بعد فشل الغرب في حماية أوكرانيا.. كيف تتجهز تايوان لحرب محتملة مع الصين؟
علم تايوان
واشنطن - (د ب أ)
منذ قيامها بعد الحرب العالمية الثانية، تواجه تايوان خطرا وجوديا بسبب عدم اعتراف جارتها الكبرى الصين باستقلالها واعتبارها إقليما منشقا تطالب باستعادة السيادة عليه. وطوال العقود الماضية اعتمدت تايوان على تحالفها مع الولايات المتحدة لضمان بقائها.
لكن منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 وفشل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة في ردع موسكو، تزايدت مخاوف تايوان من تكرار سيناريو الغزو من جانب الصين، لذلك تقوم حاليا بتكوين ترسانة ضخمة من الصواريخ استعدادا لأي حرب مع بكين.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، استعرض المحلل العسكري الأمريكي براندو وايكيرت، محرر شؤون الأمن القومي في المجلة ستة صواريخ يعتبرها الأخطر في الترسانة التايوانية.
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا كشف معهد تشونج شان الوطني للعلوم والتكنولوجيا وهو شركة تصنيع أسلحة مملوكة للدولة في تايوان تحمل هذا الاسم الغريب بعض الشيء - عن خططه لإنتاج 1000 صاروخ سنويًا في المتوسط بين عامي 2022 و2026.
في عام 2022، وردا على تأجيل الولايات المتحدة توريد صواريخ لتايوان لمدد تراوحت بين 18 و29 شهرًا، حصل المعهد على عقود من الحكومة التايوانية بقيمة 7.4 مليار دولار أمريكي لتطوير صواريخ محلية الصنع من شأنها المساعدة في الدفاع عن الجزيرة ضد غزو صيني وشيك.
وقال وايكيرت إن أي دولة تسعى إلى تطوير قاعدة صناعية دفاعية محلية من الصفر تكافح لتحقيق مثل هذه الأهداف النبيلة، لأنها تواجه صعوبة في الحصول على المواد والبنية التحتية اللازمة لدعم قاعدة صناعية عسكرية محلية متينة، وبالتالي موثوقة.
لكن تايوان تعتبر حالة فريدة، في هذا السياق، إذ تمتلك صناعة متطورة للغاية للرقائق الدقيقة ومكوناتها الإلكترونية الأخرى التي تعتبر ضرورية لإنتاج أسلحة متطورة كالصواريخ.
ومن المعروف أن الحصول على هذه المكونات بأعداد كبيرة أمرٌ بالغ الصعوبة، ولذلك، تُواجه معظم الدول التي تسعى إلى تطوير قدرات صاروخية محلية صعوبةً في إنتاجها، لكن تايوان هي مركز رئيسي لتصنيع أشباه الموصلات في العالم، وهو ما يمنحها ميزة كبيرة في هذا الصدد.
وبنهاية 2024 أنتجت شركة معهد تشونج شان الوطني للعلوم والتكنولوجيا أكثر من 1000 صاروخ، ومن المقرر إنتاج 1000 صاروخ أخرى خلال العام الحالي.
ويقول جوناثان هارمان من معهد جلوبال تايوان للدراسات، إن معدل إنتاج الصواريخ التايوانية لعام 2024 متقدم عن الموعد المحدد بعامين - وهو معدل إنتاج لا يمكن تصوره بالنسبة لشركات السلاح الأمريكية.
وبفضل زيادة الاعتماد على الأنظمة الآلية في خطوط الإنتاج التايوانية، أقامت الشركة 16 خط إنتاج ضخم لأنظمة صاروخية وطائرات بدون طيار متعددة ومهمة، ويشمل إنتاج الشركة الطائرة بدون طيار الانقضاضية "تشيان هسيانج" والصاروخ "وان شين" جو- سطح، والصاروخ "هسيونج شينج" سطح- سطح، ونظام الدفاع الصاروخي "تيان كون ثري"، والصاروخ "تيان شين تو"، والصاروخ "هسيونج فنج ثري" المضاد للسفن.
ستكون كل هذه الأنظمة القتالية أساسية لتايوان في التصدي لما يعتقد العديد من الخبراء أنه الغزو الصيني الوشيك لتايوان.
وقد تم تصميم الطائرة المسيرة "تشيان هسيانج" التايوانية الانقضاضية لتدمير الرادارات الصينية؛ فهي طائرة مراوغة مضادة لأشعة الرادارات وكُشف النقاب عنها لأول مرة عام 2017 في معرض تايبيه لتكنولوجيا الفضاء والدفاع، ويهدف هذا النظام إلى تعزيز قدرات تايوان في الحرب غير المتكافئة، لا سيما في مواجهة أنظمة الرادار والدفاع الجوي التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني.
ويصل مدى الطائرة تشيان هسيانج إلى 621 ميلا، وهو ما يعني قدرتها على الوصول إلى محطات الرادار على امتداد الساحل الجنوبي الشرقي أو الأصول البحرية للصين، إذا أرادت تايوان حقاً إثارة غضب الصين، فبإمكانها حتى تزويد القوات في جزر ماتسو أو كينمن بهذه الطائرات المسيرة، والضرب في أعماق بر الصين الرئيسي الصيني.
ويمكن للطائرة أن تحلق لمدة تصل إلى خمس ساعات، لتستطيع القيام بدوريات وانتظار الإشارات التي ترسلها محطات الرادار التي تستهدفها لتتجه إليها بدقة، علاوة على ذلك، تستطيع الطائرة الانقضاض على الهدف بسرعة تصل إلى 373 ميلاً في الساعة مما يجعل التصدي لها صعبا.
أما صاروخ وان تشين التايواني فيمكنه إلحاق دمار هائل بأي قوة غازية.
ويعني اسم هذا الصاروخ "10 آلاف سيف" وهو صاروخ، جو-أرض، كروز أقل من سرعة الصوت، ويعزز قدرات تايوان على توجيه ضربات دقيقة بعيدة المدى، بدأ تطوير هذا النظام الفتاك حوالي عام 2000، وهو مستوحى من الأنظمة الأمريكية، مثل سلاح المواجهة المشترك أيه.جي.إم 154 وصواريخ ستورم شادو البريطانية والفرنسية التي تستخدمها أوكرانيا الآن ضد روسيا.
يتراوح مدى وان تشين بين 124 و149 ميلًا، ويستطيع ضرب معظم أنظمة الدفاع الجوي الصينية على طول الساحل الجنوبي الشرقي، وهناك صاروخ وان تشين تو واسع المدى قيد التطوير، قادر على ضرب التهديدات الصينية من مسافة تصل إلى 249 ميلًا من مواقع إطلاقها.
الصاروخ الثالث في الترسانة التايوانية المحلية هو صاروخ سطح-سطح هسيونج شينج، وهو العمود الفقري للقوة الصاروخية التايوانية؛ فهذا الصاروخ الكروز بعيد المدى، ويعني اسمه "الصعود الشجاع"، هو نسخة ممتدة المدى من صواريخ هسيونج فنج تو.إي المصممة لضرب أهداف صينية بعيدة، ويشبه صاروخ توماهوك الكروز الأمريكي.
وتنتج تايوان ثلاث فئات منه، الأولى بمدى يتراوح بين 310 و435 ميلا، والثانية بمدى 621 و746 ميلا أما الثالثة فيصل مداها إلى 3100 ميل وهو ما يعني قدرتها على الوصول إلى أي هدف في الصين.
ويحمي نظام الدفاع الجوي تيان كونج ثري سماء تايوان، ويُعد نظام تيان كونج 3، المعروف اختصارًا باسم تي.كيه ثري، حجر الزاوية في شبكة الدفاع الجوي التايوانية القوية، وهو مصمم لمواجهة مجموعة واسعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة الصينية، وصواريخ كروز، والصواريخ المضادة للإشعاع، والصواريخ الباليستية التكتيكية قصيرة المدى، وسيلعب هذا النظام دورًا محوريًا في الاستراتيجية الدفاعية التايوانية حالما يبدأ أي غزو صيني.
ويطلق الصاروخ تي.كيه ثري عموديا وهو مزود بأربع زعانف ذيل ورأس حربية موجهة مزود بشظايا عالية الطاقة، مما يضمن احتمالية إصابة عالية بطلق واحد، ويتراوح مدى الصاروخ بين 28 و124 ميلا، رغم أن المدى الفعال هو غالبا في حدود 43 ميلا.
خامس صواريخ الترسانة التايوانية هو الصاروخ جو –جو تيان شين تو (تي.سي تو) الذي يتم إطلاقه من الطائرات المقاتلة، ويستهدف السماح لسلاح الجو التايواني بالتعامل مع الطائرات المعادية خارج مجال الرؤية، ويصل مدى النموذج الأساسي إلى 37 ميلا، في حين يصل مدى الفئة الأخرى منه تي.سي-تو سي إلى 62 ميلا من نقطة إطلاقه، أما سرعته فتصل إلى حوالي 3045 ميلا في الساعة بالنسبة للفئة الأساسية، وحوالي 4587 ميلا في الساعة للصاروخ تي.سي-تو سي.
أخيرا يأتي الصاروخ هسيونج فينج ثري المضاد للسفن الذي يستطيع حماية شواطئ تايوان، وهذا الصاروخ أسرع من الصوت، ويستطيع مهاجمة السفن والأهداف البرية، ويصل مداه إلى 249 ميلا وسرعته تتراوح بين 1905 و2667 ميلا، وهذا الصاروخ منخفض المسار يطير فوق سطح البحر ويستطيع تجنب الرصد الراداري وأنظمة الدفاع الجوي التي يمكن أن تتصدى له.
ويختتم وايكيرت مؤلف كتاب "الفوز بالفضاء: كيف تبقى أمريكا قوة عظمى"، تحليله بالقول إن تايوان ستكون الطرف الأضعف في أي مواجهة مع الصين، لكنها تبذل أقصى ما في وسعها لكي تجعل من المستحيل على جارتها الأكبر التهامها.
وبفضل مكانة تايوان كأكبر مُنتج لأشباه الموصلات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الدقيقة في العالم، ضمنت تايبيه لنفسها فرصةً قويةً للتصدي أي غزو صيني - ولو لفترةٍ وجيزة، وستكون ترسانة الصواريخ الستة مكونا أساسيا في حائط الصد التايواني ضد أي هجوم صيني؛ لذلك فإن امتلاك تايوان لأعداد كبيرة منها سيجبر الصين على الأقل إلى التفكير أكثر من مرة قبل الإقدام على غزو الجزيرة.
فيديو قد يعجبك: