"حسن الدح".. رجل الشرطة الذي أصبح وليًا وتبرعت ببناء مقامه سيدة قبطية
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
قنا – عبد الرحمن القرشي:
كثيرة ومتنوعة هي نوادر وقصص وسيرة كرامات أرباب الطرق الصوفية بمختلف الأقاليم والأمصار، لكن قصة الخفير النظامي العارف بالله حسن عمران الدح بصعيد مصر، قد تكون الأغرب.
غفير الشرطة النظامي سحرت قصته الألباب والعقول بعصره وجعلت مأمور مركز الشرطة العامل به بالخمسينيات يصبح أحد مريديه ويقبل يده، وما من زائر يزور مقام سيدي عبد الرحيم القنائي إلا ويذهب أو يمر على ساحة ومسجد العارف بالله حسن عمران الدح، أشهر أقطاب التصوف الإسلامي بصعيد مصر بالعصر الحديث.
"الدح" من مواليد 1918 لأسرة ترجع أصولها لمركز إسنا، ووالد يعمل مؤذنًا بإحدى المساجد الصوفية وأحد مريدي الطريقة الشاذلية والمحبين لمجالس الذكر والعلم، حفّظ نجله حسن أوراد الطريقة الشاذلية وبردة المديح للإمام البوصيريـ التي كانت نقطة التحول بحياته، وطاف به على ساحات التصوف ومقامات الأولياء بجميع الأمصار.
سرعان ما أتم "الدح" من العمر عشرين عامًا، ليعمل غفيرا نظاميًا بمدرية أمن قنا في نهاية الأربعينيات، وكان صاحب صوت حسن رنان، عقب انتهاء نبتجياته اليومية، وكان يجمع أفراد وغفر مراكز الشرطة وأهالي مدن وقرى المحافظة المختلفة، التي عمل بها بقنا وأرمنت واسنا ونجع حمادي، لينشد لهم بردة المديح للإمام البوصيري بصوت عاشق يملأه الحب لرسول الله، صلي الله عليه وسلم.
ولم تخل دروسه من الأذكار الشاذلية والسير الوعظية القصيرة، التي تطالب المحبين بتطهير النفس وإكثار الخلوة مع الله وفضل أهل بيت رسول الله. ومن عجيب ما تناقل عنه أنه كان يدخل غرفة الاحتجاز للصوص وأرباب الإجرام ليعظهم بالإسراع للتوبة إلى الله، فيسمع أصوات بكائهم ونحيبهم تعلو وسرعان ما يتركون سلوكهم الإجرامي ويصبحون أحد أتباعه بالطريقة الأحمدية الشاذلية.
صيت "الدح" ذاع سريعًا وكثر من حوله المريدين في أثناء خدمته الشرطية، التي دفعت أحد مأموري الشرطة لتقبيل يده وقراءة الأوراد عليه، ولما انتشرت تلك القصة بوزارة الداخلية، قرر "الدح" ترك العمل النظامي بوزارة الداخلية للتفرغ للدعوة إلى الله، وعند ذلك اجتمع المريدون ومجاذيب التصوف من حوله، وكان يركز معهم على التربية والسلوك قبل العلم بالدين، ما أكسب دعوته صدقًا كبيرًا.
عندما التقى "الدح" بالعارف بالله أحمد رضوان، أحد أقطاب التصوف الإسلامي، أعجب وأثنى على جمال صوته وإنشاده للقصائد والأوراد الصوفية وأسلوبه في الدعوة إلى الله وتحسين سلوك الأهالي بصعيد مصر. واشتهر شهرة واسعة بإحيائه ليالي مديح مولد السيد عبدالرحيم القنائي بجلسات الذكر هو ومريديه من مختلف الأقاليم حتى أن الزوار كانوا يعتادون على زيارة ضريح السيد عبد الرحيم ثم يذهبون لتنقية وتذكية نفوسهم بجلسات ذكر الدح.
كان "الدح" يأمر أتباعه بقنا بحسن معاملة الأقباط والإحسان إليهم لكونهم بمثابة "أخوال" المسلمين على وصفه، ما دفع سيدة قبطية قنائية بالتبرع بأرض تملكها للعارف بالله حسن عمران أحمد الدح أقام عليها مسجدًا وساحة صوفية بجوار مسجد السيد عبد الرحيم القنائي، ليصبح ذلك شاهدًا على التسامح الحقيقي الذي كان يشهده صعيد مصر بالخمسينيات والستينيات قبل ظهور تيارات الإسلام السياسي المتطرفة، وأيضًا عُرف "الدح" باستقباله لزوار العارف بالله قطب الأقطاب الإمام أبو الحسن الشاذلي بمحافظة البحر الأحمر.
وأنجب "الدح" 4 من البنين هم: "جمال، حسين، محمد، عمران"، جميعهم أكملوا مسيرة والدهم حسن الدح عقب أن ارتقت روحه للرفيق الأعلى 1976، كما يحتفل أرباب الطرق الصوفية بمختلف مراكز قنا والأقصر وأسوان بمولد العارف بالله حسن عمران الدح مع بداية كل شوال.
مسجد وساحة العارف بالله حسن عمران الدح يعكف طيلة فترة مولد السيد عبدالرحيم القنائي على خدمة الزوار بمختلف الاحتياجات وإقامة جلسات الذكر والإنشاد التي يقبل عليها كل المحبين للتصوف من الزائرين من مختلف المحافظات ومن مختلف الطبقات الاجتماعية، فتجد الأستاذ الجامعي والمهندس والعامل والضابط يجلسون معًا؛ من أجل تنقية الروح والنفس، وما زال ابن "الدح" الشيخ محمد المنتصر يستقبل الزوار وينشد لهم العديد من الأنشودات الصوفية وبعض الدروس القصيرة التي من شأنها تنقية النفس ومجاهدة الشر.
وذكر حسين عبدالرزاق همام، متصوف، أن سيرة العارف بالله حسن الدح جعلت له محبين ومريدين من مختلف الأقاليم المصرية لمنهجه البسيط في الوصول للقلوب رغم كونه رجلًا بسيطًا، لم يدرس علوم التفسير والفقه والسيرة لكنه امتلك الدعوة بالحسنى والخلق الحسن، التي نفتقدها في كثير من أئمة المساجد بهذه الأيام.
بينما أشار روماني صموئيل عزيز، من السكان منطقة عبدالرحيم القنائي، إلى معاصرته العارف بالله حسن الدح، وكان شاهدًا على حرصه على التعامل الجيد مع أقباط المنطقة، إذ لم يصدر منه أي سلوك متطرف في القول أو الفعل بل اهتم بالتزاور مع أقباط منطقة الساحة وتبادل الهدايا معهم.
فيديو قد يعجبك: