مدينة النجارة في السويس.. "ورش مهجورة وصنايعية رقصوا على السلم"
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
-
عرض 20 صورة
السويس - حسام الدين أحمد:
على مسافة أكثر من 3 كيلو مترات شمال مزلقان المثلث، في السويس كان الهدوء قد شد لوحا على ماكينات ومناشير الكهرباء بالمدينة الصناعية للأخشاب، أغلب المحال مغلقة، مغالق ومخازن الخشب غطى الصدأ أبوابها، ولا صوت يعلو على بث الراديو يبث إذاعة القناة، ونباح الكلاب التي استوطنت المدينة الواقعة على طريق "السويس – الإسماعلية".
الشارع الثاني أكثر شوارع المدينة حياة، صفين يضما أكثر من 20 محل مغلق، 3 محلات فقط تفتح أبوابها، كان فهمي رزق النجار بالمدينة شرع في تنفيذ غرفة نوم أطفال، طلبها زبون لجأ إليه بسبب السعر المنخفض، لكن انقطاع الكهرباء حال دون ذلك، وقف ينظر لمنشار الكهرباء، قطع تفكيره حديث جاره بالاستورجي "أنا ماشي مفيهاش شغل النهاردة"، ويتحدث بنبره تحمل الحسرة "يا ريتنا ما كنا جينا من البلد".
ورش المدينة
قبل 9 سنوات أصدر محافظ السويس الأسبق سيف الدين جلال قرار بنقل ورش النجارة من داخل الكتلة السكنية إلى المدينة التي أعدتها المحافظة خصيصا لهم، دعم القرار تنفيذيا محاضر الازعاج وحملات الغلق، ما دفع النجارين لغلق ورشهم في المدينة وفسخ عقود الإيجار مع ملاك المحال، والانتقال إلى المدينة.
على طريق "السويس – الإسماعيلية"، توجد محطة وقود قديمة تحول دورها الى مغسلة للسيارات، أصبحت بمرور الوقت علامة يستدل بها على مدينة النجارين المجاورة لها، والواقعة في قطعة أرض كبيرة يحيطها سور ومحصورة بين طريق السويس – الإسماعيلية، وطريق الدائري المؤدي الى جراج المحافظة.
بمدخل المدينة بوابة كبيرة سرق اللصوص بابها وبجوارها غرفة للأمن بلا باب أو نافذه خالية، بينما البوابة الخلفية الواقعة على الطريق الدائري أفضل حالا فهي بعيدة نسبيا عن الطريق ولا يقصدها أحد، بجوارها لافتة بالية سقطت بفعل الرياح وغطت الأتربة ما كان عليها.
شرع النجارون قبل ثورة 25 يناير في الانتقال للمدينة بعد غلق ورشهم في السويس، لكن من بين 260 ورشة هناك أقل من 16 ورشة فقط تعمل، و16 مغلق ومخزن للخشب أكل الصدأ أبوابها، وكذلك محال المؤن والخدمات، فالقرار الذي أصدره المحافظ الأسبق لم يطبق على جميع النجارين في السويس، وقليل منهم من انتقل للمدينة.
في أول طريق بعد عبور البوابة، تقع ورشة علي عبدالعزيز "استورجي موبيليا" على ناصية الشارع الأول، كان مشغولا بترميم "ضلفة" دولاب قديمة وخلفه باقي القطع، "مكنتش افتكر في يوم أني أصلح موبليا قديمة، لكن ده أحسن من وقف الحال" يقول الاستورجي الذي أغلق ورشته في السويس قبل سنوات ليأتي للمدينة التي وصفها بالمهجورة ولا يجد زبائن.
محضر غلق
قال على عبد العزيز إنه أغلق ورشته في السويس ووقع على محضر رسمي بالغلق مطلع عام 2011 حصل في المقابل على محل بالمدينة الصناعية، وهو ما ألزمه بعدم فتح ورشة مرة أخرى قلب السويس، وإلا تعرض للمساءلة القانونية والغرامة.
ويشير إلى أن العقد الذي وقع عليه قبل 7 سنوات تضمن عدة بنود أبرزها قيمة الإيجار الشهري قيمتها 1100 جنيه، كما التزم بسداد 4040 جنيها كتأمين نهائي للمحل تنفيذا للبند الثاني، أما البند الرابع فحدد مدة العقد في 10 سنوات، وتحميل المستأجر توصيل المرافق الداخلية للمحلات والورش على نفقته الخاصة دون الرجوع للطرف الأول في العقد وهو مجلس إدارة الورش، إضافة إلى ذلك كان من بين بنود العقد، أنه حال تأخر المستأجر في سداد الايجار 3 شهور متتالية يفسخ العقد ويصادر التأمين.
قرارات ثورية
ويكشف علي الاستورجي، أن اللواء عبد المنعم هاشم أول محافظ للسويس التقي بهم في زيارة ميدانية للمدينة، واستمع لهم وقرر اعفائهم من القيمة الايجارية للمحال لمدة 8 أشهر مراعاة للبعد الاجتماعي ووضع المدينة وعزوف المواطنين عن التوجه إليها، وحدد تلك المدة من نوفمبر 2011 وحتى يونيو 2012.
وأضاف أن المحافظ قرر أيضا خفض قيمة الإيجار الشهري إلى النصف، لمدة عامين اعتبارا من يوليو 2012 وحتى يوليو 2014، لكن ذلك القرار الثاني لم ينفذ بسبب رحيل اللواء هاشم عن منصبه عقب تولي جماعة الإخوان مقاليد الحكم في مصر، بينما نفذ الأول على مضض واستثني منه محال الخدمات.
محال الخدمات
ويشتكي "علي" من عدم وجود محلات لبيع الخامات "كنت في البلد بجيب أي خامات بسهولة النهاردة بضيع نص يوم وبدفع 100 جنيه للعربية عشان أنزل وأرجع تاني".
ويوضح الاستورجي أن المدينة تضم عدة محال مخصصة للخدمات وبيع مواد الدهانات التي تلزمه، وقطع الحدايد ولوازم النجارة، وكذلك مطاعم شعبية ومقاهي وسوبر ماركت لكن مستأجريها لم يقدموا على تشغيلها بسبب ارتفاع تكاليف التجهيز، كما أن هناجر ومغالق الخشب مغلقة ولم يفتح أي منها ليوفر الأخشاب ولوازمها للنجارين.
وطالب "عبدالعزيز" بفتح هنجر وتجهيزه ليصير معرض لمنتجات النجارين، حتى يرى الزبائن منتجاتهم من الأثاث.
"عليا إيجارات متأخرة ومش عارف ادفعها، بقيت بوافق بأي شغل حتى لو ربح قليل" يخبرنا على عن سبب قبوله العمل في ترميم وإصلاح دولاب قديم، موضحا أن ورشته في السويس والتي أغلقها بعد الثورة لم يدخلها أي قطعة خشب قديمة او مستعمله وكان لا يرضى إلا بتشطيب ودهان الغرف وقطع الأثاث الجديدة.
مرافق على الورق
أمام باب ورشته تحدث معنا فهمي رزق عن وضع المدينة، وقال إن النجارين يفروا من المدينة لعدم توافر الخدمات أو المواد الخام المتمثلة في مغالق وهناجر الخشب، كما يعانون من إهمال النظافة، حتى إنهم يلقون مخلفات الخشب في منطقة فضاء بنهاية المدينة، وروى أنه في إحدى المرات حدث ماس كهربي من مفتاح تسبب في اشتعال النيران في مخلفات الخشب، ما دفع النجارين إلى وضع بواقي الخشب في صناديق القمامة والتي لا تجد من يفرغها.
وأوضح أنه يدفع في كل مرة يحتاج فيها إلى مؤن وخامات 100 جنيه قيمة استئجار سيارة نقل، لعدم توافر محال للخامات بالمدينة، ويضطر إلى جلب الزبائن من مزلقان المثلث لعدم وجود وسيلة مواصلات للمدينة.
كما اشتكى أيضا من سوء حالة المرافق، فمياه الشرب لا تصل إليهم بسبب كسر في الماسورة الرئيسية بمدخل القرية، اما الصرف الصحي فشبكته التي لم تستخدم بعد باليه، وغرف التفتيش تسلموها مسدودة، فتحولت المناطق المنخفضة بنهاية المدينة الى برك صرف صحي، أما عن الكهرباء فيقول إنها تنقطع كثيرا وتأتي ضعيفة في أحيان أخرى فلا تشغل مواتير الماكينات الكبيرة.
الإيجار قبل المرافق
واستطرد أنه والنجارين بالمدينة اشتكوا من ذلك الوضع، لكنهم وجدوا الرد "ادفعوا الأول المتأخر عليهم وبعدين نصلح المرافق"، وأضاف أن مكتب مدير وموظفي مشروع المدينة مغلق دائما.
"لما روحنا للمحافظ قالنا البكا على راس الميت" يحكي عن رد المحافظ على شكواهم وأضاف أنه أخبرهم أنه سيزور المدينة ليطلع على الوضع بشكل مباشرة ليتعرف على المشكلة وأبعادها، لكن تلك الزيارة لم تأت بعد بحسب ما ذكر فهمي رزق.
"رزق" الذي ورث مهنة النجارة عن والدة، قال إنه اضطر قبل 5 سنوات إلى ترك ورشته في السويس، ووقع على محضر غلق قبل الحصول على ورشته في المدينة، مضيفا أن الحركة في المدينة تكاد تكون معدومة، من بقي من النجارين في المدينة هم من تورطوا في ذلك الأمر وانخدعوا بالتصريحات الوهمية وأن المدينة ستكون مركز لصناعة الأثاث كدمياط الجديدة، لافتا إلى أنهم لا يقدرون على سداد قيمة إيجار ورشة في المدينة، "أنا سلمت ورشتي هناك كنا مفكرين الدينا هنا هتبقي حلوة.. دلوقتي معرفش أرجع ورشتي تاني ولا أجيب زيها في المساحة".
ووصف فهمي رزق حال النجارين في المدينة كمن رقصوا على السلم لا يجدون مناخ جيد للعمل في المدينة المهجورة ولا يستطيعون تركها، ولا يمكنهم العودة لورش البلد مرة أخرى بسبب محاضر الغلق، "إحنا مربوطين بسلاسل هنا.. ومش عارف أسدد الإيجار ولا أصرف على عيالي".
"حسن درغام" صاحب محل خدمات وقف أمام محله المغلق أوضح أنه عندما شرع في تجهيز المحل وتركيب عداد كهرباء، فوجئ بأنه مضطر لسداد ما يزيد عن 40 ألف جنيه إيجارات متأجرة منذ حصوله على المحل قبل 6 سنوات، فضلا عن ارتفاع تكاليف التجهيز، لافتا إلى أن المحل يحتاج تركيب وصلات كهرباء وماء وتجهيز الجدران لأنها على الطوب الأحمر، فضلا عن قيمة الخامات.
"هفتح هنا لمين أقل من 20 ورشة بس اللي شغالة من 260" يتحدث عن هجر النجارين للورش، ويضيف أن الحل لإحياء المدينة هو فتح الهناجر وخفض قيمتها الإيجارية التي تبلغ 6500 جنيها، لافتا إلى أن مخزن بنفس المساحة 200 متر في البلد يؤجر بنصف القيمة، كما طالب بإصلاح البنية التحتية للمدينة.
أمام إحدى الورش تظهر شجرة كبيرة الحجم، يوضح ذكريا صابر صاحب الورشة أنها تروى من خط المياه المكسور أسفلها، ويضيف أن إحياء المدينة يتطلب قرار من المحافظ بغلق كل ورش النجارة ومخازن وهناجر الخشب من السويس ونقلها إليها.
وتقول المهندسة فاتن الشامي مدير المكتب الفني لمحافظ السويس، إن هناك خطة لتطوير المدينة وإحيائها مرة أخرى، مع نقل تفعيل قرارات الغلق التي تم تحريرها ولم يلتزم بها بعض أصحاب الورش في المحافظة.
وتضيف الشامي في تصريح لـ"مصراوي"، أن ملف المدينة الصناعية للأخشاب عُرض على الجهات الرقابية في السويس، ووضعوا خطة تستهدف تشغيل الهناجر والاستفادة منها، مع جدولة الإيجارات المستحقة على أصحاب الورش.
فيديو قد يعجبك: