إعلان

ذهب زوجها ولم يعد.. أم السويس المثالية: استغنيت وبناتي عن الرفاهيات

11:15 م الأربعاء 21 مارس 2018

السويس- حسام الدين أحمد:

كان أكثر ما يؤلمها طلبات بناتها اللاتي كن ينظرن إلى قريناتهن، وسؤالهن المتكرر عن والدهن، وإلحاحهن المتكرر لتوفير ما يردنه، إلا أن "ماجدة" الأم المثالية في السويس، زرعت فيهن القناعة، والاعتماد على النفس، والاستغناء، ففاضت عليهن بالحنان لتغنيهن عن دور الأب الذي هجرهن، وصارعت من أجل البنات حتى بات لديها محاسبة، ومهندسة بترول، وباحثة بيولوجية.

قبل أيام اختارت وزارة التضامن الاجتماعي، ماجدة أحمد عشماوي، مديرة مركز النيل للإعلام في السويس، التابع للهيئة العامة للاستعلامات، أمًّا مثالية عن محافظة السويس، تقديرًا لجهودها في تربية بناتها.

"بدأت الحكاية قبل 15 عامًا عندما هجرني زوجي وسافر إلى ليبيا ولم يعد" هكذا بدأت الأم "ماجدة" رواية قصة كفاحها لــ"مصراوي" التي بدأت بسفر زوجها، وتركه لها ولبناته شريهان، وشروق، وشرويت أكبرهن، والتي كانت آنذاك في الصف الثالث الابتدائي.

طالت غيبة الزوج المسافر، سنة بعد سنة، 4 سنوات دون خبر، أو رد، فرفعت الزوجة قضية، وقضت المحكمة بتطليقها من الزوج المهاجر.

بعد الطلاق بدأت "ماجدة" حياة جديدة، تحملت فيها وحدها مسؤولية بناتها الثلاث، موضحة أنها وضعت نظامًا اقتصاديًا لإدارة منزلها يقترب إلى التقشف "كان مرتبي بسيط ومليش مورد رزق تاني، فقفلت على نفسي، وكنت غصب عني بحرم أولادي من حاجات عايزنها".

كانت تسعى لزرع القناعة في نفس صغارها، وتعلمهم الاستغناء عن الرفاهية عن طيب خاطر، وفي سبيل ذلك كانت تصحب شيرويت وشروق وشريهان إلى دور الأيتام، ودور المسنين عندما كُن بالمرحلة الإعدادية والثانوية، ليرين كيف هي حياة البسطاء، "كنت بعلمهم القناعة والرضا وميبصوش لفوق.. ويشوفوا الناس الأقل منهم".

ولتمضي الأم المثالية قدمًا في طريقها، عمدت إلى صقل شخصياتهن، وجعل القراءة سنّة يومية، فضلًا عن الارتقاء بالعلاقة بينهن إلى الصداقة، والمصارحة في كل أمر يخصها أو يخصهن فتخرج قرارتهن بالتشاور والمشاركة، التي يغلفها تحمل المسؤولية.

في رحلة تربية البنات، ثقل حمل الأم، عندما مرضت والدتها، التي كانت تعيش معها بالفشل الكلوي، فقررت أن تصطحب كل واحدة منهن مرة في رحلة الغسيل الكلوي بمستشفى التأمين الصحي، كانت هذه الزيارات بمثابة دروس مكثفة للبنات الصغيرات في تحمل المسؤولية، وتعليمهن أن الحياة لا تنتهي إلا بالموت، وأن الروح ما دامت في الجسد عليهن المقاومة.

رغم قلة الدخل الشهري، وعدم وجود مورد آخر للعيش، لكن الأم كانت تقتصد في النفقات حتى توفر مصاريف المدرسة الخاصة التي التحقت بها البنات، وغذتهن بفكرة أن التعليم أهم ما يمكن أن يتسلحن به.

كبرت البنات فتخرجت شيرويت الكبرى في كلية التجارة الإنجليزية، وتقدم زميلها لخطبتها وتزوجت، وأصبحت الأم جدة لحفيدين هما يحيى ومالك، أما شريهان فتخرجت قبل عام في كلية العلوم، قسم علم حيوان، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، ولم تكتفِ بذلك بل تحضر للدراسات العليا، بينما الصغرى شروق فتخرجت في كلية هندسة البترول التي تحتل مرتبة متقدمة في قائمة كليات القمة بمصر.

" بناتي بعد ما تخرجن لم يجدن العمل الذي يريحهن، فاخترن مهنًا حرة" تتحدث الأم عن اختيارات بناتها التي زرعت فيهن تحمل المسؤولية، مضيفة "علمتهم أن يغيروا الطريقة ليسيروا على نفس الطريق" وذلك الطريق هو العمل وتحمل مسؤولية أنفسهم، وقناعتهم بأن أي مهنة أشرف وأفضل من التواكل، والجلوس في المنزل انتظارًا لوظيفة بالشهادة.

بدأت "شروق" قبل عامين في صناعة الحلي، والإكسسوار، ومن حسابات لعرض منتجاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى محل صغير تملكه يتردد عليه مئات الفتيات في السويس، حتى أن بضاعتها يطلبها شباب وفتيات بالمحافظات الأخرى بسبب دقة صنعتها.

"خطيب شروق خريج بترول زيها، ومشتغلش بشهادته" كشفت الأم أن "أحمد" خطيب ابنتها يساعدها، ويرسم ويصمم الإكسسوارات"، لافتة إلى أنه تعلّم ما زرعته في بناتها، وآمن بفكرة العمل دون النظر إلى الشهادة.

كانت "شروق" الأكثر تأثرًا بمسيرة الأم وتحملها المسؤولية، فقررت قبل أسابيع أن تكتب قصة كفاح أمها وترسلها لمديرية التضامن الاجتماعي في السويس، متمنية أن تنال أمها التكريم الذي ترى أنها تستحقه.

"أنا شايفة ماما ست مش عادية، حياتها قصة كفاح، علمتنا نكون قد المسؤولية" هكذا قالت "شروق" الابنة الصغيرة، عن أمها المثالية، وأضافت لـ"مصراوي" أنها كانت تشعر بأن اللجنة ستختارها لأنها أجمل قصة.

وأسهبت: "ماما لما بلغوها بفوزها بلقب الأم المثالية قعدت تعيط" وانهالت عليها الاتصالات لتبارك فوزها، وتؤكد أن الله أعطى أمهن حسنة الدنيا، وجازاهن خيرًا بما قدمته لهن، فمقابل الحرمان من الترفيه، وهن صغيرات، جعلت منهن رائدات في مجال عملهن.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان