كيف تعيش القاهرة الصاخبة بعد قرار حظر التجوال؟
(دويتشه فيله):
القاهرة مدينة عُرف عنها السهر طول الليل حتى الساعات الأولى من الصباح، غير أنها تحولت هذه الأيام إلى ما يشبه مدينة أشباح بعد قرار الحكومة بحظر التجوال. DW / عربية تستعرض الصورة الجديدة للقاهرة ولسكانها أثناء ساعات الحظر.
القاهرة مدينة عرف عنها السهر طول الليل حتى الساعات الأولى من الصباح، غير أنها تحولت هذه الأيام إلى ما يشبه مدينة أشباح بعد قرار الحكومة بحظر التجوال. DW / عربية تستعرض الصورة الجديدة للقاهرة ولسكانها أثناء ساعات الحظر.
قبل قرار الحظر بساعتين فقط بدأت DWعربية جولتها بشوارع القاهرة وكالعادة كان التنقل فيها من مكان لآخر في غاية الصعوبة بسبب ازدحام السيارات في الشوارع، حيث ليس هناك في الأفق ما يشير إلى وجود حل لأزمة المرور الطاحنة. فالبعض يحاول الهروب عبر الشوارع الجانبية غير أن كل المحاولات تبوء بالفشل. وكلما ابتعدت سيارة عن شارع مزدحم إلا واصطدمت بشارع آخر أكثر ازدحاما. ''أحسن لك أن تنزل هنا وتسير ما تبقى من المسافة على رجليك فنحن قد ننتظر هنا إلى الأبد''، كلمات يقولها أحد سائقي الأجرة لزبون راكب، اقتنع أخيرا بالفكرة وقرر السير على قدميه للوصول إلى مقصده. الجميع يرغب في العودة إلى بيته في نفس الوقت مما يؤدي إلى شلل تام في شوارع المدينة المعروفة أصلاً بمشكلات حركة السير فيها.
''حظر تام''
على جانب الطريق حيث موقف الحافلات والميكروباص يتجمع الحشود من الناس في انتظار من ينقلهم إلى منازلهم قبل بداية موعد الحظر. الفر والكر والهرع يميز الوضع عندما يصل الميكروباص إلى الموقف، والكل يركض ويدفع بعضه البعض ويتصارع للفوز بمقعد يضمن به العودة إلى منزله سالماً قبل السابعة مساءاً. وكلما اقتربت عقارب الساعة من وقت بدأ الحظر إلا وظهرت علامات انتهاء الأزمة بعض الشيء. بعض هؤلاء المتصارعين على مقاعد المواصلات هم من العاملين في المطاعم والمحال التجارية. تلك المطاعم، خاصة العالمية منها، كانت تعمل دائما على مدى 24 ساعة لكنها الآن تغلق أبوابها من السادسة مساءاً. ويبدو أن حظر الخروج ليلاً قد أدى إلى اكتظاظ تلك المطاعم بالزبائن بشكل غير مسبوق خلال الساعات الفارقة بين موعد خروج الموظفين في الثالثة وموعد إغلاق المطاعم في السادسة لتعويض فترة الإغلاق الجديدة خلال المساء أو في الليل.
دقائق قليلة وتدق الساعة السابعة والشوارع تفرغ تدريجياً. حواجز قوات الأمن والجيش تبدأ في إغلاق الشوارع وعناصر القوات المسلحة والشرطة تنتشر. البعض يركض هنا وهناك ليدخل منطقته قبل بدء الحظر. في الساعة السابعة تحولت القاهرة إلى مدينة شبه مهجورة. الشوارع الرئيسية فارغة تماماً من أي مظاهر للحياة. هدوء قاتل لا يتناسب مع القاهرة وصورتها. المدينة الصاخبة أصبحت فجأة صامتة.''الحظر المرة دي بجد يا بيه''، كما يقول عم سعيد حارس أحدى عقارات حي مدينة نصر لDWعربية. ويوضح عم سعيد ويقول ''المرة دي (هذه المرة)'' مشيرا إلى ما كان يحدث أثناء الحظر الذي فرض إبان ثورة ال25 من يناير وبعدها حيث لم يكترث الناس كثيراً بحظر التجوال وكانت قوات الأمن لا تتشدد مع المخالفين.
''الحظر لا يعني أننا سنذهب للنوم''
''كنا نقول من قبل إن الشعب المصري يخرج للشوارع لمشاهدة الحظر كنوع من السخرية لكن هذه المرة يتصارع الناس في الشوارع للعودة لمنازلهم''، يقول الموظف محمد أمين لDW / عربية. ويتابع: ''حين فرض الحظر في أعقاب ثورة يناير كان الجيش يوقفك، يتطلع على أوراقك ثم يتركك تذهب أما الآن فنسمع عن تعامل حازم مع المخالفين''. ورغم ضيقها من الحظر إلا أن أماني محمد الشابة العشرينية ترى أن الناس حريصة في هذه المرة على الالتزام بالحظر لمساعدة قوات الأمن في ضبط ''العناصر الإرهابية'' - على حد تعبيرها.
كن يبدو أن الشباب المصري الذي اعتاد السهر والحياة الصاخبة لا يستطيع أن يظل في منازله حبيسا لقرار حظر التجوال أو غيره. ففيما تبدو شوارع القاهرة الرئيسية خالية من مظاهر الحياة إلا أن الشوارع الداخلية للمناطق السكنية لا تخلو أبداً منها. ويظل عدد كبير من المحال في الشوارع الداخلية مفتوحة أمام سكان المنطقة حيث يجلس شبابها كالعادة في الشوارع، يتسامرون ويسهرون بل ويلعبون كرة القدم. كما إن المقاهي داخل المربعات السكنية مكتظة بالشباب، غير مبالِ بقرار حظر التجوال.
''حظر التجوال هذا يطبقوه كما يريدون في الشوارع الرئيسية لكن في منطقتنا لا سلطانِ لأحد علينا''، يقول الشاب حسن لDW / عربية، وهو يحتسي مشروبا باردا ويتسامر مع أصدقائه في أحدى المناطق السكنية الساعة الحادية عشر مساءاً. المربعات السكنية أصبحت تبدو وكأنها دويلات صغيرة صاخبة داخل دولة كبيرة صامتة. ويقول الطالب عبد الرحمن أحمد لDW / عربية: ''الحمد لله لدينا في منطقتنا المطاعم والمتاجر والمقاهي وكل ما نريده في حياتنا. فحظر التجوال يقيد حركة التنقل من منطقة لأخرى لكن لا يعني أننا سنذهب للنوم ابتداء من غروب الشمس.
فيديو قد يعجبك: