امرأة في ثوب الرجال.. حكاية "المعلمة تمساحة" إمبراطورة سوق الخضار في الشرقية
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
الشرقيةـ ياسمين عزت:
تخدع العين حال رؤيتها للوهلة الأولى، يعتقد الناظرون أنها رجل بزيّها الرجالي والعمّة، وما أن يقتربون من ملامحها يتفاجئون ويحدقون بأعينهم بها من المفاجأة، فهي امرأة ترتدي جلابية بلدي وعمة، تتحدث بصوت جهوري في سوق الخضار والفاكهة، تعامل الرجال كأنها مثلهم، ويقدرونها كما لو كانت معلمة أو رجل من عهد الفتوّات.
في وكالة لسوق الخضروات والفاكهة حيث تجلس "هدى السيد" بمدينة منيا القمح في محافظة الشرقية، 55 عامًا، ترتدي جلابية بيضاء وعمة وتبدو بمظهرها كالرجال، تتعامل كما لو كانت رجل بالفعل، صوتها يلفت الانتباه من قوته، مبتسمة بشوشة وحازمة في التعامل.
تروي "هدى" لمصراوي أو كما يطلقون عليها تجار الفاكهة والخضروات على مستوى محافظات مصر "التمساحة" وأحيانا "بسكوتة" كما يلقبونها أهالي منيا القمح "مدينتها"، أن لها قصة مؤثرة بسبب رحلة كفاح بدأتها منذ نحو 25 عامًا، كانت سببًا وراء ارتدائها الملابس الرجالي، وكذلك سببًا في تحدثها بصوت وطريقة تشبههم أيضًا، رغم كونها أم لـ3 أبناء بينهم شاب في آواخر العشرينات.
تتابع "تمساحة" أنها كانت تعيش في صباها قصة حب لمدة 7 سنوات انتهت بالزواج، وأثمرت الزيجة ثلاث أبناء "بنتين وولد"، وبعد مرور الوقت دبت بينهما الخلافات، وتكاثرت عليهما المسؤوليات تجاه الأبناء، وترك الزوج الزوجة مغادرًا أسرته ضاربًا بكل احتياجاتهم عرض الحائط، انكسرت وانتابها اليأس ولم تملك من الدنيا ما يكفي حاجة أبنائها.
تضيف قائلة: "شعرت أن الانكسار ضياع لأبنائي قبل هزيمتي وخسارتي لحب العمر "زوجي" إلا أن الأمر أصبح تحديًا كبيرًا، وضعت أبنائي نصب عيني، وقمت من جديد أسعى وأكافح من أجل أبنائي، بدأت بببع الخضروات من عمل والدي الراحل، بأقل الكميات، وكلما شعرت بتراجع وهزيمة من صعوبات الحياة تذكرت فتاتيّ وابني الوحيد الذي رغبت بإلحاقه بالأكاديمية البحرية، كنت عايزة ابني قبطان".
أصرت على نفسها وعادت من جديد للعمل وبقوة، ضاعفت بضاعتها تدريجيًا وتعاملت في أكبر الأسواق بالإسماعيلية والعبور والمزارع في صعيد مصر وبحري، كما تعاملت مع كبار التجار، وزرعت الثقة باسمها معهم، حتى كبر أبنائها وهي ما زالت تعمل وتجاهد وتجتهد، قائلة:"تعرضت لطلب الزواج كثيرًا من رجال في العمل، فاضطررت أن أرفع شعار آخر لصدهم عني، وهو ارتدائي ملابس رجالي والتحدث بمثل طريقتهم ولهجة خشنة".
حققت أول حلم وهو إلحاق ابنها بالأكاديمية البحرية وتخرج وعمل في نفس المجال، وفق حديثها لمصراوي، استطاعت تمساحة أن تعلم ابنتيها من كدها وزوجتهما دون مساعدة أحد، وأخذت على عاتقها أن تساعد النساء اللاتي يعشن ظروفًا قاسية وفتيات عانين مثلها في أول حياتها خاصة من اللاتي يعملن في بيع الخضروات والفاكهة وغيرهن، هؤلاء اللاتي يطلقن عليها المعلمة "بسكوتة"، مشيرين إلى رقتها وحبها الفائض لحب الخير.
مرت الأعوام والسنوات وبلغت المعلمة تمساحة منتصف الخمسينات من العمر، وأصبحت جدة لأكثر من حفيد، تقول أنها حققت كل ما سعت إليه وتمنته وأصبحت شخصية معروفة في مدينتها ومحافظات مصر بعملها واحترامها لذاتها وللعمل، في رحلة امتدت لربع قرن من الزمان، كما أنها وجدت اللذة في السعي لتحقيق الذات ومواجهة التحديات، مؤكدة على ضرورة عمل المرأة لتصبح ما تريد دون حاجة لأحد حتى لأقرب الناس.
فيديو قد يعجبك: