إعلان

من الغيطان إلى أفخم الفنادق والمنازل.. "أثاث الجريد" حرفة عتيقة تصارع الزمن في المنيا -صور

03:57 م الإثنين 12 مايو 2025

المنيا- جمال محمد:

صناعة الأثاث المنزلي من جريد النخل مهنة عتيقة اشتهرت بها محافظات الصعيد على مدار قرون طويلة، ورغم اندثارها في العديد من المحافظات، إلا أنها لا تزال تحتفظ بوجودها في محافظة المنيا، التي تُلقب بعروس الصعيد، بفضل إقبال أصحاب الذوق الرفيع عليها، وصبر قلة من الحرفيين المهرة الذين يحافظون على شكلها البدائي الذي يُحبه الكثيرون، خاصة في القرى السياحية وبعض الأندية، وأيضاً في المنازل.

ورشة بسيطة في حي تاريخي

في أحد أحياء مدينة المنيا العتيقة، وتحديدًا بشارع الجزارين المتفرع من حي الحبشي، يجلس محمد صلاح، صاحب الأربعون عاماً، على جانب طريق صغير متفرع من حارة ضيقة، مستظلاً بخيمة بسيطة لتكون ورشته التي ورثها أبًا عن جد، ليبدأ في ممارسة حرفته التي عرفها منذ أكثر من 25 عامًا.

"بلطة حديدية" وقطعة من الخشب الثابتة على الأرض "القرمة" هي أهم أدوات صلاح في عمله على مدار اليوم، ليبدأ في تصنيع قطع أثاث جديدة من جريد النخيل

مراحل التصنيع

يبدأ محمد صلاح يومه بجمع كميات من جريد النخل التي يشتريها من المزارعين خاصة في قرى مركز المنيا، ليقوم بتقطيعها وتنظيفها من السعف والطبقة الخارجية المشبعة بالشوائب، وبعد ذلك ينتقل إلى مرحلة التثقيب والتجميع حسب حجم ونوع المنتج الذي يطلبه الزبون، سواء كان كرسيًا أو طاولة أو أرففًا.

إقبال متواصل يناسب جميع الأ ذواق

يقول صلاح لـ "مصراوي" إن الإقبال على الأثاث المصنوع من جريد النخل لا يزال موجودًا، إذ يقوم بتوريد كميات كبيرة إلى المقاهي والفنادق السياحية، بالإضافة إلى طلبات الأفراد من مختلف الطبقات الاجتماعية، فضلاً عن محال الخضار والمخابز تطلب باستمرار صناديق الجريد لحفظ المنتجات، مما يساعده على الاستمرار في مهنته

تقلبات الأسعار والبحث عن الربح

يوضح محمد أن سعر الجريد يرتفع في الصيف ليصل إلى 5 آلاف جنيه لكل ألف جريدة، بينما ينخفض إلى أكثر من النصف في الشتاء بسبب وفرة الكمية، مشيراً إلى أنه يتجه إلى قرى مركزي ملوي وأبو قرقاص لشراء الجريد بأسعار أقل، مما يساعده على تغطية تكاليف الحياة، نتيجة توافر النخيل بكميات كبيرة في زراعات تلك المراكز.

وأكد صانع الأثاث من جريد النخل في المنيا، أن أبرز ما يُميز الأثاث المصنوع من جريد النخيل هو قوة تحمله لسنوات طويلة، مقارنة بنظيره المصنوع من البلاستيك، مضيفاً أن أسعار الكراسي التي كان يصنعها سابقًا كانت لا تتجاوز الـ 100 جنيه و 150 جنيه للكبير، ولكن مع غلاء المعيشة وارتفاع تكلفة الإنتاج، فإن سعر الكرسي حالياً يبدأ من 300 جنيه ويزيد عن ذلك بحسب الحجم، وكذلك الكنب الكبير قد يصل إلى 800 جنيه أو أكثر، والمناضد تبدأ من 150 جنيهًا وتصل إلى 400 جنيه، بحسب احتياج كل شخص أو فندق لإضافة بعض الأشياء في الأساس الذي يطلبه.

إصرار بالتمسك على التراث

وعلى الرغم من مشقة المهنة التي يمارسها الشاب لوحده وفي بعض الأحيان يعاونه شقيقه، فإنه يؤكد أنه لن يتخلى عن حرفته التي علمته الصبر، ويعتزم تعليمها لأبنائه في المستقبل لضمان استمرارها وحمايتها من الاندثار، فلهذه الصنعة تاريخ عريق في تزيين المنازل وتلبية احتياجات المجتمع، وهي تستحق الحفاظ عليها كجزء من التراث الصعيدي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان