قشة "حلب" عمّقت الخلاف السعودي المصري وأظهرته للعلن
كتب- محمد قاسم ومحمود أحمد:
على مدى نحو عامين، ومنذ تولي الملك سمان بن عبد العزيز، حكم السعودية، مرت العلاقات المصرية السعودية بمحطات خلافية تخللتها محطات توافقية، لكن الأزمة السورية شكلت ذروة الخلاف بين القاهرة والرياض خلال المرحلة الأخيرة.
في 8 أكتوبر الماضي، أخرجت الأزمة السورية وخاصة الأوضاع في "حلب"، الخلاف المصري السعودي إلى العلن وسط حضور دولي واسع، نتيجة تصويت القاهرة لصالح مشروع قرار روسي حول التهدئة في سوريا بمجلس الأمن.
انتقدت السعودية علنًا وصراحة السياسة المصرية على خلفية أزمة "حلب"، وصرح مندوب المملكة بمجلس الأمن، عبد الله المعلمي في مقابلة تلفزيونية بعد عملية التصويت: "كان من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى التوافق العربي من موقف المندوب العربي (المصري)".
يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق، أن روسيا غيرت معادلات القوى في سوريا، وأفشلت المساعي السعودية لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، فاتخذت من التصويت المصري حجة أو "شمّاعة" لتبرير فشل سياستها في الأزمة السورية.
"صادق" أوضح أن مصر اتخذت موقف الحياد من بداية الأزمة السورية، وإن مال هذا الحياد قليلًا وقت رئاسة الرئيس الأسبق "المعزول" محمد مرسي، وبعد تدخل روسيا في الأزمة، سبتمبر 2015، ودعمها بشار الأسد وقلبت الكفة لصالحه بعد عام من تدخلها. وبالتالي خسرت السعودية رهانها على رحيل الأسد.
وأضاف: "في الجانب الآخر نجد أن تصويت مصر لصالح المشروع الروسي من صالح مواقفها لناحيتين أنها حليفة لروسيا كما أنها لا تؤيد رحيل الأسد وفق هوى السعودية".
لكن بوادر الخلاف تعود لأزمات أخرى قبل ذلك بينها الأزمة اليمنية، وجزيرتي تيران وصنافير، ومؤتمر "أهل السنة" في الشيشان، وفق صادق، وقال: "اعتقد أن الخلاف بين الدولتين يعود إلى تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد ووزارة الدفاع، وقيادته لعاصفة الحزم على اليمن، وظهوره في صدر الأزمات الرئيسية والتي مثلت جوهر الخلافات بين الرياض والقاهرة".
وإثر تولي الملك سلمان بن عبد العزيز، عرش المملكة، صدر في 23 يناير 2015 أمر ملكي بتعيين نجله وزيراً للدفاع، كما صدر أمرا ملكي بتعيينه رئيساً للديوان الملكي ومستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير.
وفي مارس العام الماضي، أطلقت السعودية، "عاصفة الحزم" تجاه الحوثيين وأنصار الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح باليمن، وأيدت مصر الحملة العسكرية السعودية واشتركت بقوات بحرية في العملية السعوديةـ لكن السعودية كانت تتوقع مشاركة بقوات برية كبيرة في العملية وهو ما رفضته مصر.
ويقول صادق: "إن الأمير السعودي الذي يعد أصغر وزير دفاع بالمنطقة العربية نظر بندية إلى السيسي، وزير الدفاع السابق المحنك عسكريًا، ولم يستمع لنصيحته بعدم التدخل عسكريًا في حرب باليمن، وعدم حسم المعركة اثبت صواب نظرة السيسي".
وبعد يومين من التصويت المصري لروسيا، أعلن المتحدث باسم وزارة البترول حمدي عبد العزيز، أن "شركة أرامكو السعودية أبلغت الهيئة العامة للبترول شفهيا مطلع الشهر الجاري بوقف إمدادات البترول لشهر أكتوبر دون إبداء أي أسباب"، ورأى مراقبون حينها أسبابًا سياسية خلف وقف إمداد الغاز.
وبحثت مصر عن بدائل بعد القرار السعودي، حيث زار طارق الملاّ، وزير البترول الأردن، ثم توجه مباشرة إلى العراق، لتعزيز سبل التعاون في مجال الصناعات النفطيّة والتصدير والغاز. وبادرت إيران بالإعلان عن رغبتها واستعدادها الكامل في توريد الشحنات البتروليّة التي تحتاج إليها مصر، تعويضاَ عن البترول السعودي.
في 17 ديسمبر، زار مستشار العاهل السعودى بالديوان الملكى أحمد الخطيب، سد النهضة الإثيوبى، للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة ودعم استثمارات المملكة هناك. عدّها مراقبون أيضًا إشارة من الرياض للقاهرة.
"تايم لاين"
- 26 مارس 2015: شهد ملف اليمن، صراع مصري سوري على الرغم من تأييد القاهرة للحملة العسكرية التي قادتها السعودية باسم "عاصفة الحزم"، في مواجهة الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح لدى انطلاقها، لكن الخطوات الفعلية، التي اتخذتها المؤسسة العسكرية المصرية، كانت أقل مما توقعته السعودية، وكانت المشاركة المصرية محدودة للغاية، ودفعت بأطراف سعودية لتحميل مصر سبب طول أمد الحرب في اليمن.
- 21 يونيو 2016: القضاء الإداري (في حكم درجة أولى) يقضي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، وهو ما أثار رفض سعودي خاصة بأن القرار يرفض تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة ويقر بمصريتهما، وهي تلك الأزمة التي أصبحت محل جدل حينئذ حتى الآن بين الدولتين.
- 27 أغسطس 2016: في توصيات مؤتمر "جروزني" بالشيشان، تلقت مصر سيلا من الانتقادات خاصة مع تأييد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والوفد المصري لتوصيات المؤتمر التي استثنت الوهابيين وعلماء السعودية، مع خلو وصف "أهل الحديث" من السلفيين. وعلق الكاتب السعودي محمد آل الشيخ، على صفحته بـ"تويتر" بقوله: "مشاركة شيخ الأزهر بمؤتمر جروزني الذي أقصى المملكة من مسمى أهل السنة يحتم علينا تغيير تعاملنا مع مصر فوطننا أهم ولتذهب مصر السيسي".
- 9 أكتوبر 2016: تصويت مصر على مشروع القرار الروسي بمجلس الأمن بشأن انسحاب المسلحين التابعين لـ"جبهة النصرة" من شرق حلب لإنهاء القتال، ووقف أى دعم للجماعات الإرهابية فى سوريا، وهو ما أثار موجة انتقادات من السعودية وقطر ضد القاهرة.
- 28 أكتوبر 2016: تصريحات أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، السعودي إياد مدني، عن ثلاجة الرئيس عبدالفتاح السيسي، والتي أثارت ضجة على مواقع التواصل الاجتماع، وظهرت مطالبات دبلوماسية بإقالته، باعتبار أن ذلك إهانة سعودية لمصر ونظامها، وانتشرت بعدها وسم #لا لإهانة السعودية للسيسي".
- 7 نوفمبر 2016: إعلان وزير البترول المصري طارق الملا، أن شركة أرامكو الحكومية السعودية -أكبر شركة نفط في العالم- أبلغت الهيئة المصرية العامة للبترول بالتوقف عن إمدادها بالمواد النفطية "لحين إشعار آخر"، وهو ما اعتبره إعلاميون وسياسيون مصريون عقاب سعودي لمصر بسبب مواقفها الأخيرة، وأثار جدًا واسعًا.
- 17 ديسمبر 2016: زيارة مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكى أحمد الخطيب، لسد النهضة الإثيوبي، للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصدر إثيوبى أن الوفد السعودي زار فى اليوم نفسه سد النهضة وكان فى استقباله مدير المشروع، وهو ما رفضه إعلاميون مصريون مقربون من السلطة، بسبب الأزمة الموجودة بشأن السد مع مصر.
فيديو قد يعجبك: