تقرير - مستقبل أوكرانيا بين صداقة روسيا وتحذيرات واشنطن ونفوذ أوربا
كييف - (أ.ش.أ):
تواجه أوكرانيا سلسلة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة اتخذت منحى عنيفا منذ نوفمبر الماضي واندلعت أعمال عنف في يوم 18 فبراير أسفرت عن هروب الرئيس''المخلوع'' فيكتور يانوكوفيتش من مقر إقامته على أطراف ''كييف'' وتم نقل السلطة للبرلمان الذي عين رئيسا جديدا له وحدد انتخابات مبكرة في مايو المقبل وسط تصاعد المخاوف بشأن وحدة أوكرانيا مع اختبار القوة الذي ظهر خلال الأشهر الأخيرة بين روسيا من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة ثانية، حيث يحاول كل من جهته جر أوكرانيا إلى منطقة نفوذه.
وشكلت القرارات المتتابعة للبرلمان الأوكراني بداية نهاية حقبة حكم الرئيس الأوكراني المخلوع يانوكوفيتش، لكن المستقبل لا يزال غامضا أمام معارضة لم تحدد موقفها من مجموعة من القضايا وقد أسفرت أعمال العنف التي بلغت ذروتها عن سقوط 80 قتيلا بعد أزمة حادة مستمرة منذ ثلاثة أشهر، وهو مستوى غير مسبوق من العنف في هذا البلد الذي كان ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.
ورصدت وسائل إعلام مختلفة تزايد المخاوف التي جلبتها ثورات الربيع الأوروبي ومدى تقاربها مع ثورات الربيع العربي، بعد تحذيرات أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تصريحات مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس تجاه موقف روسيا حال إرسالها قوات إلى أوكرانيا بغية ما وصفته ''رايس'' بالإتيان بحكومة تميل إلى الصداقة مع روسيا، فماهو مستقبل أوكرانيا الرئاسي والديمقراطي والداخلي وغيره في ظل صداقة روسيا التاريخية وتحذيرات واشنطن ونفوذ الاتحاد الأوربي؟
وبالنظر إلى تصريحات واشنطن تجاه موقف روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية والتي (تناقلتها القنوات والشبكات الإخبارية) وجاء فيها على لسان مستشارة الأمن القومي الأمريكي، قولها '' إن تدخل روسيا بإرسال قوات إلى كييف سيكون خطأ جسيما وليس من مصلحة أوكرانيا أو روسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة أن نرى دولة تنقسم وكذلك ليس من مصلحة أحد أن نرى عودة للعنف وتصعيدا للموقف''.
وجاء رد الفعل الروسي سريعا وعلى غير المتوقع، فقررت استدعاء سفيرها في العاصمة الأوكرانية كييف '' للتشاور'' بسبب تصعيد الوضع في أوكرانيا وضرورة تحليل الوضع الراهن من جميع جوانبه، لذا اتخذ القرار باستدعاء سفير روسيا الاتحادية في أوكرانيا ميخائيل زورابوف إلى موسكو - حسبما جاء في بيان الخارجية الروسية.
وأشارت التقارير الواردة من كييف إلي أن المتظاهرين المعارضين يسيطرون على جميع مداخل القصر الرئاسي الذي بدا خاليا وبلا حراسة، وهذا ما أكده وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف في تصريحات تناقلتها قناة ''روسيا اليوم'' الإخبارية وعدد من ( القنوات والشبكات الإخبارية) - لنظيره الأمريكي جون كيري ''إن المعارضة الأوكرانية استولت عمليا على السلطة، وهي ترفض تسليم الأسلحة وتواصل الاعتماد على العنف، مشددا في الوقت ذاته على تنفيذ بنود اتفاق أوكرانيا الموقع في 21 فبراير الجاري''.
إلا أن رئيس أوكرانيا المؤقت أوليكسندر تيرتشينوف، قال - في تصريحات نقلتها عنه هيئة الإذاعة البريطانية ''بي بي سي'' - إن '' البلاد ستركز جهودها على التقارب مع الاتحاد الأوروبي''، مشيرا إلى أنه مستعد للحوار مع ''روسيا '' التي كانت تؤيد سلفه الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن قد قال - في تصريحات سابقة - إن ''الأحداث في أوكرانيا تبدو وكانها مؤامرة مدبرة أكثر منها ثورة وهذا لا صلة له بالعلاقات بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، معتبرا أن التظاهرات مرتبطة بالخلافات السياسية الداخلية في أوكرانيا وأنها ''انطلاقة خاطئة'' للانتخابات الرئاسية لعام 2015 في البلاد.
آشتون في كييف:
وأعلنت الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون أنها ستزور كييف اليومالاثنين وتبحث دور الاتحاد الأوروبي في حل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد- حسبما أعلن في بيان صادر عن مكتب آشتون.
وفي سياق متصل، دعا رئيس جمهورية كوبا راؤول كاسترو، الدول الغربية إلى الكف عن التدخل في الأحداث التي تشهدها أوكرانيا - في تصريحات له خلال المؤتمر العشرين لاتحاد نقابات ''كادحي كوبا '' أول أمس- وقال كاسترو ''إن الأحداث التي تشهدها أوكرانيا مقلقة وإن التدخل الغربي يجب أن يتوقف ليتمكن الشعب الأوكراني من تقرير مصيره بالطرق القانونية''، موضحا أنه يجب عدم تجاهل أن الأحداث في أوكرانيا قد تكون لها تبعات خطيرة على السلم والأمن العالميين.
في غضون ذلك، رحب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي تحدث أمس مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشأن الوضع في أوكرانيا بـشأن ما وصفه بـ'' العملية الانتقالية الديموقراطية'' التي تبدأ في هذا البلد، مشددا على وجوب احترام وحدة وسيادة أراضيه - بحسب بيان لقصر الإليزيه، وأثناء هذه المحادثة، شدد هولاند على أن فرنسا تعتزم مواكبة العملية الجارية ودعم كامل للإصلاحات السياسية وتحديث الاقتصاد الأوكراني بمساعدة الاتحاد الأوروبي.
من جهتها، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الاتفاق على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة تتمثل فيها كل التيارات السياسية، ولايزال الآلاف من المتظاهرين المعارضين يعتصمون في ميدان الاستقلال وسط العاصمة كييف رغم الإعلان عن اتفاق بين الرئيس المؤقت فيكتور يانوكوفيتش والمعارضة من شأنه إنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.
وبموجب الاتفاق الجديد، يكون من المحتمل تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة أواخر هذا العام، وينص الاتفاق الذي توسط في التوصل إليه وزراء خارجية أوروبيون، على إجراء إصلاحات في نظام الانتخابات وتعديلات في الدستور، وإعادة العمل بدستور 2004 في غضون 48 ساعة وتشكيل حكومة وحدة وطنية خلال عشرة أيام والعمل فورا على إدخال اصلاحات دستورية من شأنها موازنة صلاحيات رئيس الجمهورية والبرلمان والحكومة، على ان تكون هذه الاصلاحات جاهزة قبل حلول شهر سبتمبر المقبل.
وكذلك إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد اعتماد دستور جديد على أن لا تتأخر عن ديسمبر المقبل، واستصدار قانون جديد للانتخابات وإجراء تحقيق في أعمال العنف التي شهدتها البلاد مؤخرا تحت إشراف مشترك من قبل الحكومة الأوكرانية والمعارضة ومجلس أوروبا وكان آخر بنود هذا الاتفاق ألا تفرض السلطات نظام الطوارئ وتمتنع الحكومة والمعارضة عن اللجوء الى العنف وتسليم الأسلحة غير القانونية إلى الجهات المرتبطة بوزارة الداخلية.
من جهة أخرى، أعلنت زعيمة حزب الوطن ''باتكيفشينا'' الأوكراني رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو (المفرج عنها مؤخرا بعد احتجازها من قبل السلطات) أنها لا تنوي الترشح لمنصب رئيس الحكومة وذلك خلال ألقته وسط الجماهىير بميدان الاستقلال.
وفيما لا يزال الغموض يكتنف المكان الذي ذهب إليه الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، غداة فراره من كييف، نفت مصادر إماراتية مسؤولة لجوء الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش إلى الإمارات ونقل راديو ''سوا ''الأمريكي اليوم عن مصدر مسؤول في مطار الفجيرة الدولي لم تكشف عن هويته، قوله: إن '' طائرة أوكرانية كانت متجهة إلى مطار دبي الدولي وعلى متنها رجل أعمال أوكراني يتردد باستمرار على الإمارات لأعمال تجارية هبطت اضطراريا بسلام في مطار الفجيرة بسبب الضباب.
في حين أفادت تقارير إعلامية، بأن الخناق يضيق على الرئيس الأوكراني ''المخلوع'' فيكتور يانوكوفيتش ومعاونيه المقربين الذين منعوا من مغادرة أوكرانيا بعد توجيه الاتهام إليهم من قبل حزبهم بـالمسؤولية عن جرائم القتل العمد ضد المتظاهرين في كييف.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: