إعلان

عام في الحكم.. مرسي والقضاء

12:20 ص الإثنين 24 يونيو 2013

كتبت – هبة محسن:

''عام الأزمات القضائية'' هكذا يصف عدد من القضاة العام الأول لحكم الدكتور محمد مرسي للبلاد، فخلال عام من حكم الرئيس محمد مرسي – أول رئيس المنتخب بعد ثورة 25 يناير- عاشت المؤسسة القضائية المصرية حالة من الصراع والنزاع تارة مع السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس الشوري وتارة مع السلطة التنفيذية المتمثلة في مؤسسة الرئاسة.

ورغم وعود الرئيس محمد مرسي قبل توليه رئاسة الجمهورية باحترام القانون والحفاظ على استقلال القضاء، إلا أن هذه الوعود تحطمت مع أول صدام بين مؤسسة الرئاسة والقضاء والذي تبعه موجة من الصدامات والخلافات بين المؤسستين.

"مصراوي" يرصد في السطور التالية أبرز أزمات القضاء في العام الأول لحكم الرئيس محمد مرسي:

"عودة مجلس الشعب المنحل"

حكم عودة مجلس الشعب "المنحل" كان بداية الصدامات بين السلطة القضائية ومؤسسة الرئاسة، فبعد قرار المحكمة الدستورية العليا في 14 يونيو 2012 بعدم دستورية انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشعب وحل المجلس، أصدر الرئيس محمد مرسي في 8 يوليو 2012 أول قراراته في الحكم بإلغاء حكم حل مجلس الشعب وعودة المجلس لعقد جلساته وممارسة اختصاصاته لحين إقرار الدستور الجديد.

هذا القرار أحدث حالة من الجدل الشديد في المجتمع المصري، نظراً لكونه ألغي حكماً قضائياً صادرة من المحكمة العليا في البلاد وهو مخالفة صريحة من الرئيس للدستور والقانون، وعلى إثر هذا أصدرت المحكمة الدستورية العليا قراراها بإلغاء قرار رئيس الجمهورية وتأكيد قرار حل مجلس الشعب.

"أزمة النائب العام 1"

تفجرت أزمة النائب العام السابق عبد المجيد محمود في أكتوبر 2012 في أعقاب الأحكام الصادرة من محكمة جنايات القاهرة والتي حصل فيها الرئيس السابق ووزير داخليته حبيب العادلي على أحكام بالسجن المؤبد بينما حصل نجلي الرئيس ومساعدي وزير العدل على البراءة من التهم المنسوبة إليهم.

هذه الأحكام انتقدها عدد من نواب مجلس الشوري ووصفوها بـ"المسيسة"، وهو ما دفع عدد من قضاة للخروج لانتقاد آداء مجلس الشوري ونوابه وتعليقهم على أحكام القضاء، ليتفاجئ الجميع بقرار جمهوري بإقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود وتعينه سفيراً لمصر في الفاتيكان.

واعتبر القضاة أن هذا القرار باطلاً وفقاً للدستور الذي حصن منصب النائب العام من الإقالة أو العزل، وسرعان ما تراجع الرئيس عن قراراه بعد إصرار القضاة على موقفهم وأكد في اجتماعه معهم على احترامه للسلطة القضائية واصراره على المحافظة على استقلال القضاء.

"الإعلان الدستوري المكمل"

في 21 نوفمبر 2012 أصدر رئيس الجمهورية بشكل مفاجئ "الإعلان الدستوري المكمل"، والذي قام من خلاله بتحصين قراراته الرئاسية والإعلانات الدستورية الصادرة منذ أن تولي الحكم، كما قام بتحصين مجلس الشوري والجمعية التأسيسية للدستور من الحل ومنح مجلس الشوري سلطة التشريع لحين انتخاب مجلس الشعب.

ومنح الرئيس لنفسه من خلال هذا الإعلان الدستوري حق إصدار التشريعات وإقرار السياسة العامة للدولة والموزانة العامة ومراقبة تنفيذها، ليس هذا فحسب بل تضمن الإعلان الدستوري إقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود.

الإعلان الدستوري المكمل للرئيس محمد مرسي أشعل البلاد، وصاعد من حدة الخلاف بين السلطة القضائية ومؤسسة الرئاسة -بحسب قول كثيرين-، واعتراضاً عليه قامت المؤسسات القضائية بتعليق العمل فيها لحين وقف العمل بهذا الإعلان الدستوري، وخرجت المعارضة في مظاهرات حاشدة أمام قصر الاتحادية وفي عدد من المحافظات لإعلان رفضهم لهذا الإعلان المكمل.

ولم تهدأ الأوضاع في البلاد نسبياً إلا بعد صدور قرار المحكمة الدستورية العليا في 8 ديسمبر 2012 بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل لمخالفته لصحيح الدستور.

"حصار المحكمة الدستورية"

وفي ديسمبر قام عدد من أتباع التيار الإسلامي وأنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل –المرشح المستبعد من انتخابات الرئاسة- بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا، احتجاجاً على قرار إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، ولمنع قضاتها من الدخول إلى مقر المحكمة لنظر دعاوي حل مجلس الشوري وحل الجمعية التأسيسية للدستور.

حصار الدستورية أجج الصراع بين السلطتين القضائية والتنفيذية، خاصة في ظل صمت الرئيس عن هذه الممارسات من أنصاره ومؤيديه.
"إعادة تشكيل الدستورية"

وبعد إقرار الدستور الجديد للبلاد أصدر الرئيس قراراً بإعادة تشكيل هيئة المحكمة الدستورية العليا، استناداً إلى المواد 176 – 232 من الدستور الجديد، وهو القرار الذي أطاح بـ7 من قيادات المحكمة الدستورية العليا على رأسهم المستشارة تهاني الجبإلى والمستشار حاتم بجاتو إلا أن الرئيس بعد ذلك استثني بجاتو من هذا القرار.

وجدير بالإشارة أن الدستور الجديد للبلاد قلص من صلاحيات المحكمة الدستورية العليا؛ حيث جعل رقابتها على مدي دستورية القوانين سابقة وليست لاحقة، كما نزعت منها اختصاصاتها في نظر منازعات التنفيذ المترتبة على أحكامها.

"أزمة النائب العام 2"

أزمة النائب العام في العام الأول لحكم الرئيس محمد مرسي شهدت فصولاً متعددة، حيث بدأ الفصل الثاني منها مع قرار الرئيس بتعيين المستشار طلعت إبراهيم خلفاً للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود الذي أقيل في أعقاب الإعلان الدستوري المكمل، وهو القرار الذي اعترض عليه عدد كبير من القضاة وأعضاء النيابة العامة، الذين قاموا بوقفة احتجاجية لحين تقديم النائب العام الجديد باستقالته.

وبالفعل أعلن النائب العام الجديد المستشار طلعت إبراهيم عن اقالته من منصبه الجديد، استجابة لمطالب أعضاء النيابة العامة، ولكن هذا القرار سرعان ما تراجع فيه النائب العام ويبدو أنه وقع تحت ضغط للاستمرار في منصبه بالمخالفة للقانون - بحسب قول محللين في ذلك الحين.

وفي أخر مارس 2013 أصدر محكمة استئناف القاهرة قراراً ببطلان تعيين النائب العام المستشار طلعت عبد الله وعودة المستشار عبد المجيد محمود النائب العام السابق إلى منصبه، وهو الحكم الذي أثار جدلاً قانونياً حول إمكانية تنفيذه رغم حصول النائب العام السابق على حكم قضائي ملزم بإعادته لمنصبه.

ولم تنتهي الأزمة عند هذا الحد، بل قام المستشار طلعت عبد الله وهيئة قضايا الدولة بالطعن على هذا الحكم، وهذا الطعن محل نظر القضاء حتي الآن.
"وقف الانتخابات البرلمانية".

ودخلت العلاقة بين السلطة القضائية ومؤسسة الرئاسة منعطفاً أخر، بعد حكم محكمة القضاء الإداري إلغاء قرار الرئيس بالدعوة للانتخابات البرلمانية، بسبب عدم عرض قانوني الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية على المحكمة الدستورية مرة أخري لبيان مدي دستوريته بعد التعديلات التي طالبت بإضافتها على القانونين ليتوافقا مع الدستور.

وهو القرار الذي أحدث حالة من الجدل السياسي، ورفضه عدد من نواب حزب الحرية والعدالة، معتبرين أن هذا الحكم "مسيس".

"تطهير القضاء"

"تطهير القضاء" مصطلح أطلقه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وبعض المنتمين للتيار الإسلامي في وقفة احتجاجية أمام دار القضاء العالي، للمطالبة بتطهير القضاء على خلفية الأحكام القضائية التي صدرت ضد قرارات رئيس الجمهورية ولصالح عدد من رموز النظام السابق.

وهذا المصطلح أغضب جموع القضاة في مصر خاصة وأنه صادر عن بعض قيادات الحزب الحاكم "الحرية والعدالة".

"قانون السلطة القضائية"

أزمة قانون السلطة القضائية بدأت بتصريحات للمرشد لعام السابق لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف كشف فيها عن مخطط للإطاحة بـ 3000 قاضي من مختلف المؤسسات القضائية، وهذه التصريحات أثارت جدلاً شديداً، ليفاجئ الجميع بعدها بتقدم حزب الوسط بمشروع قانون للسلطة القضائية لم يُأخذ برأي القضاة فيه والذي يقضي بتخفيض سن التقاعد للقضاة وهو ما سيخرج أكثر من 3000 قاضي للتقاعد تماماً كما ذكر المرشد العام السابق.

واستمرت أزمة قانون السلطة القضائية حتي الآن رغم وعود الرئيس للقضاة بإنهاء الأزمة وعدم مناقشة القانون إلا بموافقة القضاة على بنوده، كما دعاهم الرئيس إلى مؤتمر العدالة لمناقشة القانون والوصول إلى حلول ترضي القضاة.

ولكن وعد الرئيس هذه المرة أيضاً لم يتحقق، بعد إصرار مجلس الشوري على المضي قدماً في مناقشة المشروع بمعزل عن القضاة، وهو ما دفع القضاة إلى مقاطعة مؤتمر العدالة الذي كان مقرراً انعقاده في مايو الماضي وقرروا تدويل قضيتهم بدعوة المؤسسات القضائية العالمية واتحاد القضاء العالمي إلى مؤتمر حاشد بمصر لشرح أبعاد أزمتهم والانتهاكات التي يتعرض لها القضاء المصري.

"رخاوة المؤسسات.. وضعف الأداء"

وعن تقييم أداء الرئيس محمد مرسي في التعامل مع القضاء خلال عام من حكمه، قال المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة الأسبق، أن مصر بأكملها تعيش في حالة من "الرخاوة"، فآداء مؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة "ضعيف" ويصل في بعض الأحيان إلى "ضعيف جداً".

وأضاف "عبد العزيز" أن روح الثورة لم تدخل إلى جميع مؤسسات الدولة ولا يستثني من ذلك مؤسسة القضاء نفسها، فالثورة استغلها البعض بشكل سيء ولابد من محاسبة الرئيس حساب عسير على هذا المستوي من الأداء فضلاً عن محاسبة كل مسؤول تسبب في هذه الأزمات التي تعيشها البلاد
ووصف في حديثه لـ"مصراوي" مصر المريضة التي دخلت غرفة الإنعاش ولا يوجد طبيب ماهر يعالجها -في إشارة إلى رئيس الجمهورية- لا يساعدها أبنائها على الشفاء والتعافي - في إشار الشعب.

وتابع "عبد العزيز" قوله "إن سبب جميع الأزمات التي تعيشها مصر الآن هو عدم وضع الدستور اولاً، فكل من قال الدستور أولاً يتحمل مسؤولية ما تشهده البلاد الآن، فالبدايات الخاطئة تصل بالبلاد إلأ إلى نهايات مظلمة".

واستطرد رئيس نادي القضاة الأسبق قائلاً أن "مجلس الشوري يعاند القضاة، والقضاة لا يريدون النظر للأمر باعتباره إصلاح قضائي"، مؤكداً أن هناك حالة من عدم الفهم وإنعدام الرؤية تصيب الجميع.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان