إعلان

"المعادن النادرة" تشعل الأزمة بين أمريكا وأوكرانيا من جديد

03:47 م الثلاثاء 01 أبريل 2025

ترامب وزيلينسكي

كتبت- سلمى سمير:

يدخل الاتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا حول صفقة المعادن مرحلة من التوتر، حيث يواجه الطرفان صعوبة في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن شروط الصفقة، وذلك في الوقت الذي يركز فيه الاتفاق على الاستثمار في المعادن النادرة في أوكرانيا، والتي تعد ضرورية للصناعات الحديثة وورقة ضغط تلعب بها كييف في اتفاق وقف إطلاق النار للحرب المستمرة منذ 3 سنوات مع روسيا.

ازدادت أزمة الاتفاق تعقيدًا بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمحاولة التلاعب بشروط الصفقة، والتحذير من عواقب وخيمة في حال رفض زيلينسكي التوقيع على الاتفاق، مشيرًا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تجميد الدعم الأمريكي لأوكرانيا في وقت حرج.

صورة 1

أهمية المعادن النادرة

يركز الاتفاق على استخراج وتصدير المعادن النادرة التي تُستخدم في صناعة التكنولوجيا الحديثة، مثل البطاريات للسيارات الكهربائية، والأجهزة الإلكترونية، وغيرها من التطبيقات التي تعتمد على المعادن الاستراتيجية. وقد أدى تزايد الطلب العالمي على هذه المعادن في السنوات الأخيرة إلى جعل أوكرانيا، التي تمتلك احتياطيات ضخمة منها، هدفًا استراتيجيًا للقوى الكبرى. ومع ذلك، فإن هذه الصفقة تواجه مقاومة شديدة داخل أوكرانيا، حيث يعتقد البعض أن الولايات المتحدة قد تسعى للاستحواذ على الموارد الطبيعية الأوكرانية بأسعار غير عادلة.

وتُعد المعادن النادرة، مثل الليثيوم، النيوديميوم، الجرافيت، والتيتانيوم، من المكونات الأساسية التي تعتمد عليها الصناعات التكنولوجية المتقدمة، بما في ذلك صناعة السيارات الكهربائية، الأجهزة الذكية، والأنظمة الدفاعية، حيث تلعب هذه المعادن دورًا محوريًا في التكنولوجيا الخضراء، مما يجعلها حيوية للتنمية الاقتصادية والأمن القومي للدول الصناعية الكبرى.

صورة 2

وتمتلك أوكرانيا احتياطيات ضخمة من هذه المعادن، حيث تضم 22 من أصل 34 معدنًا صنفها الاتحاد الأوروبي على أنها "حيوية للأمن الوطني والتنمية الاقتصادية". وبحسب معهد الجيولوجيا الأوكراني، تمتلك كييف أحد أكبر احتياطيات الليثيوم في أوروبا، وهو عنصر ضروري لصناعة البطاريات القابلة لإعادة الشحن، التي تُستخدم في السيارات الكهربائية وأجهزة التخزين الطاقي المتقدمة.

كما تحتوي أوكرانيا على كميات كبيرة من الجرافيت، حيث تشكل احتياطياتها نحو 20% من المخزون العالمي، إلى جانب التيتانيوم، الذي كان يمثل 7% من الإنتاج العالمي قبل اندلاع الحرب.

صورة 3

تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على استغلال المعادن النادرة

مع استمرار الحرب منذ ثلاث سنوات، فقدت أوكرانيا السيطرة على حوالي 40% من مواقع المعادن النادرة، بسبب التقدم العسكري الروسي في بعض المناطق الشرقية والجنوبية الغنية بهذه الموارد. ويُعقد هذا الواقع الجيوسياسي أي محاولات مستقبلية لاستغلال تلك الثروات، حيث تواجه كييف تحديات كبيرة في تأمين مواقع التعدين وتشغيلها بفعالية.

وبالتالي، فإن الحرب لم تؤثر فقط على إنتاج الطاقة والصناعة الأوكرانية، بل وضعت أيضًا مستقبل المعادن النادرة في مهب الريح، مما قد ينعكس على سلاسل التوريد العالمية، لا سيما في أوروبا، التي تسعى لتقليل اعتمادها على المصادر الخارجية، خاصة الصين، في تأمين هذه المعادن الحيوية.

صورة 4

التوترات بين ترامب زيلينسكي

اتهم الرئيس الأمريكي، زيلينسكي بمحاولة تعديل شروط الاتفاق بما يتناسب مع المصالح الأوكرانية، مما يعكس صراعًا خفيًا بين طموحات أوكرانيا وحسابات الولايات المتحدة الاقتصادية، وهو ما يأتي في وقت يواجه فيه زيلينسكي ضغوطًا داخلية نتيجة الحاجة الماسة لدعم اقتصادي في ظل الحرب المستمرة والدمار الكبير الذي لحق بالاقتصاد الأوكراني، إضافة لذلك فإن الموافقة على الاتفاق يضع كييف في وجهة نظر معارضي الصفقة تحت وطأة الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، بحسب "وكالة أنباء "تاس" الروسية".

وقد جاءت الاتهامات والاعتراضات التي وجهها ترامب بشأن احتمال رفض أوكرانيا للاتفاق في وقت حساس للغاية بالنسبة لأوكرانيا. ففي حال تم رفض الصفقة، ستتعرض العلاقات الثنائية لضغوط كبيرة، كما سيتأثر الدعم العسكري والاقتصادي الأمريكي لأوكرانيا، وهو ما يراه البعض تهديدًا للسيادة الأوكرانية. من جانب آخر، أبدت بعض الفصائل الأوكرانية اعتراضات شديدة على الاتفاق، معتبرةً أنه بمثابة استغلال للموارد الوطنية لصالح الشركات الأمريكية، مما قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية خطيرة في المستقبل، وذلك بحسب وكالة أنباء "بلومبرج".

صورة 5

الأبعاد الاقتصادية والتهديدات لسوق المعادن العالمي

إذا تم تنفيذ الاتفاق بالكامل، فمن المتوقع أن يمتد تأثيره إلى أسواق المعادن العالمية. فإلى جانب أوكرانيا، تواجه العديد من الدول تحديات مماثلة في إدارة مواردها الطبيعية، إضافة إلى أن زيادة الهيمنة الأمريكية على قطاع المعادن النادرة في أوكرانيا قد يؤدي إلى أزمة حادة في إمدادات المعادن الضرورية للصناعات الحديثة، مما قد يفاقم التوترات في الأسواق العالمية. ومع ذلك، فإن أوكرانيا بحاجة ماسة إلى هذه الاستثمارات لتحديث بنيتها التحتية وتعزيز قطاع التعدين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، وذلك بحسب "ذا جلوبال بانك آند فاينانس".

صورة 6

من جهة أخرى، يهدف الاتفاق إلى تعزيز الشراكة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا عبر توسيع التواجد الأمريكي في قطاع المعادن الأوكراني، وهو ما تعتبره واشنطن خطوة ضرورية لمساعدة كييف على بناء قدرة اقتصادية طويلة الأمد، مع ضمان الأمن القومي الأمريكي في ما يخص هذه الموارد الاستراتيجية. ومع ذلك، يواجه هذا التوجه معارضة قوية داخل الأوساط السياسية الأوكرانية، حيث يرى البعض أن الاتفاق قد يشكل تهديدًا لمستقبل البلاد الاقتصادي وسيادتها على مواردها الطبيعية.

ورغم الضغوط الأمريكية، أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن استعداده للعمل على تعديل شروط الصفقة بما يحقق المصالح الوطنية الأوكرانية بشكل أفضل. ووفقًا لتصريحات وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيها، فإن أوكرانيا ملتزمة بالحفاظ على سيادتها الاقتصادية وضمان تحقيق أقصى استفادة من مواردها الطبيعية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان