لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

محلل سياسي: عودة ترامب تجبر الأوروبيين وتركيا على تعزيز تعاونهما الأمني

11:16 ص الخميس 09 يناير 2025

دونالد ترامب

لندن - (د ب أ)

ينظر الأوروبيون بقلق شديد تجاه مستقبل نظامهم الأمني مع تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يوم 20 يناير الحالي، في ظل تصورات وأفكار ترامب تجاه منظومة الأمن عبر المحيط الأطلسي وفي القلب منها حلف شمال الأطلسي.

ويرى جاليب دالاي الاستشاري الزائر في برنامج مبادرة تركيا و الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، أن عودة ترامب تجعل قضية مستقبل نظام الأمن الأوروبي أكثر إلحاحا، كما تزيد الحاجة إلى تحديد مكان ودور تركيا في هذا النظام بوضوح.

وأضاف أن هذه العودة للرئيس الأمريكي السابق بعد خروجه من البيت الأبيض قبل أربع سنوات قد توفر الزخم المطلوب بشدة للاتحاد الأوروبي وتركيا للانخراط أخيرا في حوارات أكثر جدية بشأن الأمن الأوروبي والتعاون الأوسع نطاقا في السياسة الخارجية والأمنية.

وقد شهدت البيئة الأمنية في أوروبا تحولا جذريا في السنوات الأخيرة؛ فبعد نشوب الحرب الروسية ضد أوكرانيا، تم التخلي عن الفكرة السائدة حول إقامة نظام أمني يضم روسيا لصالح فكرة تضع موسكو بقوة في معسكر الأعداء، وعلى نحو مماثل، أدت حرب غزة وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا إلى تغيير جذري في الجغرافيا السياسية للجوار الأوروبي، سواء في الشرق أو الجنوب.

مثل هذه التغييرات تفرض الحاجة إلى نهج جديد يتعامل مع الأمن الأوروبي بالمعنى الأوسع، ويسد الفجوة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء في الناتو، ومن الضروري إقامة حوار منظم حول الشؤون الخارجية والأمن بين كل من الاتحاد الأوروبي وتركيا وبريطانيا والنرويج، كما ينبغي أن يهدف هذا الحوار في المستقبل، إلى إشراك الدول الأوروبية غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وغير الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" مثل أوكرانيا.

ومازالت روسيا تمثل التهديد الأشد إلحاحا للأمن الأوروبي، ولا يمكن لأوروبا تحمل نظام أمني مناوئ لموسكو ويستبعد تركيا في الوقت نفسه؛ فالبحر الأسود وشرق البحر المتوسط والشرق الأوسط ليست مناطق منفصلة عن المواجهة الروسية الغربية، وإنما تمثل فضاء واحدا، في الوقت الذي تتمدد فيه تركيا في كل هذه المناطق.

ويرى دالاي أن العلاقات التركية الأوروبية، على المستوى الاستراتيجي، شهدت مؤخرا بعض الخطوات الإيجابية؛ ففي أكتوبر الماضي، وافقت برلين على حزمة كبيرة من صادرات الأسلحة إلى أنقرة، بما في ذلك المواد اللازمة لتحديث الغواصات والفرقاطات التركية.

وفي نوفمبر الماضي وبعد تأجيل طويل، سحبت برلين نهائيا، اعتراضها على بيع طائرات يوروفايتر المقاتلة الأوروبية إلى تركيا.

وعلى نحو مماثل، أدى خفض التصعيد في شرق البحر الأبيض المتوسط والتحسن الأخير في العلاقات التركية اليونانية إلى توفير بيئة أكثر ملاءمة للحوار التركي الأوروبي بشأن السياسة الخارجية والأمنية.

وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية نسبيا، تظل هناك قضايا رئيسية قد تعرقل وربما تمنع أي حوار ذي معنى في السياسة الخارجية والأمنية.

أولا، كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي وتركيا مع المنافسة بين القوى العظمى، ولا سيما روسيا والصين، فروسيا تشكل بالنسبة لأوروبا، مصدر قلق أكثر إلحاحا، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بحرب أوكرانيا.

وفي السنوات الأخيرة شهدت العلاقات بين أنقرة وموسكو تقاربا وتناقضات واضحة في وقت واحد، وقد اصطدمت مواقف الدولتين تجاه أربعة صراعات جيوسياسية في سوريا وليبيا وناجورنو كاراباخ وأوكرانيا، وفي ليبيا وناجورنو كاراباخ، كان لتركيا اليد العليا، وهو ما تحقق لها مرة أخرى في سوريا بعد سقوط الأسد، الذي كانت روسيا وإيران من الداعمين الرئيسيين له.

وعندما بدأت موسكو غزوها لأوكرانيا، أغلقت تركيا مضائقها أمام السفن الحربية، مما قلل قدرة روسيا على تدوير سفنها الحربية بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط.

كما كانت تركيا أيضًا من أوائل الدول التي قدمت المعدات العسكرية إلى كييف، بما في ذلك الطائرات بدون طيار المسلحة، وفي وقت لاحق، سلمت فرقاطتين للبحرية الأوكرانية، في حين كانت العديد من الدول الأوروبية، باستثناء دول مثل بولندا، مترددة في البداية في توفير الأسلحة الثقيلة لأوكرانيا.

في الوقت نفسه لم تنضم تركيا إلى العقوبات الغربية ضد روسيا، وتبنت المساعي الدبلوماسية لإنهاء الحرب في البداية، رغم أن جهودها كوسيط سلام لم تسفر عن نتائج.

لكن في الوقت الذي تتزايد فيه احتمالات نشوب خلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا بشأن روسيا وحرب أوكرانيا، فإن الحوار والتعاون بين تركيا وأوروبا والمملكة المتحدة يعد أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنسبة للدول الأوروبية.

وتعتبر تركيا لاعبا رئيسيا في كل المناطق التي تهدد فيها روسيا الأمن الأوروبي، سواء في البحر الأسود، أو غرب البلقان، أو شرق البحر الأبيض المتوسط، في الوقت نفسه أثار سقوط الأسد الشكوك حول مستقبل القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري، إلى جانب القيود التي تفرضها تركيا على حركة المرور في مضيق البسفور، ويعني هذا أن موقف روسيا في شرق البحر الأبيض المتوسط يبدو أكثر خطورة، وبالتالي فإن الوقت قد حان لمزيد من التعاون مع تركيا لتحسين أمن حدود جنوب شرق أوروبا.

وعلى صعيد آخر لا يوجد تباين جوهري بين السياسات الأوروبية والتركية تجاه الصين؛ فالانقسام داخل الاتحاد الأوروبي حال دون صياغة سياسة موحدة، للتعامل مع بكين، حيث لا ترى العديد من الدول الأوروبية أن الصين تشكل تهديدا مباشرا لمصالحها.

لذلك، من المرجح أن يواجه كل من الاتحاد الأوروبي وتركيا مشاكل مع إدارة ترامب، الذي يعتزم الضغط على حلفائه الأوروبيين والأتراك لسياسات بلاده المناوئة للصين وبخاصة على الصعيد التجاري، وبالتالي فمن غير المحتمل أن يثير ملف الصين خلافات كبيرة بين أنقرة وبروكسل في أي وقت قريب.

ويرى دالاي أن هناك سؤالا آخر مهما يتعلق بما إذا كانت أوروبا وتركيا ستتعاونان أم تتنافسان في الجوار المشترك بينهما، فعلى مدى العقد الماضي كان كل من الجانبين ينظر إلى الآخر باعتباره منافسا أكثر منه شريكا، وذلك بسبب التوترات في شرق البحر المتوسط بدرجة كبيرة، ولكن مع تحسن العلاقات التركية الأوروبية والحاجة إلى ضمان ضرورة الانتقال السياسي المنظم في سوريا، يحتاج الجانبان إلى استكشاف السبل لتعزيز التعاون في ملفات الجوار المشتركة.

أخيرا، لا تملك أوروبا سوى الدخول في حوار جاد وبناء من أجل تعزيز التقارب مع تركيا وطي صفحة الخلافات السابقة نظرا لطبيعة التحديات التي ستفرضها عودة ترامب إلى البيت الأبيض على أوروبا، وبخاصة على الصعيد الأمني والجيوسياسي.

كما أن تركيا ستحتاج إلى الدعم الأوروبي إذا ما تصادمت المواقف التركية والأمريكية تجاه العديد من الملفات بسبب تصورات ترامب لهذه الملفات ولما يتوقعه من حلفاء واشنطن بشكل عام.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان