علاء عبدالهادي.. قصاص غائب لطبيب ثائر
كتب ـــ عمرو والي ومحمد مهدي:
مشهد مرتبك في شارع القصر العيني الغارق في الظلام، اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وعناصر من قوات الجيش وآخري مجهولة، في فجر الجمعة 16 ديسمبر، يسقط على إثرها مصابين، يلتقف بعضهم شاب نحيف، يميز وجهه نظارة يرتديها يُعدلها بين الحين والأخر، خرج من منزله قاصدًا اسعاف المصابين.
في الطريق، ينهمك عقل الشاب في التركيز على إنهاء آلام الجرحى، أثناء تضميد جراحهم بقطع من شاش وإسعافات أولية، يحاول أن يرسم ابتسامه على ملامحه تطمئنهم، لم تُكتمل، بعد أن اخترقت رأسه، رصاصة تسببت نزيف حاد أدى إلى هبوط في الدورة الدموية واستشهاده على الفور، لتُنهي معها حلمه بالحصول على جائزة نوبل ''كان نفسه يبقى من الشخصيات المؤثرة في المجتمع، والعالم كله، وليس طبيب عادي، حلمه أن يصبح مثل زويل'' كلمات قصها علينا شقيقه كريم.
نبوغ ظهر جليا على علاء عبدالهادي منذ الصغر، من خلال تفوقه دراسيًا في كافة المراحل التعليمية، بخُطى ثابتة مكنته من الالتحاق بكلية الطب جامعة عين شمس، بعد حصوله على 99 % في نتيجة الثانوية العامة، ليُصبح الأول على محافظة الغربية التي ولد بها.
اهتمامه بالدراسة لم يمنعه من الانخراط في المشاركة في الأنشطة الأخرى داخل الجامعة؛ حيث ترأس إحدى الأسر الطلابية بداخل الجامعة، وشارك في تظاهرات تطالب بتغيير عميد الكلية، وانضم لركب الثورة المصرية منذ اللحظة الأولى، على حد قول شقيقه.
اعُتقل الشاب العشريني لمدة يومين بالجبل الأحمر أثناء ثورة يناير، خرج بعدها ملتحفًا بمشاعر النصر والحرية التي استشرت في ميادين وشوارع المحروسة في أعقاب الثورة المجيدة التي أبهرت العالم حينها، جعلته تلك المشاعر لأن يحرص على النزول إلى ميدان التحرير في جميع الأحداث والمسيرات، ويساعد، بما يفقه في الحياه من علم، المصابين في الأحداث التي تقع فيها مصادمات مع قوات الأمن أو بلطجية ''كان من مؤسسي المستشفيات الميداني لمعالجة المصابين، يشارك وقت الضرب للإسعاف والعلاج''، على ما يقول أخوه.
''معالجة مصابي الثورة، كانت ضمن اهتماماته الأساسية؛ حيث شارك في علاج مئات المصابين، و نزول لنفس السبب للمشاركة في أحداث مجلس الوزراء'' كلمات يشرح بها كريم، اهتمام الطبيب الشاب، بالزود عن الثوار المصابين، والمشي في دروبهم، والزود عنهم بما يحمله من معلومات عن الطب.
يرى أن تخفيف آلام الغير رسالة، وانقاذ روح من مغادرة الحياة عبادة، لكنه كتم سره بداخله ولم تكن أسرته تعلم بأي من هذه الأمور، فقد كان ''علاء'' يميل إلى الصمت، حتى لا يُقلق والدته.
يشكو شقيقه كريم، من القصاص الغائب، تُقطر كلماته حزن وآلم، وهو يشرح معاناة والدته ''محدش هيحس بأم شهيد شافت المر لحد لما ربت و كبرت و كانت تنتظر نتيجة تعبها دكتور يتخرج و يعالجها''، مؤكدًا أن شهداء ومصابي أحداث مجلس الوزراء أصبحوا جناة في قضايا شغب وحرق المجمع العلمي، وهم في الأساس مجني عليهم، وفى المقابل البراءة لكل من تلطخت أيديه بدماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل تحقيق أهداف الثورة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: