنيه ذلك.
كما كشف السكان الفلسطينيون عن تزايد نقاط التفتيش والحواجز الأمنية الإسرائيلية في مختلف أنحاء الضفة الغربية وهو ما يزيد صعوبة حياتهم.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن عملية جنين جزء من عملية أكبر ضد إيران وحلفائها في المنطقة مضيفا "سنضرب أذرع الأخطبوط حتى تتكسر".
في المقابل يرى الفلسطينيون في مثل هذه العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوسيع المستوطنات، وسيلة لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة التي يعيش فيها حوالي ثلاثة ملايين فلسطيني تحت احتلال إسرائيلي يبدو بلا نهاية، في حين تدير السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب المدن والبلدات الفلسطينية في الضفة.
وترى منظمات حقوق الإنسان الدولية البارزة الاحتلال الإسرائيلي للضفة شكلا من أشكال الفصل العنصري حيث يعيش أكثر من 500 ألف مستوطن يتمتعون بكل الحقوق التي تضمنها الجنسية الإسرائيلية، وهو ما تنفيه إسرائيل.
ويحاول نتنياهو جاهدا إخماد تمرد شركائه في الائتلاف الحاكم من القوميين المتطرفين منذ موافقته على وقف إطلاق النار في غزة، حيث ينص الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من معظم أنحاء القطاع وإطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين ــ بما في ذلك مدانون بالقتل، في مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين أسرتهم حركة حماس في هجوم 7 أكتوبر 2023.
وقد استقال أحد أعضاء التحالف إيتمار بن غفير من الحكومة احتجاجا على وقف إطلاق النار، في حين يهدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالاستقالة إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في أوائل مارس المقبل.
كما يريد اليمين المتطرف المشارك في حكم إسرائيل بضم الضفة الغربية وإعادة بناء المستوطنات في غزة، مع تشجيع أكبر عدد من الفلسطينيين على ما يسمونها بالهجرة الطوعية من فلسطين.
ورغم استقالة بن غفير مازال نتنياهو يتمتع بالأغلبية البرلمانية اللازمة لاستمرار حكومته، لكن خسارة سموتريتش الذي يعتبر أيضا الحاكم الفعلي للضفة الغربية، ستضعف الائتلاف الحاكم بشدة وقد تؤدي إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل.
ويمكن أن ينهي هذا فترة حكم نتنياهو التي استمرت حوالي 16 عاما، وتجعله عرضة بصورة أكبر للمحاكمة بتهم الفساد، وفتح الباب أمام تحقيق عام مستقل في فشل إسرائيل في منع هجوم 7 أكتوبر.
كما أن عودة ترامب ربما تطلق يد المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وكذلك يمكن أن تؤدي عودته إلى إعطاء قبلة حياة محتملة لنتنياهو.
فترامب الذي منح إسرائيل دعما غير مسبوق خلال فترة حكمه الأولى، يحيط نفسه في ولايته الجديدة بمساعدين يدعمون الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وبعضهم يؤيد مزاعم المستوطنين بشأن الحق التوراتي لهم في الضفة الغربية، في حين يعتبر المجتمع الدولي بأغلبية ساحقة هذه المستوطنات غير مشروعة.
وفي حين يدعي ترامب أنه صاحب الفضل في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في الأيام الأخيرة لحكم سلفه بايدن، فإنه قال في وقت سابق من الأسبوع الحالي أنه "غير واثق" في إمكانية استمرار وقف إطلاق النار، مشيرا إلى احتمال منح إسرائيل حرية استئناف الحرب في القطاع بقوله "إنها ليست حربنا، إنها حربهم".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: