خارج الزمن.. أهالي "محمود حمد" ببني سويف: "سقطنا من خريطة الحكومة" (صور)
بني سويف ــ أحمد كامل:
على مدق جبلي غير ممهد على الطريق الغربي بمحافظة بني سويف، ينحدر تجاه ناحية الظهير الصحراوي، يسير طفلًا لا يتعدى عمره 10 سنوات، خلف عشرات الأغنام والماعز ممسكًا بعصا صغيرة يحجز بها عليها.
راعي الأغنام الصغير، جاء من المنطقة الزراعية على حدود قرية، إلى بيوت ومنازل مسقوفة بالأخشاب وجذوع الأشجار، تقع جميعها في جانب واحد بشكل غير منتظم، قد يبدو عشوائيًا للبعض، تبدأ بلافتة صغيرة غير واضحة المعالم، تشير إلى قرية "محمود حمد"، التي يقطنها قرابة 4 آلاف مواطن.
الوصول إلى القرية أصبح سهلًا، خاصة بعد إنشاء الطريق الصحراوي الغربي، يعاني أهلها من الفقر المدقع، وغياب الخدمات، امتد الأمر إلى عدم وجود وحدة صحية لعلاج إصابات لدغات الثعابين والحيوانات المفترسة، إلى غياب المواصلات الضرورية للربط بين القرية والقرى المجاورة، علاوة على توقف امتدادها العمراني، نتيجة محاوطة المنطقة الزراعية لها من ناحية، ومنطقة عسكرية من ناحية أخرى، فيهجرها شبابها الذي لا يجد فيها ما يقتات منه لقمة عيشه، وسط الفقر المدقع الذي يغرقون فيه.
في بداية القرية التي تصل إليها عبر أحد الممرات الصحراوية من الطريق الصحراوي الغربي، غرفة صغيرة بنيت بالطوب الأبيض، تعلوها أعواد الجريد، يجلس مجموعة من شباب القرية على حصير متهالك، يحتسون أكوابًا من الشاي، تبدو أنها المقهى الرئيس للقرية يجلس "أشرف سعيد"، فلاح، لم ينل حظه من التعليم لم يبلغ بعد العشرين من عمره، قال إن مقهى القرية هو المكان الوحيد لتجمع شبابها، فهم لا يملكون مركزًا للشباب يستيطعون من خلاله تفريغ طاقتهم أو ممارسة أي هوايات أو أنشطة لقضاء أوقات فراغهم، "عاملين ملعب بجوار مقابر القرية لممارسة كرة القدم أو الجري دون سور أو غرف لتغيير الملابس".
"سعيد أحد شباب القرية، قال والحزن يملأ وجهه، إن بلده هي الأكثر فقرًا وإهمالاً من الحكومة في محافظة بني سويف: "إحنا مش موجودين على خريطة المسؤولين ولا يعرفون عنا أي شئ".
القرية خالية من وحدة صحية، ما يجعل أهل القرية فريسة لانتشار الثعابين والحيوانات المفترسة، لوقوعها على الأطراف الصحراوية، في الوقت الذي يفصل بينها وبين أقرب القرى التي تملك وحدة صحية، مسافة لا تقل عن 4 كيلو مترات، بالإضافة إلى صعوبة وجود مواصلات لإسعاف أي مريض أو مصاب، قائلًا: "لما حد بيتعب لازم ياخد عربية مخصوص من هنا لحد قرية الحمام اللي غالبًا خالية من الأطباء وبنضطر نروح مستشفى ناصر المركزي أو بني سويف العام".
ويقول محمد عويس أحمد، موظف، وأحد أبناء القرية:" القرية لا يقل عدد سكانها عن 4 آلاف نسمة أو أكثر قليلًا، محرومة من جميع الخدمات لا يوجد بها وحدة صحية أو مركز شباب أو صرف صحي، أغلب الأهالي مزارعين، أو عمالة في القرى المجاورة، ولا نمتلك سوى مدرسة ابتدائية مشتركة تضم عددًا من الفصول ذات الكثافة المنخفضة، التي لا يتواجد فيها معلمين، بالإضافة إلى صعوبة المواصلات بها، ما يدفع المعلمين للهرب منها بسرعة، وعدم قدرة المسئولين عن توفير معلمين لتعليم أبناء المدرسة التي يزيد عددهم عن الـ150 تلميذًا، أما المرحلة الإعدادية فيضطر التلاميذ للتوجه إلى القرى المجاورة، حيث يعانون أيضًا من صعوبة المواصلات، وهو ما يعد دافعًا رئيسًا نحو التسرب التعليمي بين أطفال القرية".
القرية محرومة كذلك من مخبز، يوفر الخبز المدعم يوميًا للأهالي، ما يضطرهم إلى التنقل يوميًا إلى القرى المجاورة بمسافة تتعدى عدد من الكيلو مترات، في ظل عدم وجود وسائل مواصلات، والتي يعاني منها تلاميذ المدارس الإعدادية والثانوية، الذين يتنقلون على أرجلهم ذهابًا وإيابًا يوميًا، فوسيلة المواصلات الوحيدة عبارة عن عربة نقل روث البهائم للأرض الزراعية تجرها الحيوانات.
وأمام منزلها تجلس إحدى ربات البيوت، برفقة أبنائها الصغار، يلعبون أمامها تضع أعينها عليهم، قالت: "مفيش مكان يلعب فيه الأطفال هنا، غير أدام الباب، ولازم يبقى عيني عليهم، زوجي يعمل عاملًا باليومية ولدية دراجة بخارية يعمل عليها في أوقات فراغه، لسد احتياجاتنا وتوفير نفقات الأطفال التي تزداد يومًا تلو الآخر"، متابعة: "قريتنا ليس بها أي خدمات تذكر المياه ضعيفة طول اليوم، ونضطر لتخزينها حتى يمكننا قضاء احتياجاتنا من الغذاء والشراب والغسيل والاستحمام، ونصرفها في طرنشات".
من ناحيته، قال المحاسب محمد بكري، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة ناصر، إن محافظ بني سويف يولي أهمية كبيرة بالقرى الأكثر احتياجًا، من خلال خطة متكاملة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني لتنمية القرى.
وأشار بكري، إلى أنه سيتوجه إلى القرية ويستمع إلى مشاكل الأهالي، لمناقشة مقترحات حل بعض مشاكلهم التي تواجههم وتنفيذها.
فيديو قد يعجبك: