الجزائر- الجمارك تمنع مستخدماتها من ارتداء الحجاب
الجزائر (دويتشه فيله)
أثار قرار للمدير العام للجمارك الجزائرية حول حظر ارتداء الحجاب في قطاع الجمارك جدلا واسعا، حيث اعتبرت أطراف سياسية وحقوقية أنه يشكل اعتداء على الحريات الفردية التي تكفلها المواثيق الدولية والدستور الجزائري.
تواجه تعليمة مديرية الجمارك الجزائرية حول حظر ارتداء الحجاب في المجالات الجمركية موجة انتقادات سياسية وحقوقية واسعة، حيث استنكرها البعض واعتبرها آخرون ''استفزازية'' ومخالفة لأبسط الحقوق الفردية.
وكانت المديرية العامة للجمارك قد أصدرت منتصف الشهر الجاري تعليمة تقضي بمنع الجمركيات من ارتداء الخمار لمخالفته للزي الرسمي الموحد للعاملين في قطاع الجمارك. وذكرت التعليمة ''الخمار'' بالاسم، باعتباره مخالف للزي النظامي المتعارف عليه، وبالتالي فإن ''ارتداءه ممنوع''، وتوعدت الإدارة العامة للجمارك العاملات المخالفات لهذا القرار بتحرير ملف تأديبي ضدهن وفصلهن نهائيا عن العمل في حالة عدم الالتزام بذلك.
أحزب تستنكر
وفي رد فعلها على القرار اصدرت حركة مجتمع السلم بيانا عبر موقعها الإلكتروني أكدت فيه بأن تلك التعليمات تشكل ''تعديا صارخا على النساء الجزائريات وعنفا ضدهن وتمييزا بينهن''، كما اعتبرتها ''خرقا واضحا للدستور الذي يكرس مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون دون تمييز''.
وأشارت الحركة إلى أن المشكلة في الجمارك لا ترتبط بالحجاب وإنما بـ''التهريب والغش الذي يطال الاقتصاد الجزائري عبر الموانئ والمطارات والحدود''، كما دعت الرئيس بوتفليقة للتدخل بـ''سرعة قصوى'' لإلغاء التعليمة.
وتروي سكينة. م، وهي جمركية بمطار الجزائر، معاناتها النفسية بسبب تعليمة المدير العام للجمارك. وقالت بأنها ليست المرة الأولي التي تقوم فيها الإدارة بإصدار مثل هذه التعليمات والحرص على تطبيقها من طرف الأعوان منذ سنوات، وأضافت أنها أصبحت تفضل ترك الوظيفة التي تعيل بها أهلها على العيش بشخصيتين منفصمتين داخل العمل وخارجه، حيث تقول سكينة لـDW ''أصبحت محل تهكم الزملاء والأقرباء بسبب الازدواجية بين المظهر والموقف، وأيضا بسبب إحساسي بالذنب لعدم التزامي بالحجاب الشرعي''.
مخالفة الدين والدستور
وانتقل النقاش حول تعليمة مديرية الجمارك إلى قبة البرلمان، حيث وجه النائب محمد الداوي، سؤالا كتابيا لوزير المالية، محمد جلاب، وجاء في نص السؤال بأن التعليمة ولدت ''هزات عنفية''، ووصلت ''درجة التذمر والقلق لدى أسر هؤلاء العاملات بسبب التهديد بفقدان مناصبهن''. وأضاف النائب الداوي أن هذه التعليمة هي ''تعدي واضح وسافر'' على ''أحكام الدين الإسلامي''، دين الدولة الجزائرية.
من جهتها شككت نعيمة صالحي رئيسة حزب العدل والبيان في التبريرات التي قدمتها المديرية العامة للجمارك بشأن التعليمة، وقالت بأن الهدف الحقيقي منها هو ''المساس بقيم ومبادئ الشعب الجزائري''، واعتبرت أن الحديث عن اللباس الموحد وعن الضرورة المهنية التي قدمتها المديرية، هي مبررات ''واهية''. وأضافت نعيمة صالحي لـDW ، ''إن الحجاب خيار شخصي، يدخل ضمن الحريات الأساسية للأفراد أو يكفلها الدستور وحقوق الإنسان والمواطنة، كما إنه لا يتعارض بأي شكل من الأشكال مع الأداء الوظيفي للمهنة.
تعليمة غير قانونية
من جهته استنكر بوجمعة غشير، الرئيس السابق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، ما وصفه بالمساس بأحد حقوق الإنسان. وأكد غشير بأن قرار منع ارتداء الحجاب غير قانوني، وأن القانون الذي لا ينسجم مع المنظومة الأخلاقية للمجتمع لاقيمة له، خصوصا وأن ارتداء الحجاب لا يؤثر سلبيا على القيام بمهمات الجمركيات.
وأوضح غشير أن التعليمة تسعى إلى إبراز توجهات معادية للإسلاميين على الرغم من أن الحجاب ليس ملكا للإسلاميين فقط، كما يقول. وأشار أن رؤوساء الدوائر قاموا سابقا بنفس الشيء، عندما منعوا الصور بالخمار واللحية في بطاقة الهوية وجواز السفر، قبل أن يتم الغاء ذلك نهائيا من طرف الحكومة.
حظر للحجاب في الجيش والشرطة
من جهته اعتبر وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، في تصريح صحفي بشأن موضوع الجمركيات والحجاب أن هذه التعليمة ''لاغية'' وأنه من حق الجمركيات أن يلبسن الخمار قانونا وأخلاقا في جزائر الحرية''. وقد تسربت لوسائل الإعلام معلومات من مسؤولين جمركيين تحدثت عن إلغاء التعليمة شفويا من طرف المدير العام للجمارك، بعد الضجة التي أحدثتها.
أما الجمركية سكينة فلازالت مترددة في ارتداء الحجاب أثناء العمل أو عدم القيام بذلك. وقالت بأن '' كل تعليمة كتابية يجب أن يتم إلغاءها بتعليمة كتابية أيضا''.
في هذه الأثناء عبر مراقبون عن اعتقادهم أن الحكومة لن تلجأ إلى إلغاء التعليمة بشكل رسمي، خوفا من انتقال موضوع الحجاب إلى قطاعي الشرطة والجيش، حيث يتم هناك تطبيق قرار حظر ارتداء الحجاب.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: