من قتلّ الطبيبة "داليا محرز"؟ - (تقرير)
كتبت ـ شيماء الليثي :
طبيبة شابة في مقتبل عمرها، فجرْ موتها غضب زملائها الأطباء من مختلف أنحاء الجمهورية، وكان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، إذ أن وفاتها كانت نتيجة مضاعفات إصابتها أثناء العمل بعدوى الالتهاب السحائي ـ بحسب بيان للنقابة العامة للأطباء.
الدكتورة داليا محرز، ذات الثماني والعشرين عاما، أصيبت بالالتهاب السحائي أثناء عملها بقافلة طبية الأسبوع الماضي، ووافتها المنية الخميس الماضي في العناية المركزة بمستشفى الإسماعيلية الجامعي التخصصي، ولـ "داليا" طفل لم يُكمل عامه الثاني، تركته ورائها قبل أن ترحل، إلا أن القانون لا يعطيها أو أسرتها وطفلها حقًا في المعاش لأنها لم تُكمل الأعوام الخمس من الخبرة التي يمكن بعدها الحصول على معاش العمل.
بدل العدوى 19 جنيه
لم تكن مشكلة المعاش هي المشكلة الوحيدة التي أثارت غضب الأطباء، إذ أن وزارة الصحة تقدم لكل طبيب في الشهر بدل عدى يقدر بقيمة 19 جنيها فقط، وهو ما وصفه عدد من الأطباء بأن قيمة حياة الطبيب تساوي عند الدولة 19 جنيهًا لا أكثر.
وسائل حماية
نقابة الأطباء أعلنت عن تعازيها البالغة واستيائها مما يتعرض له أطباء وزارة الصحة، وأكدت أنه حتى الآن لا توجد وسائل حقيقية تضمن مكافحة العدوى بالمستشفيات ومراكز طب الأسرة.
وأوضحت أن الأطباء يعملون في ظروف بالغة الخطورة ويتقاضون بدل عدوى قيمته 19 جنيهًا، دون قواعد واضحة لحماية الأطباء، ولا يتم حساب العدوى الناتجة عن العمل الطبي كإصابة عمل، حتى يمكن على الأقل تعويض الأطباء وأسرهم إذا تعرضوا لمضاعفات قاتلة.
وطالبت النقابة بسرعة إقرار قاعدة واضحة لاحتساب أي عدوى يتعرض لها الطبيب أثناء ممارسة عمله كإصابة عمل يستحق عنها التعويض وصرف معاش كامل لأسرته في حالة الوفاة وتعديل قيمة بدل العدوى الحالي الذى يعتبر مهينا قياسا على ما يتعرض له أطباء مصر من مخاطر يومية متكررة .
رد الصحة
بعد نحو 24 ساعة من وفاة الطبيبة أعلنت وزارة الصحة والسكان، أن التقرير المبدئي الذي تلقته بخصوص وفاة الطبيبة داليا محرز، في مستشفى جامعة قناة السويس التخصصي، صباح يوم الخميس 5 نوفمبر، لم يثبت أن سبب الوفاة نتيجة عدوى بالالتهاب السحائي أثناء عملها.
وأشارت إلى أن التقرير أوضح أن الحالة سبق وتعرضت لحادثي سير، أدى الحادث الأول إلى كسر في قاع الجمجمة لديها، أما الثاني أدى إلى إصابتها بشبه ارتجاج في المخ نتج عنه إصابتها بنوبات وتشنجات متكررة .
وأضافت الوزارة في بيانا صحفيا أصدرته، أمس الجمعة، أن الطبيبة دخلت مستشفى جامعة قناة السويس التخصصي يوم 26أكتوبر الماضي، وكانت تعاني من تشنجات، وتم الكشف عليها، وتلقت العلاج اللازم؛ وخرجت من المستشفى.
وتابعت: عادت الطبيبة إلى المستشفى مرة أخرى يوم 28أكتوبر، بينما تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وتشنجات واضطراب في درجة الوعي، وتم حجزها في المستشفى ووضعها أسفل جهاز التنفس الصناعي، وأخذ عينة من النخاع الشوكي لها للتحليل، وحجزها في الرعاية المركزة، حتى توفيت يوم 5 نوفمبر الجاري .
أطباء: الوزارة مبتذلة
غضب عارم تملك الأطباء، خاصة بعد بيان وزارة الصحة بشأن الطبيبة الشابة، مستنكرين أقاويل الصحة بشأن وفاة الطبيبة ونسبها إلى حادث سير تعرضت له منذ 5 سنوات، وهي التي كانت تمارس عملها بشكل طبيعي الفترة السابقة.
وقال الدكتور محمد سلام، عضو هيئة العاملين بالصحة، معبرا عن استيائه الشديد إن تصريحات الصحة مبتذلة، ووزارة الصحة أصبحت قاتلة للأطباء وللمواطنين على حد سواء .
الدكتور خالد سمير، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء عرض تقرير نهائي بتشخيص للطبيبة المتوفية صدر عن مستشفى الاسماعيلية التخصصي ينشره "مصراوي"، يؤكد اصابتها بالالتهاب سحائي حاد، ومرض هو عبارة عن ميكروب يصيب أغشية المخ بالاتهاب حاد والسائل النخاعي مما ينتخ عنه سكتة دماغية تؤدي إلى الوفاة .
وأثبت سمير بمستند آخر لتحليل السائل المخي الشوكي لداليا بعد دخولها المستشفى عدم صحة رواية المتحدث باسم وزارة الصحة بأن النتائج لم تظهر بعد، إذ توضح صورة التحليل تعكر السائل المخي الشوكي ونسب كرات الدم البيضاء و البروتين بما يفيد بالدليل القاطع على أنها كانت مصابة بمرض الالتهاب السحائي القاتل .
كما عرض الطبيب صورا للمطالبة المالية من المستشفى لأهل الطبيبة وقيمتها نحو 15 ألف جنيها، مما يثبت أن وزارة الصحة لم تتدخل لعلاج الضحية ولم تقدم لها أي تأمين صحي، كما ينفي إعلان هيئة التأمين الصحي إصدار أوامره بتحمل تكلفة علاجها .
وأكد أن وزارة الصحة أنكرت إصابة الطبيبة بالالتهاب السحائي وحاولت أن تنسبها إلى حادث السيارة الذي مضى عليه 5 سنوات حتى لا يقال إنها إصابة عمل ويتم مطالبتها بتعويض أو معاش .
ورغم أن وزارة الصحة أكدت في بيانها أنها ستمنح أسرة الطبيبة معاش استثنائي، إلا أنه بحسب تصريحات الدكتور عمرو الشورى، عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، فإن مسؤولي الوزارة تجاهلوا اليوم حضور وقفة التأبين التي نظمها أطباء الاسماعلية.
وبسؤال أهل الطبيبة عن الأمر قالوا إن الوزارة لم تمنحهم أي معاش استثنائي أو غيره، مما دفع الأطباء إلى جمع توقيعات لعقد جمعية عمومية طارئة بالإسماعيلية استعدادا للدخول في اضراب .
احتجاج
أطباء الإسماعيلية نظموا وقفة احتجاجية أمام مستشفى الإسماعيلية العام اليوم حدادًا على وفاة الطبيبة الشابة، متأثرة بإصابتها بعدوى الالتهاب السحائي أثناء العمل، بحضور الدكتور حسام كمال عضو مجلس النقابة العامة .
وطالب الأطباء خلال الوقفة، أن تتحمل وزارة الصحة كامل تكلفة علاج الطبيبة، وصرف تعويض ومعاش كامل لأهلها، باعتبار الوقفة جاءت نتيجة إصابة عمل، هذا بالإضافة إلى تحسين إجراءات مكافحة العدوى بجميع المنشآت الطبية، وصرف بدل عدوى حقيقي للأطباء .
وأوضح المحتجون أن الوقفة لم يشارك بها أي قيادات من وزارة الصحة، كما أن الوزارة أدلت بتصريحات وصفوها بالـ"استفزازية".
من جانبه أكد الدكتور خالد أمين عضو مجلس نقابة أطباء الجيزة، إن التطعيم ضد الالتهاب السحائي قيمته 65 جنيها فقط والجرعة الواحدة منه تعطي مناعة للطبيب لمدة 10 سنوات.
وطالب وزارة الصحة بتوفير التطعيم للأطباء، مؤكدا أن هذا أمر طبيعي يجب أن تقوم به الوزارة تجاه الأطباء العاملين بها .
فيديو قد يعجبك: