من موائد الفايكنج إلى عيد الفطر.. قصة "البكالا" في مصر -صور
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
السويس - حسام الدين أحمد:
يحتفل المصريون بتناول الأسماك المملحة والمدخنة أو المجففة في عيد الفطر، لكن هذه الأطباق تتجاوز العادات الغذائية المرتبطة بالأعياد، فهي مصدر غني بالمعادن وقد ساهمت في استمرار حياة الشعوب ومقاومة الأمراض المزمنة.
البكالا: تاريخ وأهمية
يُعرف الحريد المجفف أو السمك الناشف باسم "البكالا" لدى أهالي السويس ومحبيه، وهو اسم قديم مستمد من أقصى شمال غرب أوروبا، يحمل هذا الطعام قصة وتاريخ يكشف أهمية تجفيف السمك ودوره في تاريخ دول أوروبا منذ العصور الوسطى.
دور الفايكنج في تغيير التاريخ
في عصورها القديمة، كانت رحلات الفايكنج وتوسعاتهم الاستعمارية تعتمد بشكل كبير على تجفيف السمك، كانوا يستخدمون هذه التقنية للحفاظ على السمك خلال رحلاتهم الطويلة عبر المحيطات، مما ساهم في توفير مصدر غذائي غني ومستدام لهم.
التجفيف طعام يبقى طول العام
التجفيف، عملية قديمة للحفاظ على الأسماك دون إشعال النار، تُمكن الشعوب من الاستمتاع بطعام صحي لمدة عام، ببساطة اترك الأسماك في الهواء الطلق أو على ظهر مركب وستحصل على سمك جاف صالح للاستهلاك.
فيتامين "د" من سمك القُد
على الرغم من نقص فيتامين "د" في دول الاسكندنافية بسبب قلة أشعة الشمس المباشرة، إلا أن سمك القد يُعتبر مصدرًا غنيًا بهذا الفيتامين، ما يُحمي الأطفال من الكساح ولين العظام.
ويحتوي سمك القد الأطلسي، الذي يتوفر في سواحل النرويج، على فيتامين "د" ولحم دهني غني باليود والصوديوم والبروتين، بينما يحتوي كبده على أحماض أمينية وأوميجا 3 الضرورية لصحة الجلد والعظام والمفاصل والجهاز الهضمي.
قصة قديمة تعود لما قبل القرن العاشر
تعود أهمية سمك القد في النرويج إلى ما قبل القرن العاشر الميلادي، حيث كانت أساسًا لاستدامة مصايد الأسماك، وكانت موردًا أساسيًا للمستوطنين الأوائل على سواحل النرويج.
سفن الفايكنج
يُمكن تجفيف سمك القد وحفظه دون فقدان نكهته، مما يجعله مثاليًا للتصدير والشحن لمسافات طويلة، وقد تم تحميل سمك القد المجفف على سفن الفايكنج، مما ساهم في تمكينهم من السفر بشكلٍ مستمر.
تجارة سمك القد
في القرون التي أعقبت رحلات الفايكنج، جرى تداول وبيع سمك القد النرويجي المجفف في أوروبا. تم استبداله بسلعٍ متنوعة كالنبيذ والتوابل والحبوب والملابس والمجوهرات.
تراث مصري
تعتمد مناطق ساحل البحر الأحمر في مصر على تجفيف الحريد كطريقة لحفظها، مما يعتبر جزءًا من التراث الثقافي وطريقة للتعامل مع هذا النوع من الأسماك.
السمك الناشف
كان الحريد المجفف معروفًا في الشريط الساحلي للبحر الأحمر وخليج السويس في مصر، حيث يُعد جزءًا من التراث المحلي للتعامل مع السمك.
استيراد القد النرويجي
دخل سمك القد إلى مصر خلال فترة الاحتلال البريطاني، وجبة مفاضلة للجاليات الأوروبية وأُطلق عليه اسم "البكالا"، حيث كان مطلوبًا ايضا على موائد الأثرياء كرمزٍ للترف والرغد.
يقول محمود نجم تاجر أسماك في السويس، إن سمك البكالا دخل على يد التجار الأوروبيين إلى مصر، كانت السفن تنقله من دول النرويج وأيسلندا والدنمارك، إلى مصر عبر ميناء الاسكندرية، وكان أهلها أول من عرفوا السمكة بذلك الأسم.
طريقة فرعونية
يضيف نجم أن السمك المجفف لم يكن غريبا على أهل مصر، خاصة أهل السويس فهو عادة فرعونية قديمة، يعرفها أهل القلزم "اسم السويس قديما" وكذلك جيران الساحل بالبحر الأحمر خاصة مدن القصير وسفاجا، كانوا وما زالوا يفضلون سمك الحريد، وهي طريقة لحفظ السمك لمدة طويلة تزيد عن عام.
لكن كان التمليح الرطب مثل تمليح الفسيخ والسردين في وعاء مغلق هو الاكثر انتشارا وشيوعا في الدلتا ومحافظات الساحل الشمالي امتدادا من العريش في سيناء وصولا إلى غرب الإسكندرية.
منع الاستيراد
بعد ثورة 1952 تغير الوضع في مصر، يقول نجم إن حكومة الثورة أصدرت قرار في عام 1954 بمنع استيراد عدة سلع كان من بينها البكالا بهدف تشجيع المنتج المحلي وصناعة الأسماك المملحة في مصر لا سيما الفسيخ إذ تأثر بالطلب المتزايد على سمكة القد المستوردة.
استخدام اسم "البكالا"
بعد ذلك، أصبح اسم "البكالا" يُستخدم بشكل عام لوصف السمك المجفف في مصر، سواء كان حريدًا أو أنواعًا أخرى من الأسماك المجففة.
حريد فرهودي
أحد أنواع سمك الحريد، وهو أفضلها وأجودها في التجفيف، حيث يتميز بكثافة لحمه وجودة نوعه، وتحمله التخزين مدة طويلة تصل لعام ونصف، كما ان كثافة لحم السمكة الأبيض يجعله مفيدا وتزداد نسبة البروتين بعد تجفيف السمكة من الماء.
ألواح من السمك
يخبرنا عبدالله زغلول تاجر أسماك في السويس إن عملية تجفيف الحريد تعتمد على فتح السمكة من الظهر ونزع الأحشاء والخياشيم، ثم تغسل في ماء البحر، وبعد ذلك يتم وضع الملح البحري داخل السمكة وغلقها مدة 6 ساعات لتتشرب الملح وتطرد الماء.
شمس وهواء
يضيف زغلول أن السمكة بعد ذلك تترك مفرودة في الهواء والأفضل ان يكون ذلك امام البحر مباشرة، فيضرب الهواء اللحم الأبيض ويجففه مما بقي من الماء، مع تعريضه لأشعة الشمس والرياح.
في الليل يتم وضع السمك في أماكن مغلقة، وتستمر عملية التجفيف لفترة تصل إلى شهر، مما يؤدي إلى فقدان السمكة لثلثي وزنها.
عملية التحضير
بعد التجفيف، يتم غمر الحريد في الماء ليعود إلى حالته الطبيعية، ومن ثم يُطهى ويُحضر بمكونات مختلفة لاستخلاص النكهة المميزة للسمك المجفف.
الأسعار
يتم بيع الحريد المجفف بسعر مرتفع نسبيًا نظرًا لعملية التجفيف الطويلة وفقدان الوزن الكبير الذي يحدث خلالها، حيث يُباع بسعر يتراوح بين 500 جنيه و600 جنيه للكيلو الواحد.
فيديو قد يعجبك: