تدمير الأنفاق الحدودية يحول غزة إلى قنبلة موقوتة
غزة -( د ب أ ):
يخيم على الأجواء هناك صمت المقابر، فيما كان في الماضي يسمع صوت طنين مولدات الكهرباء، وضجيج محركات الشاحنات وصخب ثرثرة العمال، في منطقة أنفاق التهريب بين الحدود المصرية الشرقية وقطاع غزة. قرر الجيش المصري التعامل بيد من حديد مع قضية الأنفاق الحدودية منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي.
القطاع الذي يعاني من ويلات الحصار الإسرائيلي، لم يكن يتم تزويده بالسلاح فقط عبر هذه الأنفاق، بل كان ينقل إليه الأسمنت والحديد والمنتجات الكيماوية، والمحروقات المدعومة من مصر والتي تحظر إسرائيل على الشعب الفلسطيني دخولها أو تضع العراقيل أمامها.
وإذا كانت إسرائيل تسمح بدخول المحروقات إلى القطاع فإن السعر يصل إلى ثلاثة أضعاف سعر السوق، كما أن أسعار المواد الغذائية يعد أرخص بكثير من أسعار المواد الغذائية القادمة من إسرائيل.
الآن بعد سياسة ''القبضة الحديدية'' التي يتبعها الجيش المصري مع الأنفاق فإن أعباء المعيشة صارت باهظة للغاية بالنسبة لمليون ونصف من أبناء الشعب الفلسطيني المحاصر داخل قطاع غزة.
يعتبر قطاع الإنشاءات من أكثر الجوانب تضررا بسبب نقص الإمدادات بصورة أكبر، إلى درجة الشلل التام خاصة بعد عزل محمد مرسي، كما تزايدت معدلات البطالة بصورة مأسوية ومعها تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وبسبب نقص الطاقة أصبح انقطاع التيار الكهربي هو السمة الغالبة حيث مع تردي الأوضاع بات التيار الكهربي متوفرا لبضع ساعات فقط بين منتصف الليل وإلى حين طلوع الفجر.
قنبلة موقوتة''
حول هذا الوضع يحذر سامي أبو سيف المسؤول السابق في السلطة الوطنية الفلسطينية من ''أن إغلاق الأنفاق دون فتح قنوات اتصال جديدة أمام الشعب الفلسطيني في غزة للحصول على وارداته، قد يحول القطاع إلى قنبلة موقوتة، يمكن أن تنفجر في أي لحظة''.
قام الجيش المصري في إطار خطته الأمنية لتدمير الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة، بإغراق بعضها بمياه الصرف، ونسف بعضها وردم البعض الآخر بالرمال.
يقول أبو عمار ''48 عاما'' وهو مشرف أحد الأنفاق ''الوضع عاد إلى الحالة المتردية التي عانينا منها خلال 2007. لقد اضطررت إلى تسريح 20 عاملا، أصبحوا بلا مورد رزق بسبب عملية تدمير الأنفاق''.
وفي السياق ذاته أطلقت منظمة الأمم المتحدة أجراس الإنذار، فيما حذر منسق الأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط روبرت سري، في تقريره المرفوع إلى مجلس الأمن من أن ''80 في المئة من أنفاق غزة لم تعد صالحة، ومن ثم إذا لم يتم السماح بزيادة حجم الواردات التي يحتاجها أهل غزة عبر المعابر الحدودية القانونية، فإن الوضع الاقتصادي والانساني المتردي بالفعل في هذه البقعة من العالم سيزداد سوءا''.
وأعرب سري في تقريره عن مخاوفه من أن يؤدي تزايد البؤس والإحباط في هذه المنطقة المعزولة عن العالم إلى تفجر دائرة العنف مجددا ضد إسرائيل، والأسوأ هو أن يحدث ذلك في هذا التوقيت بالذات، بينما يستعد الفلسطينيون بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والإسرائيليون لاستئناف محدثات السلام برعاية أمريكية بعد توقف دام لنحو ثلاث سنوات.
تحذير أممي
وفي تحذير لحركة حماس وغيرها من الميلشيات المسلحة قال سري ''إن أي انتهاك لاتفاق التهدئة الذي تم التوصل إليه بجهود مصرية في نوفمبر الماضي، جراء إطلاق صواريخ على إسرائيل من قطاع غزة، في هذه اللحظة الحاسمة بالنسبة للتطورات السياسية التي تشهدها الأوضاع، لن يكون مقبولا، بل على العكس سيكون غير مسؤولا على الإطلاق''.
وقد شهدت الآونة الأخيرة سقوط بعد القذائف على الأراضي الإسرائيلية، وهو ما يعتبر وضعا خطيرا.
جدير بالذكر أنه خلال العام الذي تولى فيه محمد مرسي السلطة في مصر، قبل أن يتم عزله، تمتع القائمون على الأنشطة التي تجري عبر الأنفاق بحرية حركة غير مسبوقة.
كما أن أوضاعهم الاقتصادية انتعشت بشكل كبير، كما أن أبواب قصر الاتحادية الرئاسي بالقاهرة كانت مفتوحة تماما أمام قيادات حماس، كما تم تخفيف القيود على الشعب الفلسطيني في التنقل بحرية نسبية من وإلى خارج القطاع عبر معبر رفح الحدودي. ولكن كل هذا أصبح الآن جزءا من الماضي.
بات شعب غزة الآن في حالة ترقب حول ما سيحمله لهم في المستقبل تطور الأوضاع السياسية على الساحة المصرية.
جدير بالذكر أن حركة حماس باتت في وضع لا تحسد عليه خاصة بعد رحيل مرسي عن السلطة، فالحركة التي ينتمي زعيمها إسماعيل هنية إلى جماعة الإخوان المسلمين راهنت على مصيرها مع وصول محمد مرسي للسلطة، واختارت تبني موقف القاهرة من الصراع الدائر في سوريا، وبالتالي خسرت بتأييدها للثورة ضد بشار الأسد، دعم دمشق وحزب الله وإيران، وهو المثلث الشيعي الذي ناصر الحركة أثناء العدوان الإسرائيلي عليها عام 2009 فيما يعرف بعملية الرصاص المصبوب.
فيديو قد يعجبك: