أردوغان أم بوتين.. من يسرق النفط السوري؟ (تقرير)
كتب- محمود أحمد:
حرب ضروس اشتعلت بين أنقرة وموسكو، عقب إسقاط سلاح الجوي التركي للمقاتلة الروسية "سوخوي 24" في الرابع والعشرين من شهر نوفمبر الماضي، والتأكيد على أن الطائرة رفضت الإنذار الموجه إليها عقب اختراق المجال الجوي لتركيا، لكن سرعان ما انتقل الحادث بعد ذلك إلى صراع دبلوماسي ليتطور إلى معركة اقتصادية كبيرة تلتها عقوبات روسية على أنقرة كان أخرها بتعطيل مشروع غاز "السيل التركي"، خاصة مع تأكيد "بوتين"، أن طائرتهم تم إسقاطها عقب رصدها لموكب سيارات النفط الداعشية المتجهة إلى تركيا ليكشف النقاب عن حقيقة "النفط السوري" الذي يستولى عليه النظام وتنظيم داعش الإرهابي وليصدروه للخارج.
بوتين وجه اتهامات صريحة لنظيره "رجب طيب أردوغان" الذي تحول لعدوه اللدود، بأنهم يمدون تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم "داعش" بالسلاح مقابل نقل شاحنات البترول التابعة للتنظيم إلى الحدود التركية بأسعار أقل وبكميات كبيرة، ونشرت "الكرملين" الروسية خرائط وصور توضح كيفية انتقال البترول إلى "أنقرة"، وهو ما دعا الرئيس التركي للرد بنفس الأسلوب واتهام موسكو بسرقة البترول من المعارضة ونظام بشار الذي تدعمه روسيا بقوة عبر عدد من الوسطاء.
عائلة أردوغان
نشرت وسائل الإعلام الروسية، صورًا لنجل الرئيس التركي، أثناء جلوسه مع عدد من الشخصيات، قالت إنهم قيادات في تنظيم داعش الإرهابي، وأكدوا أنه أسرته مسؤولة عن تهريب النفط من سوريا إلى أنقرة.
وتحدث نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي انتونوف، في مؤتمر صحفي، قائلا: "يتبين ان المستهلك الرئيسي لهذا النفط المسروق من مالكيه الشرعيين سوريا والعراق هو تركيا".
وتابع اناتولي في اتهاماته: "إن الطبقة الحاكمة السياسية، ومن ضمنها الرئيس أردوغان وأسرته، ضالعة في هذه التجارة غير المشروعة"، وطرح تساؤلات حول كون نجل الرئيس التركي "بلال" يتولى رئاسة إحدى أبرز شركات النفط، وتعيين صهر أردوغان، بيرات البيرق (37 عاما) وزيرًا للطاقة لتسهيل هذه العمليات.
النفط مصدر داعش الأول
تعتبر العائدات من الإتجار بالنفط من أهم مصادر تمويل الجماعات الإرهابية في سوريا، وعلى رأسها داعش، وتبلغ عائداتهم قرابة ملياري دولار سنويا، إذ يتم إنفاق هذه الأموال على تجنيد المرتزقة في أنحاء العالم كافة، وتسليحهم وتزويدهم بالمعدات.
وبحسب وزارة الدافع الروسية، فإن عائدات "داعش" من الاتجار غير الشرعي بالنفط كانت 3 ملايين دولار يوميا قبل بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا منذ شهرين، لكنها تراجعت في الآونة الأخيرة إلى 1.5 مليون دولار.
كما كشف تقرير أميركي مستقل أن التنظيم يحقق مكاسب يومية لا تقل عن ثلاثة ملايين دولار كأرباح صافية من بيع النفط العراقي والسوري في السوق السوداء، وهو ما يعني أن إيرادات التنظيم من النفط وحده تتجاوز الــ90 مليون دولار شهرياً، فضلاً عن مصادر التمويل الأخرى التي يتمتع بها "داعش".
وبحسب التقرير، فإن سعر برميل النفط المنتج من الحقول التي يسيطر عليها "داعش" وغيرها من المجموعات المسلحة يتراوح بين 20 دولاراً و60 دولاراً، في الوقت الذي يتراوح فيه سعر الخام في الأسواق العالمية بين 95 دولاراً و105 دولارات، إلا أن نفط "داعش" يتم ضخه في أسواق سوداء في كل من العراق وتركيا، وتقوم عصابات متخصصة بإعادة تصديره إلى أماكن مختلفة من العالم والمنطقة.
ويستعرض التقرير الصادر عن معهد "بروكنز" في واشنطن السوق السوداء للنفط التي انتعشت في المنطقة والتي يمول تنظيم "داعش" عملياته من خلالها، بعد استيلائه خلال السنوات الثلاث الماضية على العديد من الحقول والمصافي والأصول النفطية في شرق سوريا، ومع توسع "داعش" أصبحت غالبية المنشآت النفطية الرئيسية في شرق سوريا تحت سيطرتهم".
خرائط الكرملين
في الوقت الذي نشرت فيه وزارة الدفاع الروسية، صورا تثبت تهريب النفط بكميات هائلة من مناطق سيطرة "داعش" في سوريا إلى تركيا، مقابل توريدات الأسلحة والذخيرة.
ودعت الوزارة، تركيا السماح لها بتفتيش المناطق التي يشتبه بأن فيها ممرات لتهريب النفط الداعشي.
وقال سيرغي رودسكوي، رئيس مديرية العمليات العامة التابعة لهيئة الأركان الروسية، أن وزارة الدفاع حللت الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية الروسية وكشفت عن 3 مسارات رئيسية لتهريب النفط من سوريا والعراق إلى تركيا.
وذكر أن المسار الغربي يؤدي إلى الموانئ التركية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، أما المسار الشمالي فنقطة الوصول النهائية عليه هي مصفاة "باتمان" في تركيا، فيما يؤدي المسار الشرقي إلى مدينة جزيرة بن عمر التركية.
وأكد، أن النفط الذي يجري استخراجه من حقول بمحيط الرقة السورية، ينقل ليلا بصهاريج إلى شمال غرب سوريا، ومن ثم إلى بلدة إعزاز السورية ومنها إلى الريحانية التركية، ليتم توريد النفط لاحقا إلى ميناءي ديورتيول واسكندورنة، حيث يتم شحن جزء من النفط على متن سفن وإرساله إلى الخارج للتكرير، أما كميات النفط المتبقية، فيجري تسويقها في السوق التركية الداخلية.
ولإثبات هذه المعلومات، عرض الجنرال صورا فضائية تظهر قافلات من شاحنات الوقود في الميناءين في انتظار شحن محتوياتها على السفن، بالإضافة إلى شريط فيديو يظهر تحرك الشاحنات بصورة غير مقيدة عبر الحدود السورية-التركية في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم "جبهة النصرة" في ريف حلب. وأشار إلى أن هذه الشاحنات تعبر الحدود بالمئات على الرغم من العمليات القتالية الدائرة في المنطقة، وتظهر اللقطات أنه لا يجري تفتيش تلك الشحنات في الجانب التركي من الحدود.
أردوغان يرد.. والمتهم يتحدى
رد الرئيس التركي رجب أردوغان، على اتهامات روسية بأن لديه أدلة على تورط موسكو في تجارة النفط السوري من المناطق التي تخضع لسيطرة "داعش".
وقال أردوغان لوسائل إعلام أوروبية في أنقرة أمس الخميس 3 ديسمبر: "نحن نمتلك أدلة، وسنكشفها للعالم"، ذاكرًا اسم أحد رجال الأعمال السوريين، وقال إنه متورط في تجارة النفط السوري، وهو جورج حسواني، "رجل أعمال سوري يحمل الجواز الروسي".
في المقابل، أدلى رجل الأعمال السوري جورج حسواني، بتصريحات لشبكة الأخبار العربية "الميادين"، رد فيها على اتهامات الرئيس التركي رجب طيّب اردوغان حول "الاتجار بنفط داعش"، ويؤكد أن الأخير بنى اتهامه على مقال نشر على الإنترنت، وأنه "لم يتم بيع أي برميل نفط إلى الحكومة السورية من قبل "داعش" لا عن طريقي ولا عن طريق وسيط غيري.
وتابع قائلاً: "أتحدى إبراز صورة واحدة عبر الأقمار الأصطناعية لنقل النفط من "داعش" إلى مناطق سيطرة الحكومة.
فيديو قد يعجبك: