إعلان

هل تستطيع الهند وقف تدفّق مياه نهر السند إلى باكستان؟

10:48 م الجمعة 25 أبريل 2025

هل تستطيع الهند وقف تدفّق مياه نهر السند إلى باكست

بي بي سي

هل يمكن للهند إيقاف تدفق مياه نهر السند واثنين من روافده إلى باكستان؟ هذا السؤال يشغل بال الكثيرين بعد أن أوقفت الهند معاهدة رئيسية كانت تنظم تقاسم مياه ستة أنهار في حوض نهر السند بين البلدين، وذلك في أعقاب الهجوم المروع الذي وقع يوم الثلاثاء في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية.

نجحت معاهدة مياه نهر السند لعام 1960 في الصمود خلال حربين بين الدولتين النوويتين، واعتُبرت مثالاً في إدارة المياه عبر الحدود.

ويأتي تعليق المعاهدة ضمن عدة خطوات اتخذتها الهند ضد باكستان، متهمةً إياها بدعم الإرهاب العابر للحدود، وهو ما تنفيه إسلام آباد بشكل قاطع. من جانبها، ردّت الهند بإجراءات مماثلة ضد نيودلهي، مؤكدةً أن وقف تدفق المياه "سيُعتبر عملاً حربياً".

حددت المعاهدة أن الأنهار الثلاثة الشرقية- رافي، وبياس، وسوتليج - ستكون من نصيب الهند، بينما خصصت 80 في المئة من مياه الأنهار الثلاثة الغربية- السند، وجيلوم، وتشيناب- لباكستان.

اندلعت خلافات في الماضي عندما اعترضت باكستان على بعض مشاريع الطاقة الكهرومائية والبنية التحتية المائية الهندية، بحجة أنها ستقلل من تدفقات الأنهار وتنتهك المعاهدة. (حيث يعتمد أكثر من 80 في المئة من الزراعة في باكستان وحوالي ثلث طاقتها الكهرومائية على مياه حوض نهر السند).

1

وفي نفس الوقت، تسعى الهند إلى مراجعة وتعديل المعاهدة، مبررة ذلك بالاحتياجات المتغيرة، من الري ومياه الشرب إلى الطاقة الكهرومائية، في ضوء عوامل مثل تغير المناخ.

خلال السنوات الماضية، سعت باكستان والهند إلى اتباع سبل قانونية مختلفة بموجب المعاهدة التي رعاها البنك الدولي.

لكن هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها أي من الجانبين عن تعليق تدفق المياه، ومن الجدير بالذكر أن الهند كونها الدولة الواقعة أعلى النهر، تتمتع بميزة جغرافية تمنحها الأفضلية.

لكن ما الذي يعنيه تعليق المشروع؟ هل بإمكان الهند حجز مياه حوض نهر السند أو تحويل مسارها، مما يحرم باكستان من شريان حياتها؟ وهل هي قادرة على القيام بذلك فعلاً؟

يشير الخبراء إلى أنه من المستبعد أن تتمكن الهند من حجز عشرات المليارات من الأمتار المكعبة من المياه من الأنهار الغربية خلال فترات ارتفاع منسوب المياه، نظراً لافتقارها للبنية التحتية الكبيرة اللازمة لتخزين المياه والقنوات الواسعة الضرورية لتحويل هذه الكميات.

قال هيمناشو ثاكار، خبير الموارد المائية الإقليمي في شبكة جنوب آسيا للسدود والأنهار والشعوب، إن "البنية التحتية التي تمتلكها الهند تتكون في الغالب من محطات الطاقة الكهرومائية التي تولد الكهرباء من النهر ولا تتطلب تخزيناً ضخماً للمياه".

تستخدم محطات الطاقة الكهرومائية قوة المياه الجارية لتدوير التوربينات وتوليد الكهرباء، دون الحاجة إلى احتجاز كميات كبيرة من المياه.

يقول الخبراء الهنود إن البنية التحتية غير الكافية حالت دون تمكن الهند من استغلال حصتها بالكامل، التي تبلغ 20 في المئة من مياه جيلوم وتشيناب وإندوس وفقاً للمعاهدة. ويعتبرون هذا هو السبب الرئيسي لدعوتهم لإنشاء بنى تحتية لتخزين المياه، وهو ما تعارضه باكستان مستشهدةً بأحكام المعاهدة.

قال ثاكار: "على عكس الماضي، لن تكون الهند الآن ملزمة بمشاركة وثائق مشاريعها مع باكستان".

2

لكن التحديات مثل التضاريس الوعرة والاعتراضات الداخلية في الهند على بعض مشاريعها تعني أن تطوير البنية التحتية للمياه في حوض نهر السند لم يتقدم بالسرعة الكافية.

بعد الهجوم الذي شنه مسلحون في الجزء الخاضع لإدارة الهند من كشمير في عام 2016، صرح مسؤولون في وزارة الموارد المائية الهندية لبي بي سي أنهم سيسرعون في بناء العديد من السدود ومشاريع تخزين المياه في حوض نهر السند.

ورغم غياب المعلومات الرسمية حول حالة هذه المشاريع، تشير المصادر إلى أن التقدم كان محدوداً.

كتب حسن ف. خان، الأستاذ المساعد في السياسة البيئية الحضرية والدراسات البيئية بجامعة تافتس، في صحيفة "داون": "القلق الأكبر هو ما يحدث في موسم الجفاف. عندما تكون التدفقات عبر الحوض أقل، تصبح أهمية التخزين أكبر ويصبح التوقيت أكثر حساسية".

وأضاف: "في هذا السياق، قد يبدأ الشعور بغياب قيود المعاهدات بشكل أكثر وضوحاً".

3

تنص المعاهدة على أن تقوم الهند بمشاركة البيانات الهيدرولوجية مع باكستان، وهي بيانات أساسية للتنبؤ بالفيضانات والتخطيط للري والطاقة الكهرومائية ومياه الشرب.

صرح براديب كومار ساكسينا، المفوض السابق لهيئة المياه في الهند لمدة تزيد عن ست سنوات، لوكالة أنباء "برس ترست أوف إنديا" أن الهند بإمكانها الآن التوقف عن مشاركة بيانات الفيضانات مع باكستان.

تشهد المنطقة فيضانات مدمرة خلال موسم الرياح الموسمية، الذي يمتد من يونيو/ حزيران، إلى سبتمبر/ أيلول. ومع ذلك، أفادت السلطات الباكستانية بأن الهند تشارك فقط بيانات هيدرولوجية محدودة للغاية.

وقال شيراز ميمون، المفوض الإضافي الباكستاني السابق لمعاهدة مياه نهر السند، لبي بي سي: "كانت الهند تشارك حوالي 40 في المئة فقط من البيانات حتى قبل إعلانها الأخير".

هناك قضية أخرى تُثار في كل مرة تنشأ توترات متعلقة بالمياه في المنطقة، وهي ما إذا كانت الدولة الواقعة في أعلى النهر قادرة على "تسليح" المياه ضد الدولة الواقعة أسفل النهر.

يُعرف هذا المفهوم بـ "القنبلة المائية"، حيث يمكن للدولة الواقعة أعلى النهر حجز المياه مؤقتاً ثم إطلاقها فجأة دون تحذير، مما يسبب أضراراً كبيرة في مجرى النهر.

هل تستطيع الهند أن تفعل ذلك؟

يقول الخبراء إن الهند ستخاطر أولاً بإغراق أراضيها نظراً لبُعد سدودها عن الحدود الباكستانية. ومع ذلك، قد تتمكن الآن من تصريف المياه من خزاناتها فجأة، مما قد يسبب أضراراً في باكستان.

كيف يُشعل نقص المياه فتيل الحروب؟

تحمل أنهار الهيمالايا، مثل نهر السند، كميات كبيرة من الطمي، الذي يتراكم بسرعة في السدود والحواجز المائية. ويمكن أن يؤدي التسرب المفاجئ لهذا الطمي إلى حدوث أضرار كبيرة في مجرى النهر.

في حين تظهر الصورة الأوسع أن الهند تقع في أسفل مجرى نهر براهمابوترا الذي ينبع من الصين، بينما ينبع نهر السند من التبت.

في عام 2016، بعد تحذير الهند بأن "الدم والماء لا يمكن أن يتدفقا معاً" عقب هجوم مسلح في الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير، قامت الصين بحظر أحد روافد نهر يارلونغ تسانجبو، الذي يصبح نهر براهمابوترا في شمال شرق الهند، كجزء من مشروع للطاقة الكهرومائية.

صرحت الصين، حليفة باكستان، بأنها اتخذت هذا القرار لضرورته لمشروع طاقة كهرومائية كانت تبنيه قرب الحدود. لكن توقيت هذه الخطوة اعتُبر بمثابة تدخّل من بكين لمساعدة إسلام آباد.

بعد بناء عدة محطات للطاقة الكهرومائية في التبت، أعطت الصين الضوء الأخضر لبناء أكبر سد في العالم على الروافد السفلى لنهر يارلونغ تسانجبو.

وتدّعي بكين أن التأثير البيئي سيكون محدوداً، لكن الهند تخشى أن يمنح ذلك الصين سيطرة كبيرة على تدفق النهر.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان