إعلان

دُمية عمرها 108 أعوام.. حكاية مسرح "اللنبي" ببورسعيد من مقاومة الاحتلال حتى انطفاء شمعته (صور)

08:12 م الإثنين 21 أبريل 2025

بورسعيد - طارق الرفاعي:

ارتبط شم النسيم في محافظة بورسعيد بمسرح دُمية "اللنبي"، تلك الدمية التي قارب عمرها 108 سنوات، وبدأت كأحد أشكال المقاومة والنضال على مر تاريخ مصر ومدن القناة بشكل خاص، تحديدًا في مدينة بورسعيد الباسلة، حتى تجسيد رموز الفساد وأعداء الوطن وانتقاد عدد من سلبيات المجتمع وحرق الدمية في نهاية اليوم كنوع من المقاومة والانتقاد والرفض الشعبي السلمي.

ضابط بريطاني

وكشف المؤرخ البورسعيدي ضياء الدين القاضي عن حكاية مسرح اللنبي الشهير في بورسعيد، مشيرًا إلى أن البداية كانت عندما أقدم أبناء بورسعيد على حرق دمية تشبه "إدموند ألنبي"، ضابط بريطاني اشتهر بدوره في الحرب العالمية الأولى، واستيلاء بلاده على أراضٍ في فلسطين وسوريا عامي 1917 و1918، وقسوته وشدته مع العرب والمصريين، واضطهاده لأبناء إقليم قناة السويس بشكل خاص.

حرقوا دميته أمامه

وأوضح أنه أثناء تجول "ألنبي" راكبًا أحد المراكب في قناة السويس، قاموا بالخروج وأعدموا دمى كبيرة ترمز له، وحرقوها أمامه، وعُزل بعدها عن العمل كمندوب سامٍ في مصر، وعاد إلى بلاده.

نوع من المقاومة

وأكد على أن قصة حرق الدمية لم تتوقف بل استمرت كتقليد سنوي كنوع من المقاومة والنضال على مر تاريخ مصر ومدن القناة، خاصة في محافظة بورسعيد الباسلة. وبدأ صناعها في تطويرها لترمز إلى أعداء مصر ورموز الفساد، وتمثل الأزمات التي مرت بها البلاد بعد ذلك وتنتقد عددًا من السلبيات، كنوع من الانتقاد والرفض الشعبي السلمي.

ورشة صناعة اللنبي

وداخل ورشة قديمة بشارع متفرع من شارع أوچيني الشهير في بورسعيد، يتواجد الفنان التشكيلي محسن خضير داخل ورشته، والذي يعتبر أشهر صانعي دمية اللنبي في بورسعيد، موضحًا أن دمية اللنبي تطورت بشكل كبير مقارنة ببدايتها، حيث لم تقتصر على حرق دمية "إدموند ألنبي" فقط، بل أصبحوا يصنعون دمى لأعداء مصر والعرب مثل: "جولدا مائير وموشيه ديان"، أو ينتقدون من خلالها سلوكيات وعادات خاطئة.

كيفية صناعتها

وعن كيفية صناعتها، قال إنه يتم نحت الوجه الخشبي ليشبه شخصيات محددة يصب المواطنون غضبهم عليها وكأنهم أعداء أمامهم، ويعبرون عن غضبهم تجاههم، حيث وصل حد الغضب في عدة مرات إلى قذف الدُمى بالأحذية، لافتًا أنه مع التطور أصبح يصنع دُمى "اللنبي" من "الفوم" لسهولة نحته ولصقه، وسبق "الفوم" الصلصال.

ذكرياته مع مسرح "اللنبي"

وعن ذكرياته مع مسرح "اللنبي"، كشف أنه كان يتوافد المواطنون من بورسعيد ومن مختلف محافظات مصر في رحلات ومجموعات لمشاهدة مسرح "اللنبي" والاحتفال بشم النسيم في بورسعيد، حيث كان ينظم بجانبه حفلات فنية على أنغام السمسمية، وبيع المأكولات المختلفة، خاصة الفسيخ والرنجة و"المانجأونة"، والتي تعتبر واحدة من المخبوزات المرتبطة بهذه المناسبة.

وقف حرق "اللنبي"

ومع مرور السنوات، تم إيقاف طقس حرق دُمية اللنبي بعد دخول خدمة الغاز الطبيعي إلى عدد من أحياء بورسعيد، وحفاظًا على سلامة المواطنين من الحرائق التي قد تمتد لمناطق مجاورة وتسبب أزمات.

انطفاء شمعة "اللنبي"

ومنذ قرابة العامين، توقف مسرح "اللنبي" الشهير أمام ورشة "خضير" الشهيرة بحي العرب الشعبي القديم، لتنطفئ معه شمعة أكثر مظاهر احتفالات شم النسيم المحببة لدى المواطنين، والتي ارتبطوا بها تاريخيًا، وذلك لأسباب مختلفة لم يتم الإعلان عنها بصورة رسمية، وسط مطالب من أبناء بورسعيد وزوارها بضرورة عودة الحياة مرة أخرى إلى مسرح "اللنبي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان