لا يزال مأهولًا.. حكاية أقدم مبنى في أقدم شارع بالإسكندرية (وثائق وصور)
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
الإسكندرية - محمد البدري
يرى البعض أن الأماكن القديمة ليست مجرد معالم سياحية بل رموزا تعبر عن روح المدينة وسكانها، سيما التي ما تزال تنبض بالحياة بعد عقود طويلة على تأسيسها، تلك الرؤية جسدتها الإسكندرية التي تفردت باحتضانها أقدم مبنى مأهول داخل أقدم شارع مُستخدم منذ تأسيس المدينة.
وفي قلب مدينة الإسكندرية، يحمل شارع فؤاد المعروف بطريق الحرية، تاريخا امتدت جذوره إلى سنوات التأسيس الأولى منذ عهد الإسكندر الأكبر باعتباره أحد أقدم الشوارع في العالم، وفي الوقت ذاته احتضن "أقدم مبنى مأهول" منذ 141 عامًا والذي ما يزال يحتفظ بمعالمه ويؤرخ قصة حياة مُؤسسه الإيطالي "فيليبو بيني".
لمحة من الماضي
من داخل المبنى العريق الذي يشغله حاليا المركز الثقافي الإسباني بالإسكندرية "ثربانتس"، بدأ الدكتور إسلام عاصم، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، حديثه عن شارع فؤاد، قائلا: هو أقدم شارع مُستخدم بالإسكندرية حتى الآن منذ أن أسس الإسكندر المقدوني عاصمته الجديدة في الثلث الأخير من القرن الرابع قبل الميلاد، ورغم تغير كثير من معالم الشارع إلا أنه ظل محتفظا بوجوده كأحد الشوارع الرئيسية التي خططها "دينوقراطيس" قبل نحو 2350 عاما.
أضاف "عاصم" لـ مصراوي، أن الشارع حصل على أسماء كثيرة تغيرت باختلاف الزمن وكان أول ألقابه "شارع كانوب" في العصر اليوناني الروماني، وتغير الاسم في العصر الإسلامي إلى "المحجة العظمى"، بعدها سُمي "شارع رشيد" لعدة قرون حتى تحول إلى "شارع فؤاد" باستقلال مصر حين أصبحت مملكة تخليدا لذكرى تنصيب أول ملك في البلاد بعد الحرب العالمية الأولى، وبعد ثورة يوليو حمل الشارع أسماء "طريق الحرية وطريق جمال عبدالناصر".
أقدم مبنى
مع مرور الزمن تغيرت منشآت الشارع العتيق واختفت نسبيًا، حتى جرى إعادة إعمار المنطقة في سبعينيات القرن التاسع عشر، عندما قرر "فيليبو بيني" الإيطالي المولود في القاهرة، أن يستثمر في تلك الرقعة ليكون أول شخص يبدأ البناء بالشارع في العصر الحديث ليشيد أول مبنى - المركز الثقافي الإسباني حاليا - ويؤسس بجواره مبنى آخر تشغله الآن مديرية الصحة؛ وهو ما أكدته الوثائق التاريخية وفقا للباحث في التراث السكندري.
"فيليبو بيني" الذي أعاد إعمار الشارع بميراث والده
أنفق "فيليبو بيني" 100 مليون فرنك هي كل ما ورثه عن أبيه لتعمير شارع رشيد- كما يقول أستاذ التاريخ المعاصر- دون أن يستمع لآراء من حوله في عدم استثمار أمواله بمنطقة اعتبرت شبه نائية آنذاك، حتى إنهم نعتوه ب"الفقير الغبي" لإصراره على شراء الأراضي، وبدأ في تأسيس أول مبنى بالشارع عام 1875 وانتهى من تشييده عام 1880، ليستقر به مع أسرته.
عندما قُصفت الإسكندرية.. نقطة تحول ورد اعتبار
بعد مرور عامين على تشييد أقدم مبنى، تعرضت الإسكندرية لهجمات القوات البريطانية بحلول 1882، وتغيرت ملامح المدينة إثر قصف منطقة المنشية وماحولها والتي كان يقطنها الأثرياء الذين اضطروا لترك منازلهم بعد أن طالها دمار الاحتلال، واتجهوا صوب الشارع العتيق لشراء قطع أراضي من "فيليبو بيني"، الذي حقق مكاسبا كبيرة لاستثماراته، ليكون ذلك بمثابة رد اعتبار ممن انتقدوه سابقا، حتى باتت المنطقة معقلا للطبقة الأرستقراطية ومن أرقى الأماكن بالإسكندرية إلى يومنا الحالي.
ويوضح الدكتور إسلام عاصم، أن "فيليبو بيني" واصل تشييد العديد من المباني بالمنطقة، وتعاظمت ثروته ليتولي بعدها عددا من المناصب والتكريمات منها وسام الفارس من الإمبراطور فيكتور إيمانويل، ولقب البكوية من خديوي مصر، ومستشارا قضائيا بالمحكمة القنصلية الإيطالية.
رحيل "بيني".. وإسبانيا تتسلم المبنى
عاش " فيليبو بيني" مع أسرته في قصره الذي بات أقدم مبنى في الشارع العريق، حتى توفي في الإسكندرية سنة 1910 عن عمر ناهز 61 عاما، ليدفن بعدها في مقبرة لا يقل تصميمها جمالا عن منشآته، واستمرت عائلته في المبنى حتى نهاية حقبة الخمسينيات لتنتقل ملكيته إلى الحكومة الإسبانية التي حولته إلى قنصلية ثم مركزًا ثقافيًا إسبانيًا يرأسه حاليا "لويس خابيير"، والذي أتاح الاطلاع على خرائط وتاريخ المبنى.
أيقونة للإسكندرية متعددة الثقافات
ويوضح أستاذ التاريخ المعاصر، أنه خلال السنوات الماضية عملت القنصلية الإسبانية على ترميم المبنى من الداخل والخارج وإعادته للحياة، ليظهر النسق المعماري المميز لعصر النهضة الحديث، واحتفظ المبنى بما في داخله من زخارف أصلية وتصميمات بحالة ممتازة، ليظل أقدم مبنى في أقدم شارع بالإسكندرية محتفظا بقصص وأحداث تعكس هوية المدينة متعددة الثقافات.
فيديو قد يعجبك: