إعلان

"تركيا ضد قيام كيان كردي وتسوق نفسها كمدافعة عن السنة العرب"

04:06 م الخميس 27 أكتوبر 2016

كلما اقتربت القوات العراقية من دخول مدينة الموصل،

دويتشه فيله
كلما اقتربت القوات العراقية من دخول مدينة الموصل، تزداد مطالبة تركيا بمشاركة قواتها في المعركة إلحاحا. فما هي يا ترى الأهداف الكامنة وراء الإصرار التركي بشأن التواجد في الموصل والرقة وبأي ثمن؟

في آخر تصريح ناري للمسؤولين الأتراك، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه لا يعتزم خفض جهود بلاده في العراق رغم الانتقادات الدولية الموجهة لهذه المشاركة. وقال أردوغان في كلمة له الأربعاء(26 أكتوبر) "لا يمكن أن نترك إخواننا في كركوك والموصل وحدهم". وأكد أردوغان أن بلاده لن تسمح بأن "يُدفع بالعراق إلى حرب دينية".

تصريحات الزعماء الأتراك قوبلت بتصريحات نارية مماثلة من قبل قيادات النخب السياسية الحاكمة في بغداد، معلنة رفضها القاطع لأي تدخل تركي في الشأن العراقي. لكن أردوغان ومعه أركان حكمه  يكررون بأن بلادهم ستلعب في كل الأحوال دورا في أي تطور في العراق وسوريا.

بيد أن الأمر لا يقتصر بالنسبة لتركيا على تحرير الموصل والرقة وكل المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي "داعش"، بل يمتد ليشمل فرض تركيا نفسها على الواقع السياسي في هذه المناطق في الدولتين الجارتين في مرحلة ما بعد طرد الجهاديين منها، كما يبدو ذلك من تصريحات أردوغان الذي يقول: "سنحمي من الآن فصاعدا حقوق هذا الشعب ومستقبله، وذلك من خلال قتالنا، العين بالعين والسن بالسن، وإذا اقتضت الضرورة، من خلال الضرب بقبضتنا على مائدة المفاوضات".

ويبدو السؤال ملحا عن أهداف تركيا في دخولها معركتي تحرير الموصل والرقة وبهذا الإصرار والحزم، وعما إذا كانت هناك أهداف أخرى غير معلنة تقف وراء ذلك!.

عن ذلك سألت DW عربية المحلل السياسي سمير صالحه والذي أجاب بالقول:"هناك أكثر من نقطة تتعلق أولا ليس فقط بالمشهد العراقي، بل تتعلق أيضا بالمشهد الإقليمي المرتبط بالعراق وسوريا، وهي أمور تتعلق بالتوازنات الإقليمية الجديدة، التي يشعر الأتراك بأن هناك محاولة لرسمها بشكل جديد  على حساب مصالح أنقرة وموقعها ودورها في المنطقة".

والنقطة الثانية، حسب رأي صالحه، التي تقلق الأتراك تتمثل في أن هذا "المشروع قد يندرج في إطار تفاهم أمريكي ـ إيراني بشكل مباشر، تحديدا في التعامل مع الملف العراقي". أما النقطة الثالثة المهمة في هذا المنظور تتعلق بقلق تركيا من يتم "استغلال معركة الموصل من قبل بعض الأطراف، ليجيرها لصالح تغيير عرقي وإثني ومذهبي في ثاني كبريات مدن العراق".

لكن المتحدث يشير أيضا إلى أن هناك قضية مهمة ويمكن اعتبارها أساسية وهي أن تركيا لا يمكن لها أن تقف متفرجة إزاء "تسليم أمور العراق لبعض اللاعبين الإقليميين"، والمقصود هنا تسليم مصير العراق بيد إيران، ومحاولة رسم خارطة سياسية ودستورية في هذا البلد. كل هذه المسائل تقلق تركيا وتدفعها للمشاركة في معركة الموصل والرقة كي تبقى في دائرة التأثير في الشأن العراقي والسوري لاحقا، حسب تحليل الدكتور سمير صالحه.

تركيا تعمل كل ما وسعها للحفاظ على الخارطة السياسية في المنطقة التي وضعت بعد الحرب العالمية الأولى وتحاول منع أي محاولة لتغيير هذه الخارطة، هذا يمكن أن يُفهم من تهديد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بالتدخل واتخاذ إجراءات حاسمة، لم يحدد طبيعتها، في حال تم تغيير المعالم العرقية والمذهبية لمدينة تلعفر العراقية التي يقطنها غالبية تركمانية، بينهم الكثير من أتباع المذهب الشيعي.   

1
 
التنافس التركي الإيراني يخدم الأكراد
في شأن الملف السوري، هناك مساران متباينان ومتوازيان، والأمر يتعلق هنا بالمشهد الكردي في شمال العراق والآخر بالمشهد الكردي في شمال سوريا. وإذا انتهجت أنقرة نفس النهج المعتمد بشأن أكراد العراق في سوريا لنجحت إلى حد ما في ذلك، ولكن ذلك يعتمد على عامل الوقت والتحالفات الجديدة مع روسيا، حسب رأي صالحه.

ومن هذا المنطلق تنظر أنقرة بعين الريبة للمحاولات التي تجري بين الحين والآخر والهادفة إلى إبعاد رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني وحزبه عن السلطة بحجة أن معظم الأحزاب السياسية الكردية في شمال العراق ترفض التعاون القائم بين سلطات أربيل وتركيا. صالحه يشير إلى أن إيران تلعب دورا حاسما في قلب التحالفات القائمة بين قيادة إقليم كردستان العراق والدولة التركية.

ويؤكد الخبير السياسي صالحه أن الأكراد عموما يقرؤون الخارطة السياسية الحالية على أنه هناك تحولات حقيقية على الأرض في الجغرافيا على ضوء حجم التطورات السياسية والعسكرية التي جرت وتجري في المنطقة ولابد من الاستفادة منها، حالهم في ذلك كحال اللاعبين الآخرين الذين يعملون بكل ما في وسعهم من أجل توظيف المستجدات في خدمة مصالحهم الخاصة.

من هنا يمكن القول إن الصراع القائم بين طهران وأنقرة يصب في مصلحة القضية الكردية في كل من العراق وسوريا. وخير دليل على ذلك هو وضع مدينة كركوك العراقية التي باتت اليوم وفي خضم الصراع الجاري في المنطقة تحت سيطرة الأكراد بالتعاون مع أنقرة، مع العلم أن الدستور العراقي وضع آليات لحل مشكلة كركوك المعروفة بتعدد القوميات القاطنة فيها، لم يتم الالتزام بها لحد الآن، حسب رأي الخبير سمير صالحه.

غياب الدور الأوروبي وضعف موقف واشنطن
ولكن كيف يمكن لتركيا أن تلعب دورا في رسم سياسة المنطقة حاليا وفي المستقبل دون العودة إلى الشركاء الغربيين، أبرزهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؟ وما هو دور الشركاء الغربيين من الطموحات التركية أو الحراك التركي في هذا السياق؟

عن ذلك يقول الخبير سمير صالحة "طبعا لا تجد الطموحات التركية وأجندتها الإقليمية قبولا من قبل الشركاء الغربيين لأنقرة، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة". في هذا السياق يقول المحلل السياسي صالحه إن "الموقف الأوروبي يحمل الكثير من الغرابة بين طياته، فهناك انعدام كلي لأي إستراتيجية أوروبية على الأرض، ونجد اللاعبين الفرنسي والبريطاني يقولان ما يريدان بكل وضوح، فيما نلاحظ غيابا تاما لموقف الاتحاد الأوروبي عن كل هذا الحراك في المنطقة".

ولا يخفي الأتراك امتعاضهم من محاولات التنسيق الأمريكي الإيراني المفترضة بشأن حراك المنطقة. وحسب رأي صالحه، فان واشنطن تلتزم الصمت إزاء التواجد العسكري الإيراني الكبير في العراق ولكنها تتفق مع بغداد في موقفها الرافض للتواجد التركي في بعشيقة القريبة من الموصل.

ويعتقد خبراء بأن العلاقات المتقلبة بين تركيا والإتحاد الأوروبي، في خضم أزمة اللاجئين وملف الأكراد والأحداث التي أعقبت محاولة الإنقلاب الفاشلة في تركيا والانتقادات الموجهة لأنقرة بانتهاكات حقوق الإنسان ودعم جماعات إسلامية متشددة في المنطقة، هذه القضايا جعلت العواصم الأوروبية حذرة ولا تساير مناورات اللاعب التركي بالمنطقة.

من جانبه يعتقد الخبير بشؤون الأوروبية الدكتور علي العبسي في حديثه مع DW عربية أن تركيا في حراكها الحالي "تدافع عن مصالحها القومية أولا في العراق، وهذا شيء أكيد. وتركيا تسوق نفسها في هذا السياق كقوة حافظة للأمن وكقوة إقليمية قادرة على فرض إرادتها على الغير".

ويشير الخبير العبسي إلى أن أوروبا لها مشاكل سابقة وخبرة سيئة مع الدور التركي بشكل عام، أي لدى أوروبا والغرب ملاحظات على تركيا بشكل عام وذلك سواء تعلق الأمر بالشأن التركي الداخلي أو تعلق الأمر بالشأن الكردي في سوريا والعراق. واليوم على سبيل المثال احتجت وزيرة الدفاع الألمانية على الدور التركي في العراق. ونفس الشيء يقال عن الموقف الأمريكي مع الاختلاف في أن واشنطن لا تعبر عن موقفها بشكل واضح بخصوص تطورات الأوضاع في تركيا ودورها في الدول المجاورة، كما تفعل ذلك بعض الدول الأوروبية. ويبدو أن ذلك يتعلق بعضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي.

لكن الخبير الأوروبي العبسي يشير من جانبه أيضا إلى غياب سياسة أوروبية موحدة تجاه تركيا، فهناك سياسات متعددة لا تعكس بأي شكل من الأشكال موقفا أوروبيا موحدا يتسم بالصرامة بهذا الخصوص. "فهناك من ينتقد تركيا بصوت عال جدا، مثل فرنسا، وهناك من ينتقدها بصوت خافت، مثل ألمانيا".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان