من المسؤول عن فتنة ''أبو مسلم''؟ - (تحقيق بالفيديو)
تحقيق- محمد أبو ليلة:
لم تمر إلا أيام قليلة على مؤتمر نصرة سوريا الذي أقامته مؤسسة الرئاسة بالتعاون مع بعض القوى السلفية، واندلعت أحداث قرية أبو مسلم، التي راح ضحيتها 4 أشخاص من الشيعة، وأصيب آخرين.
عدد كبير من المعارضين لسياسات الرئيس محمد مرسي وصفوا هذا المؤتمر بـ''الطائفي''، مستندين إلى مطالبة الداعية السلفي محمد حسان من الرئيس مرسي بألا يفتح أبواب مصر للرافضة، في إشارة منه إلى منع المد الشيعي في مصر.
لكن المتابع للمشهد بشكل دقيق سيرى أن الخطاب السلفي ضد الشيعة برز بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية وخصوصا بعد زيارة مرسي لإيران، حيث استخدمت عدد من القنوات الدينية التابعة للتيار السلفي، هجومها على الشيعة المتواجدين في مصر.
وكان من بينها تصريحات رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي أن الشيعة هم أخطر أعداء الوطن، وأنهم يسعون لنشر التشيع في مصر والقضاء على الوجود السلفى الذي يقف ضد مشروعهم الصفوى، كما قال في تلك التصريحات أيضا أن الشيعة يعتقدون أن مهديهم المنتظر لن يظهر إلا بتشيع مصر وسقوط أكبر دولة سنية في أيديهم حتى يسقط العالم الإسلامي السنى في أيديهم.
السؤال هنا: هل تعتبر هذه التصريحات مقدمة لأحداث الفتنة الطائفية التي شهدتها قرية أبو مسلم الأحد الماضي؟، والسؤال الأهم من هو المسئول عن تلك الأحداث؟..ل لوقوف على ملابسات الحادث كان لابد من الذهاب إلى أرض الواقع، للبحث عن حقيقة الأحداث وأسبابها.
ملابسات الواقعة
ذهب ''مصراوي'' إلى قرية ''أبو مسلم'' الواقعة في محافظة الجيزة، تلك القرية التي يتجاوز عدد سكانها 40 ألف شخص، في اليوم التالي للحادث، كانت الحياة طبيعية ولم تتأثر بالأحداث، وحسبما أكد لنا الأهالي فإن عدد الشيعة المتواجدين فيها 150 شيعي، هناك 50 فردا منهم هم الظاهرون فقط.
ملخص الأحداث كما وصفها أهالي القرية لـ''مصراوي''، أن الشيخ حسن شحاته أحد أقطاب التيار الشيعي، كان يتردد على بعض المتشيعين في القرية، وحينما رآه سكان القرية يوم الأحد ذاهب إلى هذا المنزل الشيعي بصبحة 7 من النساء، ذهبوا لإخراجه من قريتهم خوفا على انتشار المد الشيعي بين أبناء القرية.
لكن(حسب روايات الأهالي) رفض''شحاته'' وأصدقائه الخروج، وقاموا بتفريق السكان من أمام المنزل باستخدام ''ماء مغلي''، مما جعل البعض يشتاط غيظا وانهالوا عليه بالضرب، حتى انتهت الأحداث بمقتل أربعة شيعة كان من بينهم الشيخ حسن شحاته.
زيارة محمد حسان للقرية
المنزل التي وقعت أمامه الأحداث كان يمتلكه أحد الشيعة في المنطقة يدعى ''شحات أبو عمر''، يتواجد هذا المنزل في شارع ضيق عرضه متران فقط وأمام المنزل بيت مهجور، السكان الملاصقين للمنزل رفضوا الحديث بشكل غريب كانوا خائفين من الصحفيين لاعتقادهم أن أي كلمة سيدلون بها ستحسب عليهم، وكلما ابتعدنا قليلا عن موقع الحادث كانت الحرية أكثر في الحديث وخاصة مع الشباب والأطفال.
بينما جمال على صحاب محل ملابس في الشارع المجاور للأحداث قال في تصريحات مسجلة أنه منذ شهرين جاء الشيخ محمد حسان لإلقاء خطبة في الساحة الشعبية للقرية برعاية جمعية أنصار السنة المحمدية.
مضيفا: الشيخ محمد حسان جاء باعتبار أن القرية شيعية وقام بتعريفنا بالمنهج الشيعي وأضراره، هو كان بيفهم الناس عن الصوفية والسلفيين والإخوان لأن فيه ناس كانت فاهمة غلط عن الدين، هو جاء وضح يعني أيه شيعة وليبرالي وعلماني وسني وسلفي.
وتابع ''جمال'': هناك ناس فهمتها بطريقتها وأيقنت أن كل انسان له فكره، وبعض الناس الأخرى فهموا أن الشيعي كافر ولابد قتله، لكن مجيئ محمد حسان ريح ناس كتير من موضوع الموالد كان يحدث موالد كثيرة جدا أتباع الشيخ حسن شحاته الشيعي كانوا بيعملوا هذه الموالد،
دور السلفيين في الفتنة
في السياق ذاته قابلنا أحد شباب القرية رفض ذكر اسمه قال لنا أن الشيوخ السلفيين الموجودين في مسجد التوحيد بالقرية قاموا بتوزيع صور ومنشورات على الناس يحظروهم من خطر الشيعة الموجودين في القرية، وقاموا بعمل شاشات عرض كبيرة لعرض أحاديث الشيخ حسن شحاته بالفيديو عليهم، وعرضوا خطب لشيوخ سلفية كمحمد حسان ومحمد حسين يعقوب للتنبيه عن خطر المتشيعين من القرية.
جدير بالذكر أن التيار السلفي متواجد بقرية ''أبو مسلم'' بشكل كبير، ويسيطر على أكبر ثلاث مساجد في القرية (مسجد أبو عبيد ومسجد التوحيد ومسجد أبو مسلم)، زرنا هذه المساجد الثلاثة، وأثناء وجودنا في مسجد أبو عبيد قابلنا رجل أربعيني قال لنا في تصريحات مصورة، أن الشيوخ السلفيين وضعوا ورق في مسجد أبومسلم الكبير يقول أن الشيعي حتى لو من العائلة ''لابد أن يأخد عقابه، أو يتم تجنبه''.
ذهبنا لبيت أحد الشيعة المصابين في الأحداث ويدعي عمران منصور ولديه دار تحفيظ قرأن في القرية، لكن ابنه محمد هو من استقبلنا وتبعته والدته، رفضوا الحديث مع وسائل الإعلام وأكد ''محمد'' أن والده أصيب اصابات كثيرة، وهو الأن في المستشفى، ثم قال ابنه'' ربنا هيجبلنا حقنا، ربنا هو المنتقم، السلفيين والإخوان بيوزعوا ورق ضدنا من زمان وعايزين يطردونا من بلدنا''.
في السياق ذاته علق شحاته إبراهيم محمد شحاته نجل الداعية الشيعي الشيخ حسن شحاتة الذي لقي حتفه في الأحداث، قائلا: الأفكار تقتل متهما كل من وجه خطاب الكره بقتل أبيه، مضيفا عبر صفحته على الفيسبوك: أنا شحاته إبراهيم محمد شحاته الأبن السنى لأب شيعي، قتل هو واثنين من أخوته لفكرهم وسحلوا على مرأى و
مسمع من مايقرب من 1000 كائن تجردوا من الإنسانية.
تخوف السلفيين
الشيخ فريد أحد السلفيين المتواجدين في مسجد أبو عبيد قال أنه لا يتفق مع الأحداث الأخيرة وأن هذه نفس لا يجوز قتلها، كما قال أنه لم يكن يسمع عن حسن شحاته لكن في الفترة الأخيرة بدأت أعداد الشيعة تزداد في القرية بشكل كبير.
بينما يقول الشيخ امبابي أحد شيوخ مسجد التوحيد التابع لجمعية أنصار السنة المحمدية، قال ''احنا مكانشي في نيتنا الحرق أو غيره، وكلمنا الأمن يفض الاشتباكات بدون خسائر لكن الشرطة اتأخرت والوضع أدى لقتل 4، ومسجد التوحيد ليس له أي علاقة بالأحداث''.
لكن الشيخ امبابي توسط لنا عند مسئول الدعوة السلفية بالقرية الشيخ ''حمدي بريق'' للمقابلة وأعطانا رقم هاتفه، اتصلنا به كي نعرف رد الدعوة السلفية على الأحداث خصوصا أن البعض يتهم السلفيين بإشعال الموقف لكنه قال لنا في تصريحات مسجلة ''أديني 5 دقائق وأرد عليك''، اتصلنا به مرة أخرى لكنه أغلق هاتفه، وفجأة أرسل لنا أحد الشباب الملتحين كرسول قال لنا في عبارات مقتضبة ''الشيخ حمدي اتصل بمكتب الدعوة وهما رفضوا الإدلاء بأي تصريحات صحفية واحنا ملناش أي علاقة بالأحداث''.
في الوقت نفسه ذهبنا لمسجد القرية الكبير أبو مسلم، التقينا باثنين من السلفيين رفضوا ذكر أساميهم، واحد منهم ذو بشرة سمراء وفي الخمسينيات من عمره قال، أن حسن شحاته اعتاد أن يأتي الي القرية لنشر المذهب الشيعي وأخر مرة جاء فيه تشيع 15 من أبناء القرية.
وتابع: الحمد لله أن الأربعة الذين قتلوا من خارج البلد لأنه لو كان من الداخل كانت ستحدث مصيبة، لكنه قال أن ما حدث كان مدبر من الشيعة أنفسهم ليوم 30 يونيو حتى يقوموا بتشييع جزء كبير من القرية ويأخذوهم للتظاهر ضد مرسي يوم 30 يوينو.
الشيخ السلفي الذي رفض ذكر أسمه قال: ''إيه اللي جاب واحد غريب ينشر مذهب شيعي عندنا؟ احنا ناقصين، أنا برفض كل العنف اللي حصل لان الشرع عمره ما قال نجرجره على الأرض وندبحه الشرع بيقول إن القضاء هو اللي يتولى وبعد القضاء كمان نضربه ضربة واحدة على ظهره''.
علاقة إسرائيل بالفتنة
بينما يقول مؤسس حزب التحرير الشيعي أحمد النفيس في تصريحات مسجلة لمصراوي تعليقا على الاحداث، أن السلفيين يتحركون بأوامر من السعودية أو تل أبيب (إسرائيل) أو من قطر وواشنطن، مضيفا أنهم حينما تصدر لهم هذه الأوامر سيقتلون كل الشيعة الموجدين في مصر ومعهم عدد من السنة أيضا.
مضيفا ''السلفيين دائما يخشون من المد الشيعي، وحينما يقومون بعمل مؤتمر من المؤتمرات بيصرفوا عليه عشرات الألاف من الجنيهات تأتي من المملكة العربية السعودية، عمر ما ربنا هيوفقهم لأنهم ظلمة''.
في السياق ذاته يقول أحمد بلال أحد المحللين والباحثين في الشأن الإسرائيلي في تصريحات خاصة لمصراوي أن اسرائيل عقدت مؤتمر هرتزيليا الثالث عشر من شهر أبريل ،والذى يعد أحد أهم المؤتمرات، قائلا: انتهي هذا المؤتمر بضرورة تكريس الصراع السني الشيعي من خلال السعى فى تشكيل محور سنى من دول المنطقة أساسه دول الخليج، ومصر وتركيا والأردن، ليكون حليفاً لإسرائيل والولايات المتحدة، فى مقابل ''محور الشر'' الذى تقوده إيران، الذى سيكون بحسب التقسيم الإسرائيلى، محوراً للشيعة.
وفي السياق ذاته يؤكد أستاذ العلوم السياسية والباحث في شئون الإسلام السياسي مأمون فندي أن الشرق الأوسط مقبل على حرب دينية بين السنة والشيعة، وأقرب مثال على ذلك ما يحدث في سوريا وكان أخرها معركة ''القصير'' اليت قامت بين نظام بشار الأسد وحزب الله وإيران ضد الجيش الحر بقيادة السلفيين.
كما أوضح أن طبيعة المواجهة في المنطقة تغيرت من مواجهة بين معارضة وأنظمة إلى صراع بين الشيعة والسنة لرسم ملامح الشكل الاستراتيجي للمنطقة العربية لسنوات مقبلة، قائلا: المنطقة العربية اليوم ستكون سجينة صراع أيديولوجي عقائدي بين سيطرة الشيعة ومعها كفيلها الإقليمي إيران، مقابل محور سني يتشكل بين تركيا ودول الخليج الفاعلة، خصوصا بعد غياب مصر عن المشهد الإقليمي كظهير للسنة ذي ثقل سكاني لا يستهان به.
فيديو قد يعجبك: