غُربة وكفاح.. "إنشراح" تُجسد مثالية الأم في الشرقية (صور)
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
الشرقية – فاطمة الديب
الأمومة.. كلمة تبعث بإحساس دافيء يسري في أوصال كل من له أم سواء كانت على قيد الحياة أو فارقتها، لكنها هذه المرة لها وقعًا آخر أشد تجسيدًا لمعاني حب ووفاء اقترن بعشرة سنوات بين "علي" وزوجته "إنشراح"، بعدما نسجت الأخيرة خيوطًا لقصة ولا أروع في الوفاء والتضحية من أجله ومن أجل أبنائهما فيما بعد.
قبل نحو نصف قرنٍ من الزمان تجاور علي داؤود أحمد، وإنشراح عبدالحميد المغربل، في إحدى المدارس الابتدائية التابعة لدائرة مركز ومدينة ههيا بمحافظة الشرقية، كلًا منهما في فصلٍ تجمعهما علاقة زمالة وجيرة وتعلُق طفولي بريء، لكن في نفس الولد نبتت زهرة حبها وتعلق قلبه بها، وباتت هي الدنيا التي يحلم بها رغم بُعدها عنه في المرحلتين الإعدادية والثانوية، إلا أن المرحلة الأخيرة حملت معها شيئًا ملموسًا، إذ اعترف "علي" أخيرًا بحبه لها، وما شجعه على ذلك حصوله على مجموع وصفه بـ"الحلو" قبل أن يوضح أنها هي الأخرى "كانت جايبة مجموع حلو لكن دخلت فنون تطبيقية 5 سنين علشان تستناني".
ولأن الظروف الاستثنائية لشاب في مُقتبل العمر لم يعرف للعمل سبيلًا بعد، أقدمت "إنشراح" على التشبث به، بعدما صارحته هي الأخرى بأن الحب الطفولي لا يزال مكانه بداخل فؤادها، وأن له في القلب مكانة تكبر يومًا عن الآخر.
وفي الوقت الذي التحق هو بكلية وتحصل على شهادته الجامعية، وتقدمَّ بالفعل لأهل حبيبته يعدهم بأنهم لو وافقوا على خطبته منها سيبذل أقصى ما في وسعه، كانت الحبيبة تستعد للالتحاق بكلية التربية جامعة الزقازيق، وبالتحديد قسم الرياضيات، وعنه يقول:"اختارته علشان تتأخر وتستناني لما أسافر وأرجع".
كفاح "علي" بدأ من ثمن التذكرة "السلف": "استلفت 200 جنيه تمن التذكرة وسافرت بعد ما خلصت الجامعة وروحت لأهلها قولت لهم إني عايز بنتكم لكن ما حيلتيش ولا جنيه، وهاستلف تمن الدبلة وأجيبها لها علشان ما حدش يتقدم لها وهسافر سنة وارجع نتجوز، لكنهم وافقوا وقالوا من غير دبل هتستناك سنة لكن بعد السنة لا".
تغرّب "علي" في السعودية، وعمل هناك بكد وتعب حتى وفقه الله فيما أراد وعاد بعد سنة للوفاء بعهده والارتباط بحبية العمر:"رجعت الحمد لله في الميعاد واتجوزنا، وقعدنا بالإيجار، وبعد كده بنيت بيت بعد أربع سنين أنا وهي اللي وقفت جنبي من غير مساعدة حد من أهلي ولا من أهلها.. وبعدها سافرنا السعودية بعقود علشان كان معانا بنتين 3 سنين وسنة ونص.. وصلنا السعودية وفي تاني يوم على طول جالي شغل 10 أيام وكان لازم أروح وسبت مراتي وعيالي في مكان من غير فرش ولا أي حاجة وهي كانت بتستحمل معايا..ربنا يخليها لي تعبت معايا واستحملت كتير جدًا، وفي السعودية هي اشتغلت مدرسة ثانوي وكانت متحملة مسئولية العيال وشغل البيت والعمل، وأنا كنت شغال وظيفتين وكانت المسافة 50 كيلو بين البيت والشغل".
وأردف علي: "ربنا كرمنا بعد كده ببنت وولد والمسئولية كانت بتزيد لكن كنا بنعمل اللي علينا والحمد لله ربنا كرمنا في عيالنا وبنتي الكبيرة مروة دخلت آداب فرنساوي، ومها في هندسة شبرا، ومنار في تربية نوعية الزقازيق، ومحمد دخل هندسة مدني بالجامعة الروسية وفي آخر سنة.. بصراحة ما كانتش فيه حاجة سهلة وبدأنا من الصفر".
واستطرد الرجل يتذكر أيام "الشقا" في السعودية:"لما روحنا هناك حوّشنا واشترينا عربية وبقيت أودي مراتي بيها الشغل وأنا أروح شغلي وأوصل أولادي لمدارسهم، ولما كنا بننزل إجازات كانت أماكن الشغل اللي كنا فيها بتدينا تذاكر طيران، وقتها كنا بنرجع التذاكر علشان نوفر فلوسها ونسافر بالسيارة من السعودية للقاهرة، وفي مرة من المرات السيارة تعطلت بينا وسط الصحراء والديابة وكان معايا أولادي، وبصراحة لولا ستر ربنا كنا في خبر كان".
وفاء "إنشراح" لم يتوقف عند مساندة زوجها، على حد قوله:"كانت بتخدم أمي المُسنة أكتر من بنتها، إلى أن توفاها الله وهي في الـ85 من عمرها، وبصراحة كل الحكاية دي علشان عاوز أعمل لها مفاجأة وقصتنا تتنشر لأنها بصراحة أم وزوجة وإنسانة مثالية".
فيديو قد يعجبك: