الحكومة تدرس إنشاء ''متحف للفاسدين''.. من هو الفاسد؟
تقرير – محمد مكاوي:
كشفت وزارة العدالة الانتقالية عن ملامح مشروع قانون مفوضية العدالة الانتقالية، مؤكدة أن مشروع القانون يتكون من نحو ٦٠ مادة. وقال المستشار أشرف العشماوي، مساعد وزير العدالة الانتقالية في تصريحات للمحررين البرلمانيين، إن مشروع القانون سيتضمن مادة تتيح انشاء متحف لتخليد الذكرى على غرار الموجود في جنوب أفريقيا، لتدون فيه أسماء كل من أفسدوا الحياة السياسية، والجرائم التي ارتكبوها وتاريخها، والمكان المقترح لهذا المبني هو مقر الحزب الوطني المحترق بكورنيش النيل.
وأشار الى أن المدة الزمنية التي ستحقق فيها تبدأ من يوم ٨ أكتوبر ١٩٨١ وحتى الآن، مشيراً الى أن اختصاصات المفوضية ستكون في جرائم الافساد السياسي والاقتصادي، والجرائم المتعلقة بحقوق الانسان بعيداً عن القضايا الجنائية التي تختص بها المحاكم العادية.
وقال العشماوي: ''قضايا قتل المتظاهرين أو تعذيب المحتجزين والمسجونين هي جرائم من اختصاص القضاء العادي، ولن تدخل في نطاق عمل المفوضية، لأنها تم احالتها عقب ثورة يناير مباشرة للقضاء العادي''.
من هو الفاسد
بالبحث عن كلمة ''فَاسِد'' في المعجم العربي، نجد أن معناها هو ''المبتعد عن الصلاح''، مثل ( رَجُلٌ فَاسِدٌ: غَيْرُ صَالِحٍ) ، والمعجم الجامع يُعرف الفاسد بأنه من تدبر وتباحث وخطط لقطع أرحام القوم وأوصالهم، قيل لهم مرارًا ''لا تُفسدوا في الأرض''، فردوا ''إنما نحن مُصلحون''.
ولم يذكر الدستور المصري الحالي والمعمول به منذ 18 يناير 2014، أي كلمة عن الفساد أو الفاسد سوى في ديباجته، حيث كُتب ''نكتب دستوراً نغلق به الباب أمام أي فساد وأي استبداد، ونعالج فيه جراح الماضي من زمن الفلاح الفصيح القديم، وحتى ضحايا الإهمال وشهداء الثورة في زماننا، ونرفع الظلم عن شعبنا الذى عانى طويلاً'' .
وتنص المادة 95 من الدستور على أن '' العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون''.
كما تنص المادة 96 من الدستور على أن ''المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات. وتوفر الدولة الحماية للمجنى عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقاً للقانون''.
ولا يوجد تعريف محدد للفساد السياسي، غير أن الخبير في شؤون الأمن اللواء أحمد عبد الحليم قال إنه يعني ''هو الخروج عن قائمة المشروعية فيما يتعلق بالتصرفات السياسية في كل صورها''.
قانونا
من الناحية القانونية، قال المستشار عادل قورة، الرئيس بمحكمة الجنايات، إنه لا يوجد ما يمنع من وضع أسماء كل من أفسدوا الحياة السياسية في لائحة المتحف، ولكن يجب التدقيق في الأسماء.
وشدد قورة في تصريحاته لمصراوي، على أنه لا يجب أن يكون الاختيار بشكل عشوائي وكذلك لا يجوز التعميم، مشيرا إلى أنه لا يوجد قانون للمسؤولية السياسية وضوابطها حتى الآن.
أما الدكتور عصام البطاوي، محامي وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، فقال إن أن المقترح بتحويل مقر الحزب الوطني إلى ''متحف للفاسدين'' غير قانوني، كما أنه ''لا يليق بالمصريين'' - بحسب قوله .
وأضاف البطاوي لمصراوي، أنه ''لا يليق بالدولة أن تصف مواطنيها بالفاسدين لأن هذا لا يتفق مع القيم والمبادئ المصرية، كما أن سياسية التعميم مرفوضة لأن كل مجتمع فيه الصالح والطالح ولا يجوز المساواة بينهم''، واصفا الاقتراح بـ''التهريج'' - على حد قوله.
إفساد الحياة السياسية
أصدر المجلس العسكري، إبان فترة توليه حكم مصر 2011، مرسوم بقانون في شأن جريمة الغدر المعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953 وبعد موافقة مجلس الوزراء .
وتنص المادة الأولى على: ''يستبدل بكلمة (الغدر) أينما وردت في المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953 عبارة (إفساد الحياة السياسية)(المادة الثانية)يستبدل بنصوص المواد (/1أ) , (2) , (3) , (4) من المرسوم بالقانون رقم 344 لسنة1952 والمعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953 المشار إليها النصوص الاتية :مادة (/1أ):عمل ما من شأنه إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الاضرار بمصلحة البلاد أو التهاون فيها''.
رفض وترحيب
وعلق الدكتور صلاح حسب الله، المتحدث الرسمي باسم حزب المؤتمر ونائب رئيس الحزب، على مشروع قانون مفوضية العدالة الانتقالية، يتضمن مادة تتيح انشاء متحف لتخليد الذكرى على غرار الموجود في جنوب أفريقيا، لتدون فيه أسماء كل من أفسدوا الحياة السياسية، والجرائم التي ارتكبوها وتاريخها، والمكان المقترح لهذا المبني هو مقر الحزب الوطني المحترق بكورنيش النيل، قائلًا: ''هذا إهدار للمال العام''.
وأكد حسب الله في تصريحات خاصة لمصراوي، اليوم السبت، أن كل من أفسد في الحياة السياسية مكانهم في الحياة ''السجون''، وحال موتهم مكانهم مزبلة التاريخ.
وأضاف حسب الله أن مثل هذه القوانين بدعة، وعند إنشاء متحف يجب أن يكون متحف للعمل والانتاج، ويكون متحف يعبر عن بلد قامت بثورتين متتاليتين.
فيما قال شهاب وجيه، المتحدث باسم حزب المصريين الاحرار، إنه ''مثير للنقاش''، مضيفا لمصراوي، أن ''الفاسدين يجب أن يكون صدر ضدهم أحكام قضائية، وأن مشروع القانون صعب التخطيط، ويجب دراسته بشكل كامل''.
أما الدكتور أحمد دراج، القيادي بتحالف ''25-30''، فقال إنها ''إنها خطوة مهمة ولكنها جاءت متأخرة''، مضيفا لمصراوي أن ''أن تلك الخطوة ستساعد على تعريف المواطنين بتاريخ الذين افسدوا في تاريخ وحق هذا البلد، مما يجعل أي مفسد لديه تخوف من وجود ذكرى سيئة له''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: