بالصور- واحدة من آخر ثلاث.. طاحونة "إدكو" أعياها الإهمال وأنقذها قرار بالترميم
البحيرة – أحمد نصرة:
مع هبوب الرياح أعلى التل المواجه لشاطئ إدكو، كانت ريشاتها الثمان الخشبية تتحرك لتعانق الهواء بنعومة، مؤدية رقصة دائرية رشيقة يراقبها الفلاحون بشغف ريثما يحصلون على غلالهم في صورة طحين، لعقود ظلت هي وست من الطواحين الأخرى تتنافس دون كلل، حتى ظهرت مطاحن أكثر حداثة، وانصرف الناس عنها رويدًا رويدًا، ليصيبها الإهمال وتهجرها يد الصيانة وتتركها في مواجهة غير متكافئة مع الزمن وعوامل التعرية، فاندثرت قريناتها وبقيت هي وحيدة متهالكة تنتظر نفس المصير البائس.
على مدار سنوات تعالت صرخات أهالي مدينة إدكو لإنقاذ طاحونتهم الأثرية التي يعود تاريخ إنشائها إلى عهد محمد علي باشا، ووصل الحال إلى تصديهم لقرار سابق بإزالتها صدر بالخطأ من لجنة المباني الآيلة للسقوط، وأخيرًا جاء الحل من وزارة الآثار بتوقيع بروتوكول تعاون مشترك مع شركة سيناء للخدمات البترولية والتعدينية "سسكو" للبدء في أعمال ترميم وصيانة الطاحونة.
تقول المؤرخة انتصار عبدالمنعم: "كانت توجد بشمال إدكو قديما، طواحين هوائية، آلاتها خشبية، بنيت على الطراز الهولندي على التل المسمى حاليًا كوم الطواحين نسبة لعدد الطواحين السبع التي كانت عليها، ولم يتبق من هذه الطواحين سوى واحدة تنضم إلى طاحونتين أخريتين في الإسكندرية يشكلون معًا النماذج الوحيدة الباقية لهذا النمط الفريد من الطواحين بغرب الدلتا".
ويوضح الأثري محمود زكي: "في عهد محمد علي باشا 1805 -1848، كان الشعب المصري يعاني مشقة طحن الغلال ويتكبد نفقات باهظة في الطحن بطواحين الدواب، ومن ضمن مساعي الباشا لإحداث نهضة في القطاع الزراعي أصدر أوامره بإنشاء طواحين تعمل بطاقة الرياح لتغطي احتياجات الجيش والشعب من الدقيق اللازم، وعليه انتشر بناء طواحين الهواء خاصة على ساحل البحر المتوسط".
وعن حالة الطاحونة يقول الباحث الأثري محمد عزيز: "لم يتبق من أجزاء طاحونة إدكو الميكانيكية سوى أسطوانة خشبية ضخمة بأعلاها، وما هي إلا حداف الطاحونة فيقوم ذلك الحداف بتخزين طاقة الحركة الناتجة عن الأشرعة الخارجية ويظل في دورانه حتى بعد هدوء الرياح بالخارج وهو موضوع بشكل رأسي مع الطاحونة وينقل الحركة منة حتى آلات الطحن مجموعة من التروس الداخلية، وتتم عملية الطحن ويخرج الطحين عن طريق مخر الدقيق ويتحكم في درجة النعومة المطلوبة بواسطة زراع التحكم".
"واستخدم في بناء طاحونة إدكو طوب مصنوع من طمي النيل كان يجلب وقتها عن طريق رشيد ويسمى بالطوب الرشيدي أما مادة اللصق فكان عبارة عن رماد محروق يستخدم بطريقة معينة للصق الطوب المستخدم بعضه ببعض".
و"استخدم الشكل الدائري الأسطواني كنمط مميز لبناء طواحين الهواء لتناسب هذا الشكل في الأساس مع تحريك اتجاه الأشرعة في جميع الاتجاهات حول الطاحونة كي تستقبل قوة الرياح وفقًا لاتجاهها ولكن هذا التغيير في تحويل اتجاهات الأشرعة يكون مهملًا نوعًا ما في الطواحين التي شيدت على الشواطئ ومنها طاحونة إدكو لثبات اتجاه الرياح تقريبًا".
وأوضح الدكتور جمال مصطفى، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أن عملية الترميم ستستمر 4 أشهر، واتفق الطرفان على مراعاة المقاييس والمعاير الأثرية حفاظًا على الأثر وعناصره المعمارية والزخرفية والتي أعدت ووافقت عليها اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية، وتشمل خطة الترميم أدوات الطحن الخشبية الموجودة بالطاحونة وعمل المعالجة اللازمة وتعقيم الأخشاب للحفاظ على أدوات الطاحونة.
وأضاف مصطفى أنه من المقرر أن تستمر مدة العمل 4 أشهر، على أن يتم تشكيل لجنة من قطاع الآثار الإسلامية والقبطية وقطاع المشروعات للإشراف على أعمال الترميم والصيانة ومتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية.
فيديو قد يعجبك: