إعلان

بولندية تبحث عن عائلة سورية لرد جميل عمره 16 سنة (حوار)

10:44 ص الأحد 03 يناير 2016

كتبت - سارة عرفة وهدى الشيمي:

قبل بدء الألفية الجديدة بعام، قامت فتاة بولندية، بجولة عبر الشرق الأوسط الذي خط حدوده الإنجليزي مستر سايكس والفرنسي مسيو بيكو، اخذتها من تركيا، قلب الإمبراطورية العثمانية، وقلب أوروبا المريض في بدايات القرن الماضي، إلى سوريا الممزقة بعد حرب استمرت نحو خمس سنوات، ثم الأردن الواقع على خط النار في الحرب السورية من جهة، والاحتلال الاسرائيلي المنزرع كشوكة في خصر المنطقة العربية من جهة أخرى.

قضت اجاتا شيمونوفيتش، والمجموعة التي كانت برفقتهم، قرابة الأسابيع الثلاثة، وفي محطتها قبل الأخيرة في بلاد الشام حدث ما لم يكن في الحسبان؛ حيث فقدت حقيبتها الحاوية لكاميراتها، ومعها أوراقها الثبوتية عندما كانت تهم بعبور الحدود السورية مع الملكة الهاشمية الأردنية، ولم تعرف ماذا تفعل وإلى أين تتجه وإلى من تلجأ؟ لكن إحدى رفيقاها في الرحلة كانت على معرفة بأسرة سورية التقت بها، أثناء زمالتها لأحد أفراد الأسرة أثناء دراستهما للطب وقضت خلال تلك الفترة بضعة أسابيع في دمشق.اجاتا شيمونوفيتش

تمر السنون، ويجري في سوريا ما يجري وتتقطع السبل بأهلها، فيتوزعون بين دولة وأخرى، تقبلهم حكومة هذا البلد، وترفضهم أخرى، وتشغل المأساة السورية العالم، فينتفض من لديهم حس انساني، ليمدوا يد العون لسوري أو سورية فر أو فرت بحياته أو بحياتها من ويلات حرب مزقت وطنه، تفكر اجاتا، والتي تعيش في بريطانيا الآن، في طريقة تساعد بها حتى يرتاح ضميرها، تذكرت أنها ذات يوم قبل أكثر من عقد ونيف وقعت في محنة فكان هؤلاء الذين يعيشون اليوم في محنة، ملجأ لها، وأجاروها وخففوا عنها.

"كرم الضيافة"

"كانوا رائعين"، تصف أجتا العائلة والتي تعاملت معها بمنتهى الرقة، فلم تشعر ولو للحظة واحدة إنها غريبة تماما عنهم، بل شعرت من الضيافة وحفاوة الاستقبال وكأن صديق عزيز جاء لزيارتهم، ومن هنا بدأت رحلة جديدة لم تكن في الحسبان، استمرت لسبعة أيام، فقد تكون أجاتا زارت سوريا بالفعل، إلا أن التجول بداخلها برفقة أحد ابنائها كان مختلفا، وبه أكثر حميمية.

حرصت العائلة، التي رفضت أجاتا الافصاح عن أي معلومات عنهم حفاظا على أمنهم وسلامتهم، اصطحابها في جولات بالعاصمة السورية دمشق، لتشاهد المعالم السياحية العريقة التي حولت الحرب أغلبها الآن لحطام وأصبحت اطلال مهجورة، وأخذوها لتناول الطعام السوري من بُرك، ويالينجي، وكبة مشوية، وشيش البُرك والمجدرة، وطهتها معهم في المنزل أيضا، وعرفوها على اصدقائهم المقربين، لتشعر وكأنها بين أهلها، "أصبحت متشوقة لمعرفة المزيد عن التاريخ والثقافة، والإسلام في المنطقة كلها"، تقول أجاتا والتي ترى أن هذه التجربة من أهم التجارب التي مرت بها.

لم تنسَ أجاتا أبدا ما مرت به برفقة هذه العائلة، واستمر التواصل لفترة طويلة عبر البريد الإلكتروني الذي تبادلاه، حتى عرقلت مشاغل الحياة والمسئوليات المتعددة لكل منهما سبل الاتصال، خاصة وبعد تركها لبلدها بولندا والانتقال للمملكة البريطانية، "رغبت في التواصل معهم منذ فترة طويلة بعد بدء الثورة السورية ولكن لم أعرف كيف، فالبريد الالكتروني الذي احتوى على عناوينهم أُغلق منذ سنوات" تقول أجاتا، و"حاولت فتحه أكثر من مرة إلا أن كل المحاولات بائت بالفشل"، فقررت البحث عنهم على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إلا أنها لم تتذكر اسمائهم بدقة، فوجدت أن نشر صورة لهم على حسابها بالموقع سيسهل الأمر، خاصة لما يتسم به فيسبوك من سرعة التواصل والانتشار، وقد كان الأمر.

بعد يومين، فوجئت أجاتا بإعادة نشر الصورة لأكثر من أربعة ألف مرة، وخاصة بين السوريين، المتواجدين داخل بلدهم وخارجها، وفي هذا الوقت تعرفت على أشخاص يعرفون العائلة، وتمكنت من التواصل معهم، "أول شيء فعلته عندما عثرت عليهم، التأكد من إنهم سالمين وبخير، وما زال بعضهم يعيش في سوريا"، وأخبروها أنهم في هذه اللحظة ليسوا بحاجة للمساعدة.

"قصة إنسانية"

الأمر بالنسبة لأجاتا بعيد تماما عن السياسية، فهي قصة انسانية عن أشخاص اعتنوا بها عندما كانت في حاجة للمساعدة، كانوا جيدين جدا ساعدوها في العثور عليهم، إلا أنها ترى أن ما حدث لهم مأساة يمر بها الكثير من الأبرياء فقدوا حياتهم وتم تهجيرهم، "اتمنى أن تتحسن أوضاع السوريين سريعا، وأن يجدوا الأمان، وأن يستعيدوا بلدهم الجميلة مجددا".

أهم جزء في القصة هو العدد الكبير من الرسائل، مئات الرسائل، التي وصلت إليها من أشخاص في جميع أنحاء العالم أغلبهم سوريين، والتي اتسمت بالرقة والايجابية، وجهوا فيها لها شكر لاهتمامها بتلك العائلة السورية المسلمة، في الوقت الذي يشن فيه أكبر الساسة والزعماء الأجانب حرب على الإسلام والمسلمين، "قالوا لي إن قصتي منحتهم الأمل، وخاصة أن مساعدة الناس للأخرين بدون انتظار مقابل أصبح نادرا هذه الأيام".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان