''الخضيري''.. من منصة القضاء إلى ساحة الاتهام
كتبت- هبه محسن:
أحد قضاة ''تيار الاستقلال'' الذين كشفوا تزوير انتخابات مجلس الشعب في 2005، ووقفوا أمام نظام حسني مبارك معلنين رفضهم لتجاوزات هذا النظام، وفي ثورة 25 يناير نزل ''شيخ القضاة'' المستشار محمود الخضيري إلى ميدان التحرير ليتضامن مع ثورة الشعب ضد النظام.
ولمكانته القانونية والقضائية انتخب ''الخضيري'' لمجلس الشعب 2011 وترأس لجنة الشئون التشريعية في المجلس وكان أحد أعضاء اللجنة التأسيسية لدستور 2012، حتى تم حل مجلس الشعب بقرار من المحكمة الدستورية العليا ليعود المستشار محمود الخضيري إلى عمله بالمحاماة.
يرى ''الخضيري'' أن ما حدث في 30 يونيو هو ''انقلاب'' ولكنه في الوقت نفسه يرى أن مظاهرات الإخوان ''حمقاء'' ومطالبتهم بعودة الرئيس السابق ''سذاجة''.
''تاريخه القضائي''
تخرج محمود الخضيري من كلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1963 وتم تعينه في النيابة العامة في نفس العام، حيث عمل معاون نيابة بنيابة أسيوط.
ومن ثم تدرج ''الخضيري'' في المناصب القضائية من مفتش قضائي بالمحاكم إلى مستشاراً بمحكمة النقض، تم ترقى داخل محكمة النقض حتى أصبح نائباً لرئيس محكمة النقض، وفي عام 2004 تم انتخابه رئيساً لنادي قضاة الإسكندرية.
وفي عام 2009 تقدم المستشار محمود الخضيري باستقالته من القضاء وأكد آنذاك أن استقالته من منصبه نائباً لرئيس محكمة الاستئناف جاءت لرفضه تدخل السلطة التنفيذية في أعمال القضاء، وقال حينها ''أعتبر أن استقالتي صرخة احتجاج في وجه الأوضاع الحالية بالقضاء، وأتمنى أن تحدث نوعاً من الجدية لإصلاحه''.
وقد أثارت هذه الاستقالة ردود فعل كثيرة داخل الأوساط القضائية بين مؤيد ومعارض لقرار استقالة أحد شيوخ القضاء الذي قضى في السلك القضائي 48 عاماً، ولكنه أكد أنه استقال ليكمل معركة استقلال القضاء بعيداً عن حصانته القضائية وقال ''لم أنسحب، بل قرّرت خوض المعركة بطرق أخرى. بعضهم تصوّر أنّ جرأتي كانت نابعة من الحصانة القضائية التي أتمتّع بها، فطرحتُ الحصانة جانباً كي أخوض المعركة كأي مواطن. والاستقالة منحتني فسحة لمزيد من العمل السياسي''.
وبعد الاستقالة قرر ''الخضيري'' العمل في المحاماة وأسس مكتب للمحاماة بالإسكندرية، واستمر عمله بالمحاماة حتى ذلك الحين أمام المحاكم الإدارية العليا والدستورية.
وقد فاز الخضيري عام 2009 بجائزة ''محارب ضد الفساد'' التي منحتها له حركة ''مصريون ضد الفساد'' بسبب معركته من أجل استقلال القضاء.
''تيار الاستقلال''
خاض المستشار محمود الخضيري معارك كثيرة مع نظام حسني مبارك من أجل استقلال القضاء وتحقيق العدالة بعيداً عن تدخلات السلطة التنفيذية.
وفي عام 2005 رفع ''الخضيري'' مع مجموعة من القضاة ''تيار الاستقلال'' مطالبهم بتعديل القانون السلطة القضائية بما يمنحها مزيداً من الاستقلال بعيداً عن السلطة التنفيذية، الذين رأوا في ذلك الحين أنها تفسد عمل القضاء بالتدخل فيه بما لا يحقق العدالة في المجتمع.
كما اعترض قضاة ''تيار الاستقلال'' على سحب سلطة الإشراف القضائي على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحاكمات العسكرية للمدنيين وغيرها من القضايا التي اعتبرها انتهاكاً للقضاء.
ويرى شيخ القضاة أن ''استقلال القضاء ليس مسألة فردية خاصة بكل قاضٍ، إنّها مسألة نظام قضائي مستقل يصعب أن يكون هناك قاض مستقل، فيما النظام القضائي ككل غير مستقل، عدم احترام الأحكام القضائية مثلاً يمثّل انتهاكاً صارخاً لاستقلال القضاء، وكذلك إحالة المدنيين على محاكم عسكرية، وإحالة بعض القضايا على قضاة معيّنين، كل هذه الأمور وغيرها تنال من استقلال القضاء مهما كانت درجة نزاهة القاضي نفسه وتجرّده''.
ومن أقواله أيضاً إن ''القاضي لابد أن يكون غير خاضعاً إلا لضميره وللقانون، وأن يتحرر من أي ضغوط سواء كانت مادية أو معنوية وأن تكون إرادته حرة غير متأثرة بأي من الاتجاهات السياسية''.
وأيد ''الخضيري'' في تلك الاثناء المطالب بتعديل قانون السلطة القضائية بما يضمن الاستقلال التام لميزان العدالة بعيداً عن السلطة التنفيذية أو أي مؤثرات.
وفي نفس العام 2005 كشف قضاة تيار الاستقلال وفي مقدمتهم المستشار محمود الخضيري وقائع تزوير انتخابات برلمان 2005، وتعرضوا لمضايقات كثيرة آنذاك من النظام السابق، وكانت هذه المعركة من أشرس المعارك التي خاضها ''الخضيري'' ضد نظام مبارك.
''25 يناير.. ثورة ضد النظام''
ثورة 25 يناير كانت بداية الطريق السياسي للمستشار محمود الخضيري، حيث أنضم حينها لملايين المتظاهرين الذين نزلوا إلى ميدان التحرير للمطالبة بإسقاط النظام ورحيل حسني مبارك.
وبعد رحيل النظام دعم الإخوان المسلمين ''الخضيري'' في انتخابات برلمان الثورة ضد المرشح طارق طلعت مصطفى في دائرة الرمل بالإسكندرية، وقد أكد أنه يدين بالولاء للإخوان المسلمين لمساندتهم له في انتخابات برلمان 2011.
ثم ترأس الخضيري اللجنة التشريعية بهذا المجلس 2011 – 2012 حتى تم حله بقرار من المحكمة الدستورية العليا في 2012، وانتقد ''الخضيري'' آنذاك الحكم ووصفه بأنه ''حكماً مسيساً''.
واتهم ''قاضي تيار الاستقلال'' بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين ومجاملتهم والدفاع عنهم بدون وجه حق، وعندما قرر الدفاع عن حارس خيرت الشاطر – الذي اتهم بحيازة سلاح بدون ترخيص - تأكد هذا الاتهام عليه، ولكنه كان دائماً ما يؤكد أنه لا ينتمي للإخوان وأنه قاضي يقف فقط بجوار الحق.
وفي فترة حكم الإخوان لمصر انتقد المستشار محمود الخضيري بعض من القرارات التي اتخذها الرئيس السابق محمد مرسي، ومن بين هذه القرارات عزل النائب العام الأسبق عبد المجيد محمود، حيث ارتأى أن طريقة عزل النائب العام عبد المجيد محمود لم تكن صحيحة.
كما انتقد ''شيخ القضاة'' قانون السلطة القضائية الذي سعى مجلس الشورى السابق لإصداره بدون موافقة القضاة، معتبراً أن تعديل قانون السلطة القضائية أمر مهم للغاية من أجل استقلال القضاء ولكن إقرار هذا القانون تحديداً بهذه المواصفات سيتسبب في أزمة في صفوف القضاء المصري.
30 يونيو.. والانقلاب
بعد 30 يونيو خرج المستشار محمود الخضيري ليؤكد أن ما حدث بعد 30 يونيو كان ''انقلاباً'' على الشرعية، وأن ما أفعال الرئيس السابق خلال عام من الحكم هي ''خطايا'' وليست ''خطيئة'' يستحق عليها كل ما جرى له.
واعتبر أن المحاكمة التي تحاكم الرئيس السابق ليست شرعية وأن التهم الموجهة إليه بالتخابر ''باطلة''، معللاً ذلك بأنه من حق أي رئيس الحديث إلى رؤساء وزعماء الدول الأخرى، وأبدى استعداده للدفاع عنه إذا وافق الرئيس السابق.
ولكن المستشار الخضيري عاد ليؤكد أن مظاهرات الإخوان المسلمين ''حمقاء'' ودعواتهم لعودة الرئيس السابق مجرد ''سذاجة'' وغير منطقية.
لم يكمل المستشار محمود الخضيري مسيرته السياسية وتم اعتقاله بالأمس على خلفية اتهامه بتعذيب بعض المتظاهرين في ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير 2011، حيث تقدم عدد من الشباب ببلاغ يتهم المستشار محمود الخضيري بتعذيبهم داخل إحدى شركات السياحة في ميدان التحرير لانتزاع اعترافات منهم تفيد بانتمائهم للحزب الوطني السابق.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: