"٤٠ ألف للشاب و٥٠ للطفل" تسعيرة جديدة للهجرة غير الشرعية في أسيوط
أسيوط - محمد جودة:
تعد محافظة أسيوط مركزا لتصدير الهجرة غير الشرعية ، تلك المحافظة التى لفظ مئات الشباب أنفاسهم الأخيرة وهم في عرض البحر المتوسط ، بعدما أغواهم تجار البشر برغد الحياة في بلاد اوروبا ، ليزداد هؤلاء التجار والسماسرة ثراء وتزهق المزيد من الأرواح، وارتفعت الاسعار بشكل مضاعف نظرا للتضييق الحكومي والامني علي الهجرة غير الشرعية ، فبدلا من ٣٠ ألف جنيها للشاب صارت ٤٠ ألفا ، وبدلا من ٤٠ ألفا للطفل صارت ٥٠ ألف جنيها ، في ضرب بعرض الحائط لكل النداءات التى تنادي بالتوقف عن محاولة الهجرة غير الشرعية ، خاصة وأن السواد والحزن قد خيم علي مركز أبنوب بعد أن شيعوا ٨ جثامين لمثواهم الأخير ، بعد أن لقوا حتفهم غرقا في مركب رشيد الأخير.
ففي محافظة أسيوط يزداد الأمر قتامة وتستمر الأزمة فالكثيرون من شباب القري والمراكز لم تنههم الأحداث الأخيرة من غرق للمئات عن نواياهم المتأججة للسفر والثراء السريع ،فمازال السماسرة اللذين يعلمهم القاصي قبل الداني يجوبون الشوارع ويلتقون برغبي السفر عن طريق البحر ، فالواقع المرير يؤكد أن المشكلة مازالت قائمة وأولياء أمور ، هم من يبحثون الان عن هؤلاء التجار ، لتسفير أبنائهم مقابل التوقيع ايصالات أمانة وشيكات علي بياض ورهن لمنازل وبيع لأراض .
ففي مركز أبنوب والذي يعد أهم مراكز تصدير الهجرة غير الشرعية بأسيوط ، وصل سعر القيراط للأرض المباني ٤٠٠ ألف بواقع ٢٠ ألف جنيها للمتر تقريبا ، نتيجة للثراء السريع الذي حققه كثيرون من شباب المركز بعد هروبهم الي اوروبا وعودتهم بعد سنوات بملايين الجنيهات ، وبناء الفيلات والعمارات السكنية علي أحدث طراز معماري ، مما يثير حفيظة السكان اللذين تدب بداخلهم دوافع الغيرة ويدفعهم للتضحية بأبنائهم حتى لو كانوا أطفالا أملا في مستقبل أفضل ، خاصة وأن مركز أبنوب صنفته الأمم المتحدة عام ٢٠١٠ كأقل مركز في معدلات التنمية علي مستوي الجمهورية في محافظة أسيوط التي تتربع علي عرش المحافظات الأكثر فقرا بنسبة تصل إلي ٦١بالمائة من الشريحة السكانية ، مما دفع العديد من الهيئات الدولية لضخ ملايين الدولارات لمحاربة الهجرة غير الشرعية الا نيران الرغبة في الثراء السريع مازالات مشتعلة داخل الصدور مما ينذر بتكرار الكوارث اليشرية علي أعتاب أوروبا .
وماتزال 48 أسرة من أبناء محافظة أسيوط، تعيش حالة من الألم الشديد ، بعد انقطاع الاتصال بأبنائهم ، منذ سنين واللذين اتخذوا من الهجرة الشرعية طريقا لتحقيق أحلامهم، إلا أنهم ذهبوا ولم يعودوا، واختلط الشعور بالذنب لدي أولياء الأمور، مع الأمل في أن يجدوا أبناءهم حتى لو كانوا جثثا، حيث انقطعت كافة الاتصالات والمعلومات منذ 6 سبتمبر 2014 وحتى اﻵن، ورغم تحرك هؤلاء المواطنين إلا أنهم لم يتلقوا اي اجابة تشفي صدورهم، وكادت حياة بعض الاسر ان تتوقف لفقدان ابنائها في ظل صمت رهيب من المسئولين اللذين يعلمون علم اليقين، اسماء وعناوين سماسرة البشر الا انهم لم يتم القبض عليهم للتحقيق معهم او حتى اثنائهم عن جرائمهم ، وتركوا طلقاء للبحث عن فرائس جديدة لتقديمها للموت غرقا او تسفيرها للمجهول، حيث وصل عدد الأطفال القصر اللذين هاجروا إلي إيطاليا من أسيوط 1865 طفلا ، و700 آخرين لقوا حتفهم حسب آخر الاحصاءات الرسمية لتقارير الأمم المتحدة ، مما دفع هيئات دولية منها "تيرديزوم وانقاذ الطفولة" وعدد من الجمعيات الاهلية منها "عطاء بلا حدود ، والشباب للسكان والتنمية" ، للغوص في تلك المشكلة من تنفيذ مشروعات لتوعية وتنمية الأسر الفقيرة والأكثر تعرضا لاغراءات تجار البشر، إلا أن المنظومة تحتاج إلي تضافر كافة الجهات، للبحث في أزمة الهحرة غير الشرعية بطرق غير تقليدية، فالأمر لم يقتصر علي هؤلاء وربما تحمل الايام القليلة المقبلة اخبارا عن اطفال تخطفتهم ايادي آثمة من تجار وسماسرة البشر، مستغلين نسبة الفقر التى تجاوزت 61 بالمائة من الشريحة السكانية بالمحافظة، كونها افقر محافظة بمصر.
وتعتبر محافظة أسيوط من أكبر المحافظات التي يقبل شبابها على تلك المخاطرات وهم يعلمون علم اليقين أنهم إما أن يصلوا إلي شواطئ أوروبا أو يموتوا غرقا أو جوعا أو قتلا من خلال تصفية عصابات التهريب لهم جسديا في حال استشعار الخطر من خفر السواحل.
فالقانون الإيطالي مثلا يعتبر الأطفال تحت 16 سنة رعايا لديه حتى يصلوا سن الرشد ويوفر لهم كافة الرعاية والأمان المادي والاجتماعي، مما دفع عصابات تجارة البشر المصرية لإقناع الكثير من الأهالي بتسليمهم أبنائهم ليسافروا إلى هناك وهم صغار حتى يحصلوا على "الإقامة" ومن ثم "الجنسية" وهذا هو بيت القصيد ، فعشرات الأسر الأسيوطية رضخت لإغراءاتهم.
وكشف المجلس القومي للطفولة والأمومة مؤخرا أن نسبة المهاجرين من الأطفال وصلت إلى 41% من إجمالي نسبة المهاجرين المصريين ، وتحتل مصر ثالث أعلي دولة يخرج منها أطفال مهاجرين لإيطاليا بعد تونس وأفغانستان ويصل إلى إيطاليا سنويا حوالي 500 من الأطفال المصريين المهاجرين بشكل غير شرعي تترواح أعمارهم ما بين 14-18 سنة .
كما تشير الإحصائيات بأن محافظة أسيوط وصلت للترتيب الأول في الهجرة غير الشرعية بعد أن كانت تحتل المركز السابع وذلك بنسبة 20 % من إجمالي نسبة من يهاجرون بشكل غير شرعي ، وأن أعمار معظم الأطفال أقل من 16 عاما وأن أغلبيتهم يقصدون إيطاليا وخاصة من أبناء مركز أبنوب بأسيوط والسبب الرئيسي هو الرغبة فى تحقيق الثراء وجمع المال يليه سوء الأحوال الاقتصادية والفقر والبطالة ، ووصل عدد النشء والشباب اللذين لقوا حتفهم بمياه البحر من مركز أبنوب عند محاولتهم الهجرة إلى دول جنوب أوروبا خلال 15 عاما إلى أكثر من 700 حالة حسب تقارير تنموية .
وعلي صعيد متصل ، ألقي ضباط مديرية أمن أسيوط القيض علي أحد هؤلاء السماسرة ، وكان اللواء عاطف قليعي ،مدير أمن أسيوط، قد تلقي إخطارا من المقدم عبدالمجيد مختار ، رئيس مباحث مركز شرطة أبنوب ،يفيد وصول بلاغ لمركز شرطة أبنوب من “أ. ع. ق.”، (عامل)، و”م. م. م.”، حاصل على دبلوم ، و”ع. م. م.”، فلاح ، مقيمين بمدينة أبنوب بتضررهم من “ع. ع. ك.”، (حاصل علي دبلوم)، لتحصله على مبلغ مالي قدره 30 ألف جنيها من كل منهم مقابل سفر من “ع. ع. ق.”، (فلاح)، شقيق الأول، و”م. م. م.”، (فلاح)، نجل الثاني، و”ف. م. م.”، (فلاح)، نجل عم الثالث بطريقة غير شرعية لدولة إيطاليا واختفائهم منذ 43 يوما.
وتمكن ضباط مباحث المركز من ضبط المتهم، وبمواجهته أقر بارتكابه الواقعة، وتحرر المحضر اللازم، وجار اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والعرض على النيابة التي باشرت التحقيق.
فيديو قد يعجبك: