إعلان

مدير مشرحة زينهم: كان يمكن الانتهاء من قتلى "رابعة" في 12 ساعة لكني رفضت (حوار)

09:56 ص الثلاثاء 12 أغسطس 2014

الدكتور هشام عبدالحميد مدير المشرحة


حوار- محمد مهدي:

مئات الجثامين داخل وخارج مشرحة زينهم تنتظر دورها للمثول بين يدي الأطباء لتشريحها وإصدار تقارير عن سبب الوفاة، غضب مستعر بين الأهالي لمرور الوقت خوفا على تعفن الجثث التي فاحت رائحتها، أقاويل تتردد عن تواطيء المشرحة مع الدولة لتزوير التقارير، وإنهاك شديد لأطباء يعملون لساعات طويلة تحت ضغط شديد.

حالة مُربكة مرت بمشرحة زينهم بعد فض اعتصامي "رابعة والنهضة" تحمل بين طياتها الكثير من التفاصيل التي عايشها الدكتور هشام عبدالحميد مدير المشرحة، والمتحدث الرسمي باسم مصلحة الطب الشرعي، الذي كشف في حوار لمصراوي عن كواليس ما دار داخل المشرحة بين الأطباء والأهالي، وبينهم والتقارير الخاصة بالقتلى، وعن الاتصالات الهامة التي دارت مع الجهات الأمنية ووزارة العدل والدكتورة مها الرباط، وزير الصحة، وعن سر الفترة الطويلة التي قضاها الأطباء في تشريح الجثامين.. وإليكم نص الحوار.

بداية.. هل تلقيت معلومة رسمية من الدولة بموعد الفض تحسبا لوقوع قتلى؟
موعد الفض كان سريا، لكننا توقعنا قُرب فض اعتصامي "رابعة والنهضة" خاصة بعد انتهاء شهر رمضان والعيد، وقمت برفع درجة الاستعداد لأقصى درجة في انتظار وقوعه في أي لحظة.

ما هي القرارات التي اتخذتها فور بدء الفض وسقوط ضحايا؟
على الفور تم استدعاء الأطباء الشرعيين بالمحافظات كافة-14-، ليتواجدوا مع أطباء المشرحة-6، وقمت بتوزيعهم على مجموعات، تعمل كل مجموعة لمدة 8 ساعات ثم تُستبدل بمجموعة أخرى لإتاحة ساعات راحة لهم، نظرا لطول مدة العمل بسبب عدد الحالات الكبير وغير المعتاد في مصلحة الطب الشرعي.

توقعتم العدد الكبير للقتلى من فض الاعتصام؟
وضعنا توقعات لأعداد أكبر قد تأتي من "رابعة العدوية"، لكن وصل إلينا 377 جثمان.. الأزمة الحقيقة كانت في توافد جثامين من أماكن مختلفة بعد وقوع اقتحام لقسم شرطة حلوان وكرداسة ومظاهرة مصطفى محمود، أحداث الأزبكية، حتى وصل إجمالي الجثث التي وردت إلى المشرحة خلال 6 أيام من يوم الفض إلى 729 جثة.

صف لنا الأجواء المحيطة بكم أثناء تشريح الجثامين؟
حالة مزرية، وقع اقتحام للمشرحة من قِبل أهالي القتلى أثناء إدخال الجثامين، وتعرضنا لضغوط من ذويهم وتهديدات بالتعدي علينا فضلا عن السباب الذي لم يتوقف طوال العمل على تشريح القتلى.

هل شعرتم بالخطر؟
كنا متماسكين بدرجة كبيرة رغم تعرضي شخصيا لتهديد بالقتل، فأحد الأشخاص صرخ في وجهي بعد اقتحام المشرحة وطلب مني النزول إلى الشارع وتوقيع كشف ظاهري على الجثامين وإن رفضت يقتلني.

وكيف تعاملت مع الأمر؟
قلت له "وماله أنام بجوار الجثث لكن لن أصدر تقرير خطأ".

رجح البعض غضب الأهالي لخوفهم من تعفن الجثث.. ما رأيك؟
نحن نراعي مشاعر أسر القتلى، وندرك أن الظرف صعب، وكان يمكنني الانتهاء من كتابة تقارير عن جثامين "رابعة" في 12 ساعة لكني رفضت هذه الطريقة لأننا يجب أن نصدر تقارير محترمة نرضى عنها.

الوضع كان يُنبىء بكارثة.. هل طلبتهم تأمين المشرحة؟
تواصلت مع الجهات الأمنية بالدولة، وطلبت سرعة تدخلهم لحماية الأطباء من بطش الأهالي الغاضبون وتوفير مناخ جيد للعمل، لكنهم رفضوا منعا لوقوع صدام معهم، وطالبونا بالتعامل بدبلوماسية مع الناس.

هناك لغط أثير حول حقيقة أعداد قتلى الاعتصام.. تعليقك؟
كل الروايات ليس لها أساس من الصحة إلا ما صدر عن مصلحة الطب الشرعي، فقد عُرض علينا من ميدان رابعة 377 جثة قمنا بتشريحهم وكتابة تقارير تفصيلية بأسباب الوفاة، وتم توقيع كشف ظاهري من قِبل وزارة الصحة على 83 حالة بالمستشفيات المختلفة، و167 حالة بمسجد الإيمان، وحالتين تم دفنهم بشبين الكوم بدون تصاريح دفن، ليصبح إجمالي عدد الجثامين من رابعة إلى 629 حالة فقط وليس بالآلاف كما أشيع.

هل اشتركتم في عمليات الكشف الظاهري على الجثامين؟
لم يحدث.. الكشف الظاهري تم من قِبل وزارة الصحة، وقد تلقيت اتصال هاتفي من الدكتور مها الرباط، وزير الصحة-حينذاك- تطلب إرسال أطباء شرعيين إلى مسجد الإيمان لتوقيع كشف ظاهري على الجثامين، قلت لها آسف.. وظيفتي التشريح وإخراج المقذوف وتحديد عياره، ولن نسمح بأن تتورط مصلحة الطب الشرعي في ذلك وتكرار ما حدث في ثورة 25 يناير.

ترددت أقاويل عن وجود تقارير بـ"انتحار القتلى".. تعليقك؟
أتحدى وجود أي تقرير صادر بالانتحار، لو جاء أحد بورقة واحدة تؤكد ذلك سأقدم استقالتي فورا.. كل هذا الأقاويل محض افتراء وكذب، والتقارير الصادرة عن مصلحة الطب الشرعي تنفي هذه الإشاعات.

تعرضتم لأي ضغوط من الدولة بشأن كتابة تقارير مخالفة لواقع الحالات؟
لم يحدث.

ما هي الأزمة الأكبر التي واجهتها المشرحة خلال فض الاعتصام؟
عند وصول عدد كبير من الحالات المجهولة-65 حالة من رابعة، و5 من النهضة- ولم نجد أماكن كافية لهم بداخل ثلاجات المشرحة، لأنها تحوي 83 جثة قديمة مجهولة لم يُصرح بدفنها بَعد، وكفاءة الثلاجات تحتمل 110 حالة فقط.

ماذا فعلتم لحل هذه الأزمة؟
خاطبت العلاقات العامة بوزارة العدل، وتم الاتصال بإحدى شركات الألبان، وإرسال سيارات تبريد وضعنا بها الجثامين المجهولة، بعد تصويرهم لسهولة التعرف عليهم في حالة البحث عنهم من قِبل ذويهم، بدلا من فتج الثلاجات كثيرا.

هناك حالات لم يتم إثبات سبب الوفاة؟
نعم.. 6 حالات لم نتمكن من تحديد سبب الوفاة نظرا لدرجة الاحتراق بجسدهم التي وصلت إلى حد التفحم.

متى انتهت أعمال تشريح جثث الاعتصام؟
في صباح يوم الجمعة انهينا تشريح كافة الجثامين وكتابة التقرير بكل حالة وتجهيزها للدفن.

أداء الأطباء تأثر بالضغوط التي وقعت عليهم؟
بعض الأطباء غضبوا وشعروا بأنهم يعملون في ظروف قاسية وحالة نفسية سيئة "تخيل إنك بتشتغل تحت تهديد السلاح".

هل تعرضت المشرحة في تاريخها ليوم أصعب من يوم الفض؟
بالتأكيد لم ترَ مصلحة الطب الشرعي فترة تماثل ما حدث في الفترة من 14 أغسطس 2013 حتى 20 من نفس الشهر.

ماذا تغير في المشرحة بعد تلك الأيام العصيبة؟
تعلمنا من التجربة وخططنا لتأمين المشرحة بشكل أكبر، تم عمل فتحة في الباب الرئيسي لدخول الجثمان فقط، ومنع دخول أيًا من الأهالي بعد حدوث الاقتحام أيام فض الاعتصام، بالإضافة إلى زيادة عدد الأبواب الحديدية بالداخل، ووضع أمن إداري للتأمين.

كيف تتعاملون مع ذكرى الأحداث التي قد تسفر عن سقوط قتلى؟
هناك جدول لذكرى كافة الأحداث الهامة التي قد تشهد وقوع اشتباكات، منها أحداث مكتب الإرشاد والحرس الجمهوري والمنصة والفض، ووضعت مصلحة الطب الشرعي خطة للتعامل معها ورفع درجة الاستعداد خلال تلك الأيام تحسبا لسقوط قتلى، ونتمنى دائما أن تمر تلك الفترات على خير.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان