ياسر عبد العزيز: النظام يعطي غطاءً سياسيا لاغتيال الإعلاميين (حوار)
حوار - نور عبد القادر:
رأى الخبير الإعلامي الدكتور ياسر عبد العزيز، أن هناك استهداف للإعلاميين بالقتل والاعتداء والاغتيال المعنوي والاستهداف القانوني منذ تولي الرئيس مرسي الحكم الماضية أكثر مما جرى خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك.
وقال عبد العزيز في حوار مع مصراوي إن هناك 17 قانونا سالبا لحرية الصحافة والإعلام، كما الدستور يحتاج إلى تعديل مواده المتعلقة بهذا الشأن.
وأبدى الخبير الإعلامي استغرابه من حضور الشيخ حازم أبو إسماعيل مؤتمر الإعلام الذي عقد مؤخرا برعاية وزارة الإعلام، وقال إنه ''أرهب الإعلاميين''، مشيرا إلى أن إصلاح الإعلام سواء الحكومي أو الخاص بالحرية والرقابة وليس بالغلق والقمع.
وإلى نص الحوار..
كثرت الاعتداءات على الصحفيين في الفترة الأخيرة، كيف تنظر لهذا الأمر؟
الإعلاميون باتوا يعملون في ظروف أسوأ من تلك التي كانت خلال النظام السابق، وعدد الصحفيين الذين تعرضوا للقتل أو الاعتداء المادي المباشر أو الاغتيال المعنوي او الاستهداف القانوني منذ تولي الرئيس مرسي السلطة أكثر مما حدث على مدى العقد الاخير من عهد الرئيس السابق.
للأسف الشديد النظام الحاكم أرسى قاعدة لاستهداف الاعلام والاعلاميين والاغراء بهم، عندما وصفهم (الدكتور محمد بديع) مرشد الإخوان المسلمين بسحرة فرعون، وحينما هددهم الرئيس واتهم وسائل الإعلام المختلفة بالاشتراك في مؤامرة ضد المصلحة الوطنية.
ماذا عن المواد المتعلقة بالصحافة وحرية التعبير في الدستور الجديد؟
الدستور الذي تم إقراره يضع قيودا على حرية الصحافة والاعلام ويعكس تصورا أحاديا لتيار سياسي واحد معروف بعدائه لحرية الرأي والتعبير، ويصنع تشريعات سالبة للحرية وقوانين مسيئة للصحافة والإعلام. يضاف إلى ذلك أن تيار الإسلام السياسي ومندوبيه في الحكم يشنون أكبر حملة لاغتيال الإعلاميين، ويشجعون الممارسات القمعية ضد الإعلام ويوفرون غطاءً شرعيا وسياسيا لاستهداف الصحافة والإعلام.
كثيرون تحدثوا عن ضرورة إصلاح الإعلام، هل يمكن ذلك في وجود تلك المواد الدستورية؟
لابد أولا البدء في تعديل تلك المواد المعيبة بالأخص المادتين 215 و216 لما بهما من عوار ضد حرية الاعلام، هذا فضلا عن إضافة مواد أخرى لازمة من أجل حرية التعبير والإعلام.
وكيف تصف حصار مدينة الإنتاج الإعلامي؟
حصار مدينة الإعلام تصرف سي، والنظام يغذي تلك الممارسات بما يصدره من تصريحات من شأنها إغراء أنصاره، وهو بذلك يساهم في الاعتداء على الإعلاميين.
عقد مؤخراً مؤتمرا حول الإعلام حضره الشيخ حازم أبو إسماعيل، بما تفسر ذلك؟
أرى أن هذا المؤتمر كان أشبه بلقاء كلامي، وتم دعوة أشخاص انتهكوا حرية الإعلام، وأرى أن هذا الأمر محاولة لاستيعاب المعادين لحرية الصحافة والإعلام، لكن الحديث أنه سيضع تطوير لمنظومة الإعلام أو ميثاق شرف، ليس إلا هزل، والذين يدعون لميثاق شرف إما أنهم مغرضين أو غير فاهمين؛ فتحت بالفعل لدينا مشكلة لكن الحل ليس في ميثاق شرف إنما في إعادة بناء الإعلام المصري.
وكيف ذلك؟
إصلاح منظومة الاعلام يقوم على ثلاثة عناصر هامة هي الحل السحري وتتضمن الحرية والتنظيم الذاتي للمؤسسات وإنشاء الهيئات الضابطة والمستقلة وبالنسبة لميثاق الشرف هو مجرد عنصر ضمن إنشاء الهيئات الضابطة. لكنهم يريدون أن يصوروا أن الخلل الآن هو ممارسة الإعلام وانه يفتقد للمهنية، ولا يحب ان ننساق وراء تلك الاكاذيب.
إن ميثاق الشرف ضروري ولكنه ليس هو الحل، فالحل هو الحرية التي تبدأ بتعديل الدستور وإصدار قانون المعلومات وإلغاء العقوبات السالبة للحرية من 17 قانونا وإنشاء ألية للتنظيم الذاتي والانصاف والاستقلالية التحريرية وسياسيات التوظيف والتدريب المستمر.
هل ترى أن وزير الإعلام الحالي لديه القدرة على إصلاح الإعلام؟
حتى الآن لم يُظهر الوزير الحالي (صلاح عبد المقصود) أي رغبة أو قدرة على الإصلاح، هذا فضلا عن انحيازه الأيديولوجي (ينتمي الوزير لجماعة الإخوان المسلمين)، الذي يؤدي إلى عدم فاعليته في الكثير مما يطرحه.
كخبير كيف تقيم أداء الإعلام الحكومي؟ وما رؤيتك لتطويره؟
بعد ثورة يناير، كان من المفترض أن تنعم وسائل الإعلام المملوكة للدولة بالحرية والاستقلالية، إلا أن الذي جرى أن جماعة الإخوان المسلمين عينت أحد أعضاءها وزيرا للإعلام للهيمنة على الإعلام المرئي والمسموع، واستخدمت صلاحيات مجلس الشورى التي كانت موجودة في عهد مبارك للسيطرة على الصحف القومية.
والجماعة أيضا استخدمت الإعلام الحكومي للدعاية لها بلاد من تحريره وإعادته لدوره الأصلي. مثلا إذا قرأت ''الأهرام'' اليوم ستجده نفس ''الأهرام'' أيام مبارك، وبدلا من خدمة الحزب الوطني بات في خدمت حزب الحرية والعدالة. وهذا واضح جدا في اتحاد الإذاعة والتليفزيون ''ماسبيرو'' الذي يعيش مواجهات لتطويع أدائه، لكن هناك نزعة استقلالية لدى ابناءه الذي يتحدون الجماعة. وأرى أن الحل يكمن في الحرية والرقابة الجادة.
وماذا عن اتهام الإعلام الخاص بإشعال الفتنة وتخريب البلاد؟
أولا: لابد من توضيح أن الإعلام الخاص يواجه مشكلات كبيرة، بداية من عدم الاستقلالية التحريرية، ولا الإفصاح عن أنماط الملكية والتمويل. هناك أخطاء ترتكب في الإعلام الخاص، ويمكن وصفه بأنه ''اقل من المطلوب''، إلا أن استخدام الأخطاء التي يرتكبها إعلاميي القطاع الخاص في فرض قيود عليه لقمعه، ليس مقبولا ولايجب حصوله.
ولنعلم أن عشر سنوات من أخطاء الإعلام الخاص لا تضاهي يوما واحدا قمع أو كبت، والحل ليس بقمع أو قتل نجومه ومحاصرتهم وسجنهم، لكن بمحه الحريات والتنظيم الذاتي من خلال هيئة ضابطة تخضع لتقييم من جهات مستقلة، على أن تتخذ عقوبات دون إغلاق أي وسيلة إعلامية.
وماذا عما يقال إن هناك إعلام ممول؟
أرى أن هذا الكلام سببه عدم الشفافية بشان تمويل وسائل الإعلام الخاصة. والنظام خلق حالة استقطاب وينتهج ممارسات تعزز الانقسام انعكست على المجال الإعلامي وشوهت صورته بشكل كبير.
ونحن نعاني منذ سنة 2009 من نقص في التشريعات والشفافية فيما يخص الإعلام، وبالنسبة لدعاوي الإصلاح فنحن أول من نادينا إلى ذلك، والإخوان المسلمين لديهم مشروع لذلك لكنهم يفضلون الاتهامات لقمع الإعلام وتحميله مسؤولية أخطاءهم.
(بتعجب) أين القنوات الدينية من حديث الإخوان عن الإصلاح، رغم أخطاءها التي هي أكثر بكثير من تلك التي ترتكبها القنوات التي يسمونها ''ليبرالية''.
وماذا عن التهديد بغلق بعض القنوات؟
مسألة إغلاق القنوات عمل خيالي، وإسكات الإعلام وقمعه ردة وتخلف، والحل يكم في الإصلاح وليس الإغلاق.
كيف تنظر لقانون تداول المعلومات المطروح للنقاش حاليا؟
بالنسبة لقانون تداول المعلومات، أنا أبديت مجموعة ملاحظات وعلمت أنه أُخذ بها؛ فالمادة 14 من نص مشروع القانون تشير إلى أن المجلس الأعلى للبيانات والمعلومات المقترح إنشاؤه لضمان تطبيق أحكام القانون وتحقيق أهدافه، يُشكل من 15 عضواً؛ أربعة منهم تختارهم مؤسسة الرئاسة، وستة يختارهم مجلس النواب، وعضو لكل من وزارة الخارجية، وهيئة الأمن القومي، ودار الكتب، وجهاز الإحصاء، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وهذا يعني أن السلطة التنفيذية ستعين 8 أعضاء، والتشريعية 6 أعضاء، وهذا تشكيل سلطوي يضع المعلومات في قبضة السلطة ولا يضمن تحقيق الشفافية.
من أهم العيوب أيضاً المادة 2 التي لاتساعد على تمكين المواطن من ممارسة حق الحصول على المعلومات، وبث روح الشفافية وتشجيع المساءلة والمشاركة.
والواقع أنه كان من الجدير بمثل هذا المشروع أن ينص على هدف ثالث مهم وحيوي، ويسعى إلى إنجازه؛ وهو الهدف الخاص بتنمية القدرة المعلوماتية للدولة والمجتمع، كذلك اشتراطات السرية المبالغ فيها، ويؤدي القانون في المادة 21 إلى إفساح المجال لما يمكن أن يعد متاجرة الدولة بالمعلومات وتحقيق كسب مادى منها.
فيديو قد يعجبك: