سعد الدين إبراهيم يكشف: لماذا قبل الوساطة بين قطر مصر؟
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
حوار – هبه محسن وهند بشندي:
تصوير – نادر نبيل:
حالة من الجدل صاحبتها عدة اتهامات طالت الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، عقب إعلانه عن مبادرة للوساطة بين مصر وقطر.
ويكشف خلال حواره مع مصراوي أن المبادرة جاءت من منطلق ايمانه من أن الوطن العربي لا ينبغي ان تظل شعوبه منقسمة أو في حالة خلاف، ولهذا التقي الشيخة موزا المسند –زوجة أمير قطر السابق ووالدة الأمير الحالي- التي وجدها ''مهمومة'' بالأزمة بين البلدين.
وينقل مدير ابن خلدون في السطور القادمة وجهة نظر الشيخة موزا، بعد لقاء استمر معها لمدة ساعتين، أشارت فيه إلى أن قطر تأوي الإخوان من منطلق إنساني وليس سياسي.
ويفسر تبنيه لمصالحه أخرى، وهذه المرة مع الإخوان المسلمين، موضحا لماذا يدعم المصالحة مع الإخوان رغم انه كثير ما ردد مقولة الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر ''الإخوان ليس لهم أمان''، فإلى نص الحوار.
في البداية، كيف تم لقائك مع الشيخة موزا المسند في قطر؟
كنت في دولة الإمارات العربية المتحدة لحضور أحد المؤتمرات، وخلال هذه الزيارة سمعت أن الشيخة موزا -زوجة الحاكم السابق لقطر ووالدة الأمير الحالي- مهمومة بسبب توتر العلاقات بين مصر وقطر فاتصلت بمكتبها وطالبت لقائها وذهبت إلى قطر يوماً واحداً ثم عدت للإمارات مرة ثانية لاستكمال المؤتمر.
ما الذي دار تحديدا خلال اللقاء؟
عندما التقيت بالشيخة موزا دار الحديث بيننا حول العلاقات بين البلدين، وأكدت لي أنها مهمومة بسبب توتر العلاقات بين مصر وقطر، وكان أكثر ما يؤلمها الحملة الإعلامية الشرسة التي استعدت الشعب المصري ضد الشعب القطري وكانت ترى أيضاً أن الحكومات يمكن أن تختلف ولكن هذه الخلافات لابد ألا تستعدي الشعوب على بعضها. من جانبي أكدت لها خلال اللقاء أن الشعب المصري غاضب ممن يهاجمون مصر على شاشات قناة الجزيرة، وقلت أن هذا أمر غير مقبول.
قطر تفتح أبوابها للإخوان المسلمين وعدد منهم مطلوب قضائيا في مصر.. فما كان تبريرها لهذا الموقف؟
قالت إن الدولة القطرية لم تستطع يوما ما أن ترد لاجئ لجأ إليها أياً كان، وهذا الأمر بدافع عاطفي لأن ''آل المسند'' -عائلة الشيخة موزا- كانوا من المعارضة القطرية واضطروا للهروب من قطر واللجوء إلى مصر في عهد الشيخ خليفة -والد زوجها- وكانت مصر بالنسبة لهم وللعرب جميعاً الملجأ والمأوى، وبالتالي ترى أن الدور الذي تقوم به قطر الآن هو نفسه الذي كانت تقوم به مصر قديماً تجاه العرب في جميع أنحاء الوطن العربي وبالتالي فإن التقاليد القطرية تقتضي بأنه لا يصدوا لاجئاً ولا يطلبوا منه ترك البلاد وهذا ينطبق على من لجئوا إليهم من الإخوان المسلمين.
وذكرتني خلال اللقاء حينها بأنني كنت لاجئاً في قطر في عهد حسني مبارك كما أنهم سمحوا لكثير من رموز نظام صدام حسين اللجوء إلى قطر رغم الخلاف بينهم وأكدت أن هذا الأمر إنساني وليس له علاقة بالسياسة.
لكن هل وصل الأمر الإنساني يومًا ما لمعادة قطر لمصر ورغباتها؟
هي ذكرتني خلال لقائنا بأحد المواقف؛ ففي أحد مؤتمرات القمة المنعقدة بقطر اشترط حسني مبارك لحضوره طردي من قطر –وقت ان كنت لاجئ هناك- فرفض الحاكم آنذاك ذلك الأمر معتبرا انه ليس من الشهامة طرد من لجأ إليهم وأصروا على بقائي في البلاد وحضوري للمؤتمر، وحنيها أصروا على موقفهم و''استهيفوا'' مبارك لأنه رئيس أكبر دولة ويعمل رأسه برأس مواطن بسيط من مواطنيه.
ما هو شكل المبادرة المطروحة؟ ومن صاحب فكرتها؟
المبادرة كانت فكرة الشيخة، وهي من اقترحت ان تضم جميع دول الربيع العربي وكان اختيارا موفقاً جداً، حيث اقترحت أن يكون هناك حوارا موسعا حول تبعات ثورات الربيع العربي، وهي مبادرة تهدف لحل المشاكل بين جميع دول الربيع العربي.
لماذا قمت بهذه المبادرة للوساطة بين مصر وقطر؟
الخلفية التي انتمي إليها انني قومي عربي والجميع يعرف عني ذلك فأنا من دعاة الوحدة والوطنية وأرى أن الوطن العربي لا ينبغي ان تظل شعوبه منقسمة أو في حالة خلاف، فانا مهموم بقضايا الوحدة العربية ومن هذا المنطلق أقوم بعدد من المبادرات الشعبية وليست بتكليف من اي جهة وإنما هي مبادرات شعبية فقط.
هناك من يقول أن مثل هذه المبادرات تقوم بها حكومات ودول وليس أفراد؟
سبق أن قمت بهذا الدور من قبل لإعادة مصر للصف العربي بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد حيث كانت مصر على خلاف مع أغلب الدول العربية واستطعت بمساعدة عدد من المبادرات الشعبية بالتعاون مع الأمير حسن -ولي عهد الأردن آنذاك- إزالة التوتر بينها وبين باقي الدول العربية وإعادتها للصف العربي، فضلا عن غيرها من الوساطات بين قوى سياسية ودول.
هل ازالة التوتر بين مصر وقطر بيد الحكومات أم الشعوب؟
الأمر بيد الاثنين؛ الحكومات والشعوب معًا، ما يهم هو الشعوب التي يجب الا يكون بينها خلافات أما الحكومات فتختلف وتتفق وفقاً للظروف والأوضاع الآنية، كما ان توتر الأوضاع لا يجب ان يؤثر على 250 ألف مصري يعملون في قطر، والحمد لله هذا لم يحدث وهو ما اسعدني كثيرا حيث اكد المصريين في قطر ان الحفاوة بهم زادت لكي لا يشعروا ان التوتر بين الحكومتين اثر سلبا عليهم.
ما مصير المبادرة الحالية؟
المبادرة مجمدة في الوقت الحالي، هي مطروحة للنقاش المجتمعي ولكني لا احركها مطلقاً، وقد دعينا عدد من المهتمين بالشأن العام بعضهم ايد المبادرة والبعض الأخر اعترض عليها ولذلك تم تجميدها أو إرجائها لوقت اخر حتي يستوعب الناس الفكرة وإذا كانت هناك رغبة فليتم استئنافها؛ فالمصالحات لن تكون قابلة للتحقق إلا بموافقة الأطراف المعنية وأنا قلت ما حدث واترك الأمر للحكومات والشعوب.
هل إرجاء المبادرة له علاقة بتكذيب مدير مكتب الشيخة لما دار في اللقاء؟
لا الأمر ليس له علاقة بكلام مدير مكتب الشيخة لأنه لم يكن حاضرا للقاء وإذا كان هناك تكذيبا لما دار في اللقاء فليخرج من أحد الحاضرين وهم الشيخة موزا ووصيفتيها وأنا، وإذا لم يكن هذا الحديث قد دار ففيما تحدثنا طيلة الساعتين، على العموم البينة على من ادعى فإذا كان لديه حديث اخر فليعلنه.
بماذا تفسر التكذيب الذي تم؟
عدم دعوة مدير مكتب الشيخة للقاء منذ البداية كان مثار دهشة لي؛ لأنه دائما ما كان يحضر جميع اللقاءات السابقة وربما فضلت الشيخة عدم حضوره اللقاء بهدف إعطاء ثغرة لي في حال تكذيب ما دار خلال اللقاء في اي وقت، وهذا تخميني لعدم حضوره كما أني اعتقد ان الشيخة موزا قد تعرضت لضغوط بسبب موقفها من العلاقات مع مصر.
سبق ان قلت في تصريحات إعلامية أن الشيخة موزا تؤيد 30 يونيو؟
مقاطعا: لم أقل مطلقا أنها تؤيد 30 يونيو أو تعتبرها ثورة، فهي لم تذكر هذا الأمر لا بالنفي أو الايجاب.
هناك من يقول ان نجاح أي وساطة بين مصر وقطر متوقف على مراجعة الجزيرة لسياساتها ضد مصر؟
الأمر ليس له علاقة بالجزيرة وكان هذا رأي الشيخة فهي كانت ترى أن مصر صاحبة الريادة الإعلامية والتي كان دائما صفوت الشريف -وزير الإعلام الأسبق- ما يباهي بعدد القنوات الفضائية في مصر، فهل مصر تخشى الآن قناة واحدة فقط وهي الجزيرة؟؟
وكانت ترى اذا كانت الجزيرة تنتقد الأوضاع في مصر فعلى إعلاميون مصر الكثر أن يقموا بالرد عليها، وهذا الأمر لا يغضب قطر حتى إذا تم توجيه الانتقاد للحاكم القطري.
وقالت لي خلال اللقاء ''يكفي ان عندكم باسم يوسف ''هو مدفعية ثقيلة'' يارت لدينا باسم يوسف''، كما انها تتابع أحمد آدم ولا تشعر بغضاضة في النقد الذي يستهدفوا به قطر، فقد كان حديثها ودي تؤكد خلاله على اننا من سبقناهم وعلمناهم الإعلام والنقد.
بعيدا عن البرامج الساخرة، هي دائما ما تصور في مصر بانها ''الشيطان'' الأكبر فهل تتقبل هذا؟
الشيخة متابعة جيدة لما يدور على شاشات التليفزيون، وهي ترى كل ما يذاع عن قطر، لكنها ابدت اندهاشها من توجيه اهانات شخصية لها ولعدد من رموز الحكم القطري، وكان ردي عليها انه عتاب المصريين عليها أن دولتها تحتضن الإخوان الذين ينتقدون مصر.
ما حقيقة وسر الأزمة بين مصر وقطر؟
جزء من الأزمة إعلامي بسبب التلاسن الإعلامي بين الطرفين وجزء اخر متعلق بغضب المصريين من سحب قطر لوديعتها في مصر والتي قدرت ب5 مليار دولار وقد اعتبر المصريين هذا اهانة لهم ولا يدل على الصداقة أو الاخوة في الوقت الذي تتسابق فيه السعودية والإمارات لمساعدة مصر.
هل هناك سيطرة إخوانية على الحكم في قطر؟
كلمة سيطرة ليست دقيقة، لكن هناك نفوذ قوي للإخوان داخل قطر وهذا هو التعبير الأدق، حيث أن الإخوان متغلغلين في المؤسسة التربوية القطرية، والإخوان عندما لجئوا للسعودية والكويت بعد حادثة المنشية في عهد عبد الناصر تغلغلوا في المؤسسات التربوية.
هل تسيطر موزا على الحكم في قطر؟
هذه مبالغة مخلة فهي وزوجها يريدون أن يجددوا دماء الحكم وان يدير الجيل الجديد البلاد؛ ولذلك لم يتركا الحكم وحدهم بل على العكس جميع القيادات الكبيرة تركت الحكم مع الأمير حمد بن خلفة ليتركوا الفرصة للأمير الشاب ومجموعته للحكم، ولكن من المؤكد ان الشيخة لها تأثير على الحكم وذللك من منطلق ان الأمير الحاكم هو نجلها الذي تجلس معه وتبادله أطراف الحديث وتنصحه احيانا فهي لها رؤية فيما يحدث، ولكنها بشكل فعلي كرست كل جهودها لمؤسسة قطر التربوية.
ناديت كذلك بالمصالحة مع الإخوان.. لماذا؟
أنا من أوائل الذين اطلقوا مبادرات للمصالحة مع الإخوان، لأنني اري ان النظرة لابد ان تكون مستقبلية، ولا تستغرق مصر في العمليات الانتقامية وتصفية الحسابات وليكن لنا في رسول الله أسوة حسنة عندما قال لقريش ''اذهبوا فانتم الطلقاء'' وايضاً نيلسون مانديلا الذي تصالح مع الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا وهما المثالين الذي أقتدي بهم، كفانا شقاق وكفانا فرقة وقد آن الأوان لتصفية الخلافات وان يتحد الجميع.
تدعو للمصالحة مع الإخوان وانت من تؤمن بمقوله جمال عبد الناصر ''الإخوان ليس لهم أمان'' ومقولة جمال البنا ''الإخوان لا يتعلمون شيئا.. ولا ينسون شيئا''.. كيف؟
نعم أؤمن بهما، لكن إذا كان هناك من غرر بشباب الإخوان خاصة وخدعهم، فلابد من اعطاء هؤلاء الفرصة ليعودوا إلى الصراط المستقيم، أليس هناك العفو والسماح.
هل المصالحة مع الإخوان المسلمين قابلة للتحقق؟
بالطبع هذه المبادرات قابلة للتحقق فالإخوان في الأول والأخر بشر مثلنا ومواطنين مصريين ولهم دور كبير قاموا به في التاريخ المصري ولا يمكن ان ننكر هذا لمجرد الخلاف معهم ولكن كل من ارتكب جرم منهم لابد أن يعاقب، فمن يتركب أعمال العنف منهم الآن لابد من محاسبتهم، فالمصالحة لا تعني التنازل عن الحقوق القانونية لان المجرم لا يسيء لنفسه أو الضحية فقط وإنما يسيئ للمجتمع باكمله.
كيف تتحقق المصالحة؟
لابد أن يفتح الباب أمام شباب الإخوان ليعودوا من جديد، ولابد ان يعترف الإخوان بالثورة واخطائهم في حق الشعب وان يقدموا اعتذار للشعب وايضا لابد ان يقبلوا قواعد اللعبة الديمقراطية.
تنتقد الإخوان، بينما كنت صاحب الوساطة بينهم وبين الولايات المتحدة.. ما سر في هذا؟
بلهجة معترضة: لم تكن الوساطة بين الإخوان والأمريكان تحديدا، بل بينهم وبين الغرب، والوساطة أمر عادي ليس به سر ما، أنا أقوم بالوساطة بين جميع الأطراف من منطلق إنساني فإذا طلب مني اي شخصين الوساطة اقوم بذلك بدون اي حرج أو غضاضة.
هل طلب منك الإخوان الوساطة للإفراج عنهم بعد 30 يونيو؟
لا، هذا لم يحدث ما طلب مني كان الوساطة للتواصل مع الغرب عندما كنت في السجن في عهد مبارك، فأعددت لثلاثة لقاءات بينهم وبين دبلوماسيين غربيين في النادي السويسري، وليس صحيح أنهم طلبوا مني الوساطة للإفراج عنهم بعد 30 يونيو أو الوساطة بينهم وبين الحكومة.
هل سيكون من الصواب الربط بين الإخوان والإرهاب الحالي في الشارع؟
هذا الأمر تحدده جهات التحقيق والجهات الأمنية ولكن في ظاهر الأشياء يبدو أنهم وراء الإرهاب في الشارع خاصة وانهم يتفاخرون بالقيام بعملياتهم الإرهابية ولكن ليس لدي دليل ملموس على هذا.
سبق أن شبهت الإخوان بأنهم مثل الأسرة الحاكمة الفرنسية ''البوربون''.. فهل يمكن ان يعودوا للحكم مرة أخرى كما عادت ''البوربون''؟
نعم من الوارد ان يعودوا للحكم مجدداً، وكذلك الحزب الوطني من الوارد أن يعود للحكم مرة اخرى، لكن يبدو ان السيناريو الأقرب هو حنين الشعب للحزب الوطني، فالإخوان ضيعوا فرصتهم ولن يعودوا قبل ربع قرن قادمة حتى ينسى هذا الجيل أفعال الإخوان.
كيف ترى المناخ السياسي والأمني في مصر؟
المناخ السياسي والأمني في مصر أفضل منه في جميع دول الربيع العربي ربما باستثناء تونس؛ لأن كمية الدم التي اريقت في هذه الدول كانت كبيرة جدا قياسا بمصر.
هل ترى ان المشير عبد الفتاح السيسي هو رجل المرحلة؟
هو أحد رجال المرحلة فهناك ايضا حمدين صباحي والفريق أحمد شفيق.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: