ترامب يصف الرئيس الأوكراني بـ"الدكتاتور"، وزيلنسكي يرد: "الرئيس الأمريكي مُضلَل"
ترامب وزيلنسكي
بي بي سي
شنّ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأربعاء من ولاية فلوريدا، جولة ثانية من الهجمات على نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قائلًا إنه "ديكتاتور بلا انتخابات".
واتهم في تصريحاته التي أثارت صدمة في أوكرانيا، في منشور ناري على موقع إكس (تويتر سابقاَ)، ومنشور آخر على شبكة موقع تروث سوشيال Truth Social، الذي يملكه، بأن زيلينسكي لا يحظى بشعبية قائلًا: "أكره أن أقول ذلك، لكن نسبة تأييده انخفضت إلى 4 في المئة" وانتقد عدم تنظيم الانتخابات وأكد "اختلاس" جزء من المساعدات الأمريكية.
كما ادعى ترامب في المنشور مخاطبًا زيلينسكي "ما كان ينبغي لك أن تبدأها أبدًا"، ويقصد بذلك الحرب.
وجاء الهجوم بعد اتهام الرئيس الأوكراني له بالعيش "في مساحة من التضليل" الروسي، وهي انتقادات تثير مخاوف من حدوث قطيعة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا.
وجاءت، أيضًا، اتهامات ترامب - والتي بدا بعضها وكأنها انعكاس للرواية الروسية الشائعة حول الحرب - بعد ساعات فقط من لقاء المسؤولين الأمريكيين بوفد روسي في الرياض لبدء محادثات لإنهاء الصراع الذي استمر ما يقرب من ثلاث سنوات.
وكان الرئيس الأمريكي قد وجه، الثلاثاء وللمرة الأولى، انتقادات عنيفة لزيلينسكي متهما إياه بأنه "ديكتاتور بلا انتخابات" في تكرار لخطاب الكرملين، إذ لم تنظم أوكرانيا الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر أن تجرى عام 2024 بسبب الحرب.
ورد زيلينسكي على هذه التصريحات بالقول إن الرئيس الأمريكي "يعيش في مساحة من التضليل" الروسي، إذ إنه يكرر تساؤلات الكرملين حول شرعية زيلينسكي والحرب.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) February 19, 2025
وفي رده على تصريحات الأربعاء الأخيرة لترامب، قال زيلينسكي "إن العالم يواجه خيارًا بين التحالف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من ناحية والسلام من ناحية أخرى".
وأشار في خطابه المُصور إلى الوصف الذي وصفه به الرئيس ترامب، بأنه "قام بعمل فظيع". مؤكدًا أن "المستقبل ليس مع بوتين، بل مع السلام. إنه خيار للجميع في العالم، بما في ذلك الأقوى، للوقوف مع بوتين أو مع السلام".
وأوضح زيلينسكي "أعتمد على الوحدة الأوكرانية، وشجاعتنا الأوكرانية، وعلاقاتنا مع الشركاء، ووحدتنا الأوروبية، وعلى براغماتية أمريكا، التي تحتاج إلى النجاح بقدر ما نحتاج إليه جميعًا".
وانتهت ولاية الرئيس الأوكراني في مايو 2024، لكن أوكرانيا لم تنظم انتخابات بسبب الحرب والأحكام العرفية، بالإضافة إلى أن ملايين الأوكرانيين فروا إلى خارج البلاد فيما أصبحت 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية خاضعة للحكم الروسي.
وفي حين أكد ترامب أن واشنطن "قدّمت 350 مليار دولار" لأوكرانيا واتهم زيلينسكي "بعدم معرفة أين ذهبت نصف الأموال"، قدّر معهد كيل الاقتصادي المساعدات الأمريكية بـ 114,2 مليار دولار منذ العام 2022.
ما هي ردود الفعل الروسية والأوروبية على تصريحات ترامب؟
في أول تعليق له على تصريحات ترامب الأخيرة، أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأربعاء، أن دونالد ترامب تلقى "معلومات موضوعية" منذ عودته إلى السلطة.
بينما قال المستشار الألماني، أولاف شولتز، إن وصف ترامب للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي بأنه "ديكتاتور" "خاطئ وخطير".
وأضاف في تصريح لصحيفة دير شبيغل الألمانية "من الخطأ والخطير ببساطة حرمان الرئيس زيلينسكي من شرعيته الديمقراطية".
أما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فقال بعد الاجتماع الذي عقده الأربعاء مع القادة الأوروبيين، إن فرنسا وشركائها "يقفون إلى جانب أوكرانيا" و يتحملون كل المسؤولية لضمان السلام والأمن في أوروبا. مؤكدًا أن أوكرانيا يجب أن تشارك في أي مفاوضات سلام.
فيما قال رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، إن وصف ترامب لزيلينسكي بأنه "ديكتاتور" "غير صحيح". إنه "منتخب ديمقراطيًا".
وأضاف "أعتقد أن لا أحد يريد الانتخابات أكثر من أوكرانيا، لأن الانتخابات تعني أن هناك سلامًا في أوكرانيا وأنهم يستطيعون حكم بلادهم مرة أخرى".
وفي الوقت نفسه، أعلنت الدنمارك عن 50 مليار كرونة (7 مليارات دولار) للإنفاق الدفاعي على مدى العامين المقبلين، مشيرة إلى التهديد المتزايد من روسيا.
وقالت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميت فريدريكسن، للصحفيين إن الرسالة التي أرسلتها إلى جيش بلادها هي "اشتر، اشتر، اشتر" أي المزيد من شراء الأسلحة. وستؤدي هذه الخطوة إلى رفع إجمالي الإنفاق الدفاعي للبلاد إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من نصف قرن.
ما هي حقيقة ادعاءات ترامب؟
قام قسم تقصي الحقائق في بي بي سي، بالتحقق من صحة ادعاءات ترامب.
الادعاء: زيلينسكي "دكتاتور بلا انتخابات"
جاء ادعاء ترامب بأن زيلينسكي "دكتاتور بلا انتخابات" بعد ساعات فقط من تشكيك الكرملين في شرعية زيلينسكي بعد انتهاء فترة ولايته، وهو ادعاء رددته موسكو مرارًا وتكرارًا في الأشهر الماضية. وفي 28 يناير ، وصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، زيلينسكي بأنه "غير شرعي" في مقابلة مع وسائل الإعلام الروسية.
وعلى الرغم من إدراك ترامب أن هذا كان ادعاء روسيا مكررًا يستخدم لتقويض زيلينسكي، إلا أنه قال في مؤتمره الصحفي "هذا ليس شيئًا روسيًا، هذا شيء قادم مني، من دول أخرى".
من جانبه، قال زيلينسكي سابقا إنه سيكون من "غير المسؤول تمامًا" الحديث عن موضوع الانتخابات في خضم الصراع.
وكان زيلينسكي قد فاز بنسبة 73 في المئة من الأصوات في الجولة الثانية من انتخابات عام 2019. وقال مراقبون مستقلون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن الانتخابات كانت "تنافسية واحتُرمت فيها الحريات الأساسية بشكل عام".
وكان من المقرر أن تنتهي ولايته الأولى التي استمرت خمس سنوات في مايو 2024. ولأن أوكرانيا تحت الأحكام العرفية منذ الغزو الروسي في فبراير 2022، فهذا يعني تعليق الانتخابات.
وقد تعهد زيلينسكي بإجراء انتخابات جديدة بمجرد انتهاء الصراع ولم يؤكد بعد نيته الترشح. لاحظ بعض الخبراء أن إجراء انتخابات في أوكرانيا قبل انتهاء الصراع سيكون مستحيلًا عمليًا، حيث تستمر الهجمات الروسية على العديد من المدن ويتم تهجير الملايين من المواطنين إلى الخارج أو العيش تحت الاحتلال الروسي.
الادعاء: بأن "نسبة تأييده انخفضت إلى 4 في المئة"
من غير الواضح ما هو المصدر الذي استشهد به ترامب لأنه لم يقدم أدلة. وقد طلبت بي بي سي من البيت الأبيض توضيح ذلك.
وكما هو معروف فإن استطلاعات الرأي الرسمية محدودة ومن الصعب للغاية إجراء مسوحات دقيقة خلال وقت الحرب. إذ فر الملايين من الأوكرانيين من البلاد ويخضع حوالي خمس البلاد حاليا للحكم الروسي.
ومع ذلك، تمكنت بعض الجهات من إجراء بعض الاستطلاعات عبر الهاتف. فقد وجد استطلاع أجري في شهر فبراير الجاري أن 57 في المئة من الأوكرانيين قالوا إنهم يثقون بالرئيس، وفقا لمعهد كييف الدولي لعلم الاجتماع ومقره أوكرانيا.
ومع ذلك، انخفض هذا من 77 في المئة في نهاية عام 2023، و90 في المئة في مايو 2022 - ما يشير إلى أن زيلينسكي عانى من انخفاض في شعبيته.
الادعاء: بأن زيلينسكي بدء الحرب
أعربت السلطات الأوكرانية عن استيائها لعدم مشاركتها في المحادثات الأمريكية الروسية التي انطلقت الثلاثاء، في العاصمة السعودية الرياض. لكن ترامب رفض هذه المخاوف، وقال للصحفيين إن أوكرانيا كان لديها ثلاث سنوات لإنهاء الحرب. مضيفا "كان ينبغي لك ألا تبدأ الحرب أبدًا"، وهو الأمر الذي اتهم الكرملين به أوكرانيا سابقًا ببدء الحرب ضد روسيا.
وكان الرئيس بوتين قد قال في لقاء تلفزيوني مع مضيف البرامج الحوارية الأمريكي، تاكر كارلسون، في فبراير 2024 "هم من بدأوا الحرب في عام 2014. هدفنا هو وقف هذه الحرب. نحن لم نبدأ هذه الحرب في عام 2022".
وقد ضمت روسيا شبه جزيرة القرم إليها في عام 2014. وجاء ذلك بعد الإطاحة بالرئيس الأوكراني السابق الموالي لروسيا من خلال المظاهرات الشعبية.
كما دعمت روسيا القوات بالوكالة التي استولت على مناطق في شرق أوكرانيا، واتهمت الحكومة الجديدة في كييف بالتمييز والإبادة الجماعية ضد الناطقين بالروسية. رفضت محكمة العدل الدولية، الخارجية، مزاعم موسكو.
وبعد فشل الاتفاقات التي تهدف إلى إنهاء الصراع بعد عام 2014 - بدأت روسيا في حشد قوات ضخمة على حدودها مع أوكرانيا في أواخر عام 2021. ليشن بوتين غزوًا في 24 فبراير 2022، مشيرًا إلى أن هدف العملية هو "نزع السلاح وإزالة النازية" من حكومة فولوديمير زيلينسكي الموالية للغرب ومنع البلاد من الانضمام إلى الناتو.
وكان مسؤولون في حلف شمال الأطلسي قد قالوا في عام 2021 إن أوكرانيا مرشحة للانضمام إلى التحالف الغربي في المستقبل، إلا أنها لم تكن جزءًا من أي عملية رسمية.
فيديو قد يعجبك: