إعلان

سلبيات الدستور المصري الجديد بعيون خبير ألماني

02:18 م الإثنين 20 يناير 2014

دويشته فيلله:

صوت المصريون لصالح الدستور الجديد بنسبة كبيرة. ويرى الخبير الألماني في شؤون الإسلام يورغن تيلمان أن بنود الدستور الجديد عزز مكانة الديانات السماوية، كما قوى سلطة الجيش على حساب الأحزاب والمجتمع المدني.

: سيد تيلمان، ما هي الاستنتاجات التي تستخلصها من نتائج الاستفتاء بالنسبة للمستقبل القريب لمصر؟

يورغن تليمان: أظن أن غالبية المصريين الذين ذهبوا للتصويت مؤخراً، وصوتوا بنعم، يريدون بكل ببساطة الاستقرار في بلدهم. فالبلاد كانت منذ سقوط الرئيس حسني مبارك تعيش حالة اضطراب مستمر، حيث أصبح المرء مهددا بدرجة كبيرة بالجريمة والعنف أكثر مما كان عليه الأمر من قبل. فالمصريون يريدون العيش في أمان وينتظرون من الدستور نوعاً من الهدوء في الوضع المؤسساتي والسياسي وأيضاً الأمني.

ولكن الأمر يتعلق بالذين ذهبوا للتصويت لصالح الدستور وليس بالمتعاطفين مع الإخوان المسلمين الذين قاطعوا التصويت عليه. كيف هو شعورهم الآن؟

موقفهم له ما يبرره، فهم ضد المحاكمة الجارية في حق الرئيس السابق المنتخب محمد مرسي المطاح به من طرف الجيش. فهم يعارضون المحاكمة معارضة كاملة، لكن المتحكمين في زمام الأمور في مصر حاليا جرموا التعاطف مع الجماعة بعد إعلانها منظمةً إرهابية. فالحصار الذي تواجهه الجماعة وأنصارها هي أسوأ لحظة تعرفها مصر لأنها تحول دون تهدئة الأوضاع كما تحول دون جعل التطورات الأخيرة استمرارً للمبادئ الثورية أثناء الإطاحة بمبارك. فجماعة الإخوان المسلمين هي فاعل اجتماعي وسياسي سواء أكانت ممنوعةً أم لا.

فمنذ ظهور الجماعة وهي تمارس أنشطتها بشكل قانوني أو خارج الإطار القانوني. فمنع الجماعة لا يعتبر فقط قصورا في الذكاء السياسي والاجتماعي، فإقصاء جماعة لها امتداد في المجتمع إقصاء منهجياً، وإذلالهم، وإضفاء الطابع الوحشي عليهم، وإبعادهم عن عملية بناء الدولة سياسيا واجتماعيا، كل ذلك يعتبر خطيراً للغاية.

يتعلق الأمر في الدستور الحالي بنسخة منقحة للنسخة التي وضعها محمد مرسي قبل عامين. فما الذي تغير بشأن علاقة الدين بالدولة؟

بعض الأشياء لا تزال هي نفسها. فالدستور لا يزال ينص على أن الإسلام هو دين الدولة ومبادئ الشريعة، الغامضة إلى حد ما، لا تزال المصدر الرئيسي للتشريع. ومبادئ الشريعة الإسلامية، والتي تم الإشارة إليها في فصل خاص، تحولت إلى ديباجة تم صياغتها في عدة أجزاء. فالأمور لم تتغير. المسيحيون واليهود لهم الحق في تنظيم أمورهم الدينية وقانون الأسرة استنادا إلى دينهم. وهذا كان أيضاً موجوداً في دستور مرسي لعام 2012.

تم وصف الأزهر كمرجعية دينية بشكل مختلف، ولكن الأزهر يبقى مبدئياً مؤسسة إسلامية مستقلة. ففي هذه النقطة لا توجد تغييرات. حرية الدين أصبحت الآن حقاً مُطلقاً، ليس كحق مكفول فقط كما في الدستور السابق. ويشير الدستور الحالي في المقام الأول إلى ما يسمى بأتباع الأديان السماوية، أي اليهود والمسيحيين. وهذا يعني أن أتباع الديانات الأخرى هو خارج الاعتراف، كما يُسجل أيضاً سيادة المذهب السني على الشيعي.

يمكن القول أنه تم تعديل الجانب المتعلق بالدين بشكل كبير؟

لا أرى في مواد الدستور الجديد اختلافات كبيرة. المهم في نظري هو جوانب أخرى كالوضع الخاص للجيش في الدستور الجديد، الشيء الذي يحول دون تأسيس حكومة مدنية حقيقية. هذا هو المشكل الكبير في هذا الدستور، إذ لا توجد حكومة مدنية سياسية منبثقة من صناديق لاقتراع يمكنها مراقبة الجيش. فالجيش لا يعتبر فقط دولةً داخل دولة، بل هو أيضاً الفاعل الأقوى الذي يتولى مراقبة الأمور.

كما يمكن قراءة الدستور الحالي على النحو الآتي: النخبة العسكرية القديمة ورجال العدالة من عهد مبارك يحاولون تأمين مواقعهم من جديد بشكل يتوافق مع مصالحهم في مجال السلطة.

ماذا يمكن أن تقوم به ألمانيا سياسيا للتأثير على العملية السياسية في مصر بشكل إيجابي، أقصد في مجالات الديمقراطية، وسيادة القانون، وحرية الدين ؟ وهل يمكن لها أصلاً أن تفعل شيئاً؟

أعتقد أن ألمانيا يمكنها أن تقوم بدور ما عن طريق المنظمات السياسية التي لها تقاليد عريقة في مصر. ويمكن أن تحاول تمثيل التعددية وتقديم وجهات النظر والأفكار السياسية للنظام، وببساطة نقل المعارف وتنظيم منتديات للمناقشة بين المصريين ليعرفوا أنه يمكن أيضا التحدث مع أصحاب القناعات والأفكار المختلفة. أما فيما يخص الحكومة الألمانية فيمكن أن تعمل على تأمين عمل تلك المنظمات وحمايته، وأيضا دعم التبادل بين البرلمانيين الألمان والمصريين.

الدكتور يورغن تيلمان، باحث في علوم الإسلام، متخصص في مصر ومسلمي ألمانيا، كما يشغل منصب مدير معهد إرلانغن حول الإسلام والقانون في أوروبا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان