الأناضول: ''تايتانيك'' الموت تحصد أرواح لاجئين سوريين
إسطنبول – (الأناضول):
تتعدد وجوه الموت السوري، ما بين أكثر من مائة وخمسين ألف قضوا، نتيجة قصف قوات النظام السوري لغالبية السوريين بصواريخ وقذائف الطائرات الحربية، والدبابات والراجمات والرشاشات، والأسلحة الكيمياوية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح العديد من السوري، يفقدون حياتهم، نتيجة حوادث غرق مراكب اللاجئين السوريين، التي باتت تتكرر بصورة لافتة، خلال الأيام الأسابيع الماضية، إذ يكاد لا يمر يوم حتى يلقى العشرات أو المئات حتفهم غرقًا على متن أحد المراكب، التي تنقلهم من مصر أو ليبيا أو سواهما إلى إحدى بلدا المتوسط الأوروبية، وذلك بسبب المضايقات التي يتعرضون لها في بعض دول اللجوء، وخاصة مصر، وزادت الحوادث بعدما أعلنت 17 دولة أوروبية عن استعدادها لإيواء قرابة 10 آلاف لاجئ سوري.
ويعود ازدياد حوادث الغرق إلى الابتزاز، الذي يتعرض له السوريون، من تجار الموت وأصحاب المراكب، وإلى علاقات بعض السوريين أنفسهم بالمافيا الأوروبية والعربية، أولئك الذين يستغلون حاجة اللاجئ السوري إلى ملاذ آمن في إحدى البلدان الأوروبية، إضافة إلى الضغوطات والمضايقات الأمنية، التي يتعرض لها اللاجئ السوري في بعض دول اللجوء، وخصوصا في مصر ولبنان.
والمأساة الإنسانية السورية، التي سببها تعامل النظام السوري مع غالبية شعبه، ليست بحاجة إلى جهد كبير لاكتشاف مختلف جوانبها، فهي تتجسد في الموت اليومي، الذي تسببه الحرب الشاملة والقذرة التي يشنها النظام على المناطق الثائرة وعلى الحاضنة الاجتماعية للثورة السورية، وتتجسد أيضاً في أضخم حركة هجرة في العالم منذ أكثر ثلاثة عقود، حيث اضطر أكثر من ستة ملايين سوري إلى النزوح داخل بلادهم، وهذا العدد يشكل ثلث السكان، فيما لجأ نحو ثلاثة ملايين سوري إلى خارج بلادهم.
وبحسب المفوضية العليا للاجئين فإن نحو 97 في المئة من هؤلاء استقروا في دول الجوار، حيث دخل لبنان العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، أي حوالي 760 ألفاً بحسب المفوضية، فيما يتحدث مسؤولون لبنانيون عن وجود 1,3 مليون سوري في لبنان، مع حساب غير المسجلين كلاجئين. ولجأ 549 ألف سوري إلى الأردن، وأكثر من 500 ألف إلى تركيا، ونحو 190 ألفاً إلى العراق. وتوزع نحو 50 ألف سوري إلى اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي وسواها، منذ بداية الثورة السورية.
لقد بات السوريون عالقين ما بين بين الموت تحت القصف، أو المجازر، أو بسبب التجويع، أو غرقاً في تايتانيك بالبحر الأبيض المتوسط، وتحت أعين العالم، ووسط صمت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، الأمر الذي يكشف هول الكارثة السورية، وما تتضمنه من أهوال وعذابات، بعدما أضحت قطاعات واسعة السوريين، من دون بيت يأويهم، أو مورد، إنهم في غالبيتهم إما ما نازحين في بلدهم أو لاجئين في بلاد أخرى.
والملفت في وجوه الكارثة السورية، هي أن الموت غرقاً في البحر لا يخلف دماء، ويتم من دون اشتعال النيران، أو تهمد ودمار البيوت والمحلات، إذ يموت الغرقى، وهم محاطون بالمياه من كل جانب، وتبدو أجسادهم عاجزة وصغيرة جداً أمام بحر مالح عميق، كان السوريون ينظرون إليه عن بعد، ولا يفكرون بيابسة خلفه، ما دامت يابستهم تقيهم على الأقل شر اعتلاء مركب غير مؤمّن.
لم تثن حوادث غرق عشرات السوريين في المتوسط، غيرهم ممن ينتظرون السفر، خاصة أمام الضغوط المصرية التي تمر من أمامها مراكب المهاجرين المسافرين دون أن يرف لها جفن.
ثلاثة رحلات يومية تقريباً قد تزيد واحدة أو تنقص واحدة بفعل أعطال في العبارات، يدفع السوريون فيها ما يتراوح بين 3500 و5000 دولار يقطعون فيها المتوسط عرضاً من الاسكندرية نحو سواحل إيطاليا، وربما نحو الموت المحتوم.
لا أحد رواى مأساة التايتانيك السوري، سوى قلة من أصحاب الضمير الحي، بينما سبب غرق سفينة التايتانيك التاريخية، قبل مئة وعام، قصصاً وحكايات، وأثار تعاطف الملايين من العالم، واتخذت تدابير واحتياطات وقوانين رادعة، كي لا تتمرر المأساة، فيما تستمر المأساة الإنسانية السورية، وتتفاقم يوماً بعد آخر.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: