أكتوبر.. شهر يجمع ذكري الميلاد والنصر للمشير أحمد إسماعيل
كتبت - هبه محسن:
رن هاتفه في حوالي الثالثة عصراً من مساء يوم 26 أكتوبر 1972، فوجئ باستدعاء رئيس الجمهورية له في منزله بالجيزة، لم يكن يعرف حينها ما سبب هذا الاستدعاء المفاجئ إلا أن جميع المعطيات تؤكد أن الأمر جلل لذا استدعاه الرئيس أنور السادات على هذا النحو.
عندما وصل إلى منزل السادات، فوجئ المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية، خلال حرب 6 أكتوبر، بتكليفه من رئيس الجمهورية بتولي وزارة الدفاع وإعداد خطة للحرب.
وقال المشير الراحل أحمد إسماعيل عن هذا اللقاء في مذكراته: ''كان هذا النهار أحد الأيام المهمة والحاسمة في حياتي كلها، بل لعله أهمها على الإطلاق، كنا نسير في حديقة المنزل ولم أكن أدري سبب استدعائي ولكني توقعت أن يكون الأمر خطير وبعد حديث قصير عن الموقف حدث ما توقعته، حيث أبلغني سيادته بقرار تعييني وزيرًا للحربية اعتبارًا من ذلك اليوم وفي الوقت نفسه كلفني بإعداد القوات المسلحة للقتال بخطة مصرية خالصة تنفذها القوات المسلحة ليتخلص بها الوطن من الاحتلال الصهيوني، وكان لقاؤه لي ودودًا إلى أقصي حد، وكان حديثه معي صريحًا إلى أبعد حد''.
وصف شعوره بعد هذا اللقاء بكلمات مقتضبة لخص فيها مشاعره قائلا: ''عندما انتهى اللقاء ركبت السيارة لتنطلق في شوارع القاهرة وشريط الذكريات والظروف يمر في ذهني وأمام عيني، هآنذا أعود مرة أخري لأرتدي الملابس العسكرية''.
ومنذ ذلك التاريخ عاد المشير أحمد إسماعيل إلى الجيش المصري بعدما تم استبعاده من قبل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في سبتمبر 1969، حتى عينه السادات مديراً لجهاز المخابرات العامة.
حلم العسكرية
ولد المشير أحمد إسماعيل في 14 أكتوبر 1917 بمنطقة شبرا، وكان منذ صغره يحلم أن يكون ضابطاً بالجيش المصري، وعندما أنهى مرحلة التعليم الثانوي حاول الالتحاق بالكلية الحربية ولكنه فشل والتحق بكلية التجارة وبعد عدة محاولات قبلت أوراقه بالكلية الحربية مع الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات عام 1934.
التحق ''إسماعيل'' بسلاح المشاة، وشارك في العديد من الحروب التي خاضتها مصر، وأنشئ قوات الصاعقة بالجيش المصري وشارك في إنشاء القوات الجوية عام 1948.
وفي عام 1950 حصل ''إسماعيل'' على الماجستير في العلوم العسكرية، ودرس مادة ''التكتيك العسكري'' بالكلية الحربية وتم ترقيته حينها إلى رتبة لواء.
وتم تعينه رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة من قبل الرئيس جمال عبد الناصر الذي أقاله من منصبه عام 1969.
وفي عام 1970 عينه السادات رئيساً للمخابرات العامة، وفي عام 1972 اختاره السادات وزيراً للدفاع وابلغه بأنه من سيقود الجيش المصري في الحرب على إسرائيل.
وقبل أيام من وفاته عام 1974 اختارته مجلة الجيش الأمريكي كواحد من ضمن 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكًا جديدًا.
ووصفه عدد من الخبراء العسكريين بأنه ''بطل من جيل الألم''، نظراً لخوضه 3 حروب تجرع فيها مرارة الهزيمة مع أبناء مصر وعندما تولى مهمة القيادة كان النصر حليفاً لمصر.
الزعفرانة.. وخروجه من الجيش
خرج المشير الراحل أحمد إسماعيل من الجيش على إثر خلافه مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد حادثة الزعفرانة –نزول الجيش الإسرائيلي إلى خليج السويس في 9 سبتمبر 1969والقيام بعدد من العمليات هناك، وحينها أمر الرئيس الراحل المشير أحمد إسماعيل وكان رئيساً للأركان آنذاك بالتوجه لموقع الأحداث ولكن أحمد إسماعيل ذهب للقاهرة لمتابعة الوضع من غرفة العمليات بمكتبه.
اعتبر عبد الناصر ما فعله إسماعيل مخالفة لأوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية فأصدر قراراً بإقالته لاتهامه بالتقصير في حادثة ''الزعفرانة'' مع اللواء فؤاد فكري قائد الوات البحرية آنذاك لأنه لم يعترض النزول الإسرائيلي إلى خليج السويس كما قيل في ذلك الوقت.
ويقول أبناء المشير أحمد إسماعيل في حديثهم عن هذه الحادثة أن والدهم المشير الراحل لم يقصر في التعامل مع ''الزعفرانة'' وأن سبب إقالته كانت وشاية تعرض لها من أصحاب مراكز القوى الذين حاولوا الوقيعة بينه وبين الرئيس الراحل.
أكتوبر 73
بعد خروجه من الحياة العسكرية في 1969 ظل حلم الحرب والعبور يداعب أحمد إسماعيل وكان دائماَ ما يطالب قيادات الجيش الذي ظل على علاقة طيبة بهم أن يتطوع في الجيش في حال خاضت مصر الحرب ضد إسرائيل.
لم يكن يتخيل المشير الراحل أنه سيعود مرة أخرى لبدلته العسكرية ولكن خلاف الرئيس الراحل أنور السادات مع وزير الحربية الفريق محمد صادق حول قدرة الجيش على العبور السبب في إعادته للجيش ولكنه في هذه المرة عاد قائداً عاماً للقوات المسلحة.
وحينها كلف الرئيس السادات المشير بإعداد الجيش للحرب في فترة قصيرة والعمل على تطوير مخططات الهجوم والأسلحة، ورغم صعوبة الوضع إلا أن أحمد إسماعيل قبل المهمة ونفذها بنجاح كبير في حوالي عام وقد تجلى هذا النجاح في 6 أكتوبر 1973.
وسادت في الشارع بعد تعيين إسماعيل وزيراً للدفاع حالة من الثقة والطمأنينة بالنصر، ويقول كثيرين أن الجميع كان يعلم حجم تدين ودماسة خلق المشير أحمد إسماعيل ومدى قدرته وكفاءته العسكرية وعندما اختير وزيراً للدفاع أيقنا أن النصر بات قريباً.
ويتردد أن قبل الحرب بأيام استدعي السادات وزيره لسؤاله عن مدى جاهزية الجيش للعبور، وأكد له أن الجميع مستعد للحظة العبور.
وقال له السادات في هذا اللقاء: ''أنا خايف تكون جثتك متعلقة في ميدان التحرير لو خسرنا الحرب'' ورغم أن التحدي كان كبيراً إلا أن أحمد إسماعيل رد قائلاً ''وأنا موافق من أجل مصر''.
ولأنه عاش مرارة النكسة في 1967 ولحظات إعداد الجيش منذ ذلك الحين وصولاً إلى 6 أكتوبر 1973 رفض أحمد إسماعيل الدفع بالقوات إلى مزيد من المخاطرة لتحقيق أهداف مضاعفة على الأرض حفاظاً على سلامة القوات.
وبعد الحرب قال: ''لقد حققنا انتصاراَ كبيراً ومضاعفاً لأني تمكنت الخروج بقواتي سليمة بعد التدخل الأمريكي السافر في المعركة.. فقد كانت سلامة قواتي شاغلي طوال الحرب ولذلك رفضت المخاطرة بالقوات لأني أعلم جيداً حجم الجهد الذي أعطته مصر لإعادة بناء الجيش بعد النكسة''.
توفي أحمد إسماعيل في 25 ديسمبر عام 1974، حيث كان مصاباً بسرطان في الرئة، ولكن قبل وفاته تم تكريمه في مجلس الشعب وترقيته لرتبة مشير، ثم غادر الحياة محققاً نصراً كبيراً يتحدث عنه العالم حتى الآن.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك ... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: