تصعيد مرتقب.. كيف تستعد الهند لاحتمالية هجوم باكستاني قوي بعد أحداث الأربعاء؟
اندلاع الحرب بين الهند وباكستان
القاهرة- مصراوي
دوت صفارات الإنذار من الغارات الجوية في العديد من المناطق في الهند بعد ظهر يوم الأربعاء، بعد أن تعهدت باكستان بالرد على الضربات الصاروخية الهندية التي نُفذت في وقت سابق من اليوم. وكانت الصفارات جزءًا من تدريبات الاستعداد الوطنية التي تجريها الهند، في وقت كانت باكستان تدرس فيه ردها على الضربات، بينما أودى العنف عبر الحدود المتنازع عليها بين البلدين بحياة مزيد من الأشخاص.
أطلقت الهند صواريخ على كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية وعلى أراضٍ باكستانية في عدة مواقع في وقت مبكر من صباح الأربعاء. وارتفعت حصيلة القتلى إلى ما لا يقل عن 35 شخصًا، بحسب مسؤولين باكستانيين. وتقول الهند أيضًا إن هناك ضحايا من النيران الباكستانية في الجزء الخاضع لسيطرتها من كشمير.
ووصف زعيم باكستان وابل الصواريخ بأنه عمل حربي.
وقالت الهند إنها استهدفت بنى تحتية يستخدمها مسلحون مرتبطون بمجزرة السياح التي وقعت الشهر الماضي، في الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير، وهي منطقة جبلية متنازع عليها خاضت الدولتان الجارتان المسلحتان نوويًا حربين بسببها.
وقالت باكستان إن 26 شخصًا قُتلوا في الضربات الصاروخية، وخمسة آخرين في تبادل نيران المدفعية على طول "خط السيطرة" الذي يفصل بين البلدين في كشمير. فيما قالت باكستان إنها أسقطت عدة طائرات هندية ردًا على الهجوم، بما في ذلك ثلاث طائرات مقاتلة من طراز متطور "رافال". وسقطت اثنتان من هذه الطائرات في قرى في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وسقطت الثالثة في ولاية البنجاب شمال الهند.
توفي ظل تصاعد التوتر بين الهند وباكستان منذ الهجوم الإرهابي الذي قتل فيه مسلحون 26 شخصًا، معظمهم من السياح الهندوس الهنود، في مرج شهير في كشمير، حيث تم قتل الرجال أحيانًا أمام زوجاتهم. وحمّلت الهند باكستان مسؤولية دعم الهجوم، وهو ما نفته إسلام آباد.
ومع تصاعد التوتر يوم الأربعاء، أجرت الهند تدريبات أمنية لتحضير قوات الأمن والمسعفين والمدنيين لاحتمال شن باكستان لهجوم مضاد. كما أجرت تدريبات على انقطاع التيار الكهربائي الجماعي، ومحاكاة لعمليات إخلاء جماعي في جميع أنحاء البلاد.
وخططت عدة ولايات هندية لإجراء تدريبات دفاع مدني يوم الأربعاء، بحسب وزارة الداخلية، لتدريب المدنيين ورجال الأمن على الاستجابة لأي "هجمات عدائية"، حسبما جاء في بيان الوزارة. ونادرًا ما تُجرى مثل هذه التدريبات في الهند في أوقات غير الأزمات.
كشمير، التي تنقسم بين الهند وباكستان وتطالب كل منهما بها بالكامل، كانت محور التوتر لعدة عقود.
وأدان رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف الضربات الجوية يوم الأربعاء، وقال في وقت سابق إن بلاده سترد في الوقت الذي تختاره.
وقال شهباز شريف إن: "لدى باكستان كل الحق في الرد القوي على هذا العمل الحربي الذي فرضته الهند، وسيتم بالفعل الرد بقوة".
واجتمعت لجنة الأمن القومي الباكستانية صباح الأربعاء، واستدعت باكستان القائم بالأعمال الهندي للاحتجاج.
وفي تحذير أمني نُشر على الإنترنت الأربعاء، قالت البعثة الدبلوماسية الأمريكية في باكستان إنها على علم بتقارير عن ضربات هندية في البلاد، مضيفة أنه "وضع يتطور، ونحن نتابع التطورات عن كثب."
وأشار التحذير إلى النصيحة المستمرة للمواطنين الأمريكيين بعدم السفر إلى المناطق القريبة من الحدود بين الهند وباكستان وخط السيطرة بسبب الإرهاب واحتمال اندلاع صراع مسلح، بالإضافة إلى دعوة أوسع لـ"إعادة النظر في السفر" إلى باكستان بشكل عام.
وأُغلق المجال الجوي الباكستاني وأُلغيت العديد من الرحلات الجوية.
وجاء في التحذير، إلى جانب عدد من التوصيات الأخرى: "ننصح المواطنين الأمريكيين بمغادرة مناطق النزاع النشط إذا استطاعوا القيام بذلك بأمان، أو البقاء في أماكنهم".
لكن كان هناك بعض الأمل في التهدئة، إذ أفادت وسائل الإعلام الباكستانية أن المطارات في إسلام آباد ولاهور وكراتشي أعيد فتحها يوم الأربعاء، بعد أن تم تعليق جميع الرحلات خلال الليل. ولم تؤكد السلطات الباكستانية على الفور رفع القيود على حركة الطيران.
وقال الدكتور والي خان، أحد الركاب، لمراسل CBS News الأمريكية عبر الهاتف من مطار إسلام آباد الدولي صباح الأربعاء، إن استئناف الرحلات الجوية جعله يشعر براحة أكبر بعد تصاعد التوتر ليلًا.
وفي الهند، عقد رئيس الوزراء ناريندرا مودي اجتماعًا خاصًا للجنة الأمن الوزارية. وقال مصدر لوكالة رويترز إن مودي أرجأ رحلته إلى كرواتيا وهولندا والنرويج.
ومن جانبه، قال محلل شؤون جنوب آسيا، مايكل كوجلمن، لقناة CBS NEWS الأمريكية، إن الضربات التي شنتها الهند هي من أعلى الضربات حدة في السنوات الأخيرة، وإن رد باكستان سيكون "قويًا بلا شك".
"هذان جيشان قويان، وعلى الرغم من الردع النووي، إلا أنهما لا يترددان في استخدام قوى عسكرية تقليدية على نطاق واسع ضد بعضهما البعض"، قال كوجلمن. "مخاطر التصعيد حقيقية. وقد تتفاقم بسرعة".
وأشاد سياسيون هنود من أحزاب مختلفة بالضربات. وكتب وزير الدفاع الهندي، راجناث سينغ، على منصة "إكس": "النصر لأم الهند". كما دعت المعارضة الرئيسية، حزب المؤتمر، إلى الوحدة الوطنية، وقالت إنها "فخورة للغاية" بالجيش. وقال رئيس الحزب، مالليكارجون خارجي: "نُحيي عزيمتهم وشجاعتهم".
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في بيان في وقت متأخر من يوم الثلاثاء إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش دعا إلى "أقصى درجات ضبط النفس" لأن العالم لا يستطيع "تحمل مواجهة عسكرية" بين الهند وباكستان.
فيما قال الجيش الهندي إن العملية أُطلق عليها اسم "سيندور"، وهي كلمة هندية تعني مسحوق الفيرمليون الأحمر الزاهي الذي ترتديه النساء الهندوس المتزوجات على جبهتهن، في إشارة إلى النساء اللاتي قُتل أزواجهن أمام أعينهن.
وأصابت صواريخ الهند ستة مواقع في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية وفي إقليم البنجاب الشرقي، ما أسفر عن مقتل 26 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، حسبما قال المتحدث باسم الجيش الباكستاني، الفريق أحمد شريف.
وقال المسؤولون إن 38 شخصًا آخرين أُصيبوا في الضربات، كما قُتل خمسة آخرون خلال تبادل لإطلاق النار عبر الحدود في وقت لاحق من اليوم.
وقال "شريف" إن الطائرات الهندية دمرت أيضًا بنية تحتية في سد يقع في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية، واصفًا ذلك بانتهاك للمعايير الدولية.
بينما قالت وزارة الدفاع الهندية إن الضربات استهدفت ما لا يقل عن تسعة مواقع "خططت منها هجمات إرهابية ضد الهند، وكانت أعمالنا مركزة ومقاسة وغير تصعيدية بطبيعتها. لم تُستهدف أي منشآت عسكرية باكستانية"، جاء في البيان، مضيفًا أن "الهند أظهرت قدرًا كبيرًا من ضبط النفس".
وقالت باكستان إن الضربات أصابت موقعين على الأقل مرتبطين سابقًا بجماعات مسلحة محظورة. أصابت إحداها مسجد "سبحان" في مدينة بهاولبور في البنجاب، وقتلت 13 شخصًا بينهم طفل، بحسب الطبيب زُهيب أحمد. يقع المسجد بالقرب من مدرسة دينية كانت المقر الرئيسي لجماعة "جيش محمد"، التي تم حظرها في 2002. ويقول المسؤولون إن الجماعة لم يكن لها وجود عملياتي في الموقع منذ الحظر.
وفي بيان حصلت عليه CBS News الأمريكية، قال زعيم "جيش محمد"، مولانا مسعود أزهر، إن الهجوم الهندي قتل عشرة من أفراد عائلته وأربعة من معاونيه المقربين. وانتقد مودي، قائلًا: "لقد تخطى هذا الظلم كل الحدود — لا تتوقعوا رحمة بعد الآن".
وأصاب صاروخ آخر مسجدًا في مدينة موريكي، مما أدى إلى تضرر بنائه. وكان المبنى المجاور الواسع يستخدم كمقر لجماعة "عسكر طيبة" حتى عام 2013، عندما تم حظر الجماعة واعتقال مؤسسها.
وكان الهجوم الذي وقع الشهر الماضي على السياح قد تبنته جماعة تُطلق على نفسها "مقاومة كشمير"، وتقول الهند إنها تُعرف أيضًا باسم "جبهة المقاومة"، وترتبط بجماعة "عسكر طيبة".
على طول خط السيطرة، الذي يقسم منطقة كشمير المتنازع عليها، كان هناك تبادل كثيف لإطلاق النار. وقالت الشرطة الهندية والمسعفون إن سبعة مدنيين قُتلوا وأُصيب 30 بجروح بسبب القصف الباكستاني في منطقة بونش القريبة من خط السيطرة، وهو الحدود الفعلية التي تقسم كشمير المتنازع عليها بين البلدين. وقال المسؤولون إن عدة منازل تضررت جراء القصف.
وقال الجيش الهندي إن القوات الباكستانية "لجأت إلى إطلاق نار تعسفي"، شمل الرصاص الحي وقصف المدفعية، عبر الحدود. وبعد وقت قصير من ضربات الهند، سقطت طائرات في ثلاث قرى في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية.
وقال المتحدث العسكري الباكستاني شريف، إن سلاح الجو الباكستاني أسقط خمس طائرات هندية ردًا على الضربات. ولم يصدر تعليق فوري من الهند على هذا الادعاء.
وكان الحطام من إحدى الطائرات متناثرًا في قرية "وويان" بضواحي مدينة سريناغار، بما في ذلك في مدرسة وساحة مسجد، بحسب الشرطة المحلية وشهود عيان. وسقطت الطائرة الثالثة في حقل زراعي بولاية البنجاب الشمالية في الهند، حسبما قال ضابط شرطة للوكالة الأمريكية، بشرط عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله بالحديث إلى الإعلام.
فيديو قد يعجبك: