مورتن شتورم - من مقاتل في القاعدة إلى عميل مزدوج
برلين (دويتشه فيله)
ما الذي يجعل شابا دنماركيا عضوا في فرقة موسيقية يتحول إلى مقاتل شرس في صفوف تنظيم القاعدة؟ وما الذي يدفع نفس الشاب إلى مغادرة التنظيم والعمل كعميل مزدوج مع المخابرات الدانمركية والأمريكية؟ إليكم قصة مورتن شتورم.
عندما تشاهد هذا الشاب الدنماركي بلباس رياضي ولحية خفيفة وهو يقود سيارته بهدوء، لا يمكن أن تتخيل للحظة أنه كان في يوم من الأيام أحد مقاتلي تنظيم القاعدة الإرهابي. مورتن شتورم يعيش حاليا في مكان لا يريد أن يكشف عنه في شمال انجلترا، فالشاب البالغ من العمر 39 عاما مهدد بالقتل من قبل القاعدة.
"يوميا أقوم من الصباح حتى المساء بمراقبة الأشخاص والأشياء بشكل دقيق وكأنني أقوم بعملية مسح ضوئي، فهناك العديد من الأشخاص في هذا العالم يريدون قتلي" يقول شتورم في حديث مع DW . شتورم والذي كان اسمه الحركي داخل القاعدة هو مراد الدانمركي كان أحد المقربين من أنور العولقي الذي يوصف بالمهلم الروحي لتنظيم القاعدة.
شتورم، الذي بدأ في مرحلة متأخرة يطرح على نفسه تساؤلات حول عمله مع القاعدة والدين الإسلامي، ساعد الاستخبارات الدنماركية والأمريكية في الإيقاع بالعولقي بعد قصف سيارته بطائرة دون طيار في اليمن في 30 سبتمبر 2011. ويقول شتورم عن العولقي " كنت متأكدا أنه سيتم قتله من قبل الاستخبارات الأمريكية، لقد كان هذا الأمر حتميا وإلا كان المزيد من الناس سيقتلون بسببه".
خواء روحي يقود إلى التطرف
بدأت قصة شتورم في قرية صغيرة على بحر البلطيق في الدنمارك قبل حوالي عقدين من الزمن، إذ كان عضوا في فرقة لموسيقا الـ "روك آند رول"، كما كان يقبل على المعارك والسلاح والكحول. شعر شتورم أن حياته تفتقد للمعنى وأنه يشعر بخواء داخلي. في أحد الأيام وبينما كان في إحدى المكتبات المحلية، أخذ يتصفح القرآن بترجمة دنماركية، ويقول عن تلك اللحظة "لقد شدتني الصفحة الأولى وشعرت أن هذا الكتاب يحمل كل الأجوبة على الأسئلة التي كنت أطرحها عن معنى الحياة".
بعد ذلك أعلن إسلامه وبدأ يتعمق يوما بعد يوم في الدين، فالتحق بمُريدي الداعية الإسلامي السلفي عمر بكري في لندن وفاق حتى المتشددين المتطرفين في تشددهم، وفي بريطانيا كانت له أنشطة عنيفة، منها مشاركته في مظاهرة أمام السفارة الأمريكية في لندن، حيث طالب -رفقة متشددين آخرين- بإقامة دولة إسلامية، واتسمت المظاهرة بأحداث عنف.
ويقول شتورم أنه "وصل إلى مرحلة من التطرف لم يعد يقتنع فيها حتى بما يقوله عمر بكري، وكان يطمح للجهاد فانتقل إلى اليمن، حيث تعرف على أنور العولقي هناك" ويتابع "لقد تحولت هناك شيئا فشيئا إلى روبوت-إنسان آلي- إسلامي مجردٍ من الإرادة الحرة والتفكير العقلاني. عندما يتحول الإنسان إلى هذا الشكل يمكنه أن يكره حتى أسرته نفسها".
الطُعم الذي أوقع بالعولقي
بعد فترة من العمليات الإرهابية والإجرامية والتي تورط فيها شتورم بقتل جنود أمريكيين ومدنيين، أراد أن يتراجع عن القتال باسم الله، لم يعد مقتنعا بما يقوم به، وأراد العودة إلى الدنمارك ليعيش حياة عادية. فاتصل بالمخابرات الدنماركية والأمريكية وعرض عليهم خدماته للإيقاع بالعولقي.
كان شتورم من القليلين جدا الذين يعرفون نقطة ضعفه، وهي حبه للنساء "لقد كان ضعيفا أمام الشقروات وخاصة المنحدرات من أوروبا الشرقية". شابة كرواتية شقراء ادّعت اعتناقها للإسلام وارتداء النقاب، كانت الطعم الذي اقتنص العولقي. حيث تواصلت معه من خلال أحد الفيديوهات التي أرسلتها له، في حين أنها كانت تابعة لجهاز الاستخبارات الدنماركية والأمريكية.
عندما يصبح الإعلام حارسا شخصيا
بعد مقتل العولقي تحدثت الاستخبارات الدنماركية عن إنجاز شخصي، دون الإشارة إلى دور شتورم، كما رفضت أن تدلي بأي تصريح لدويتشه فيله حول الموضوع. أما تنظيم القاعدة فقد أرسل له فيديو -من المفترض أنه صُور في سوريا- يُظهر صور العديد من الشخصيات الدنماركية وهي معلقة على صخرة، ثم يقوم مقاتلون بإطلاق النار عليها. وهو ما يرمز إلى رغبة التنظيم في قتله.
وبالرغم من تهديدات القتل التي تلقاها، فإن شتورم لا يحظى بأي حراسة من الشرطة بل ويشعر أنه قد تم التخلي عنه "حمايتي الوحيدة، هي الإعلام والرأي العام" ولهذا الغرض أصدر شتورم في سنة 2014 كتابا يروي فيه قصته بعنوان "العميل شتورم، حياتي داخل القاعدة والسي آي إي". إذ يعتقد أن تسليط الأضواء الإعلامية عليه قد يكون نوعا من الضمانة له بألا يصاب بمكروه من بعض الجهات.
فيديو قد يعجبك: