الناشطة ألِس شفارتزر: "ليس المسلمون بل الإسلامويين هم الجناة في كولونيا"
برلين (دويتشه فيله)
في كتابها المعنون "الصدمة" اعتبرت الحقوقية النسائية ألِس شفارتسر أن الاعتداءات الجنسية التي حصلت ليلة رأس السنة في كولونيا تكشف عن رغبة الرجل في إظهار سلطته على المرأة وهي اعتداءات مارسها اسلامويون. DW حاورتها حول الكتاب.
DW: السيدة شفارتسر! عنوان كتابك الأخير هو " الصدمة"، إلى أي مدى كانت أحداث ليلة رأس السنة صدمة، بالنسبة لك؟
ألِس شفارتسر: إن ما حدث في ليلة رأس السنة في كولونيا لم يكن صدمة بالنسبة لي فحسب، بل إنها نقطة تحول على الصعيد العالمي. فلأول مرة منذ نهاية الحرب كان النساء في وسط أوروبا ضحايا لاعتداء جنسي منظم بشكل كبير. لقد قدمت 627 امرأة شكاوى بهذا الشأن حتى الآن. على مدى ساعات طويلة كانت ساحة محطة القطار في كولونيا مسرحا لخرق حقوق النساء. ولم تتدخل الشرطة. ولا يتعلق الأمر بالتعدي من جانب بعض الأشخاص فقط.
بدأت كتابك بوصف ما حدث ليلة رأس السنة وبما قاله شهود من أفراد أسرة فوسن، حيث قام رجال في الازدحام بلمس الأم وبنتها جسديا وبشكل عنيف. وعندما قلت بأن "أولئك الرجال من شمال إفريقيا ومن بلدان عربية" تم توجيه السب والشتم لك وقيل إنك عنصرية.
نعم ، كذلك كان الأمر بالنسبة للضحايا أيضا وما حدث لهم. لقد كانت هناك محاولة تجاهل لتلك الأحداث المرعبة. فقد تم توجيه أوامر من طرف القيادات إلى الشرطة باستبعاد كلمة "الاغتصاب" عن التقارير الخاصة بأحداث ليلة رأس السنة. ولم تتكشف الحقيقة إلا رويدا رويدا بعد أيام، كانت هناك إرادة سياسية خلف استراتيجية طمس الحقيقة، لم يشأ البعض الإقرار بالحقيقة.
يوم الجمعة (6 مايو 2016) حكمت محكمة كولونيا الابتدائية على رجل في السادسة والعشرين من العمر بالسجن لستة أشهر مع وقف التنفيذ، ولكن ليس بسبب التعدي الجنسي بل بسبب جنحة السرقة وتلقي بضاعة مسروقة. هل صدمك ذلك؟
لم يفاجئني ذلك. لقد استبعدت في كتابي أن تتم المحاكمة بهذا الشأن، حيث كان هناك آلاف الجناة الذين أحاطوا على شكل جماعات صغيرة بالنساء وأساءوا إليهن، ثم تواروا في الزحام. لم يتمكن الضحايا إذن من معرفة الجناة.
وصفت في كتابك الرجال الذين قاموا بتلك الأفعال ليلة رأس السنة بأنهم " إسلامويون". كيف توصلت إلى هذه النتيجة؟
ليس الأمر صعبا. أنا أفرق بين المسلمين والاسلامويين، رغم وجود ترابط. المسلم يؤمن بالإسلام وبالثقافة الإسلامية. الإسلاموي هو أيضا مسلم والشريعة بالنسبة له أكثر أهمية من دولة القانون، كما يرى أن المرأة أقل درجة من الرجل. الإسلام هو عقيدة والاسلاموية هي استراتيجية سياسية.
عند المقارنة نرى أن ما حدث في كولونيا في تلك الليلة يشبه إلى حد كبير ما حدث في ميدان التحرير في القاهرة. هل ثمة مقارنة بهذا الشأن؟
من الواضح أن هناك تشابها مع ما حدث في القاهرة أو في تونس والجزائر. هناك تشابهٌ في كيفية سير الأحداث، حيث إن مجموعة من الشباب تحيط بالنساء ويجري الاعتداء جنسيا عليهن، ثم يهرب الرجال سريعا إلى مكان آخر. ولا يتعلق الأمر أساسا بالفعل الجنسي بل بالرغبة في إبراز سلطة الرجل، حتى تخاف النسوة و تبتعد عن المحلات العمومية.
ما الفرق بين الاعتداءات التي يمارسها رجال مسلمون بتلك التي يقوم بها رجال ألمان ضد النساء؟
بالتأكيد، الاعتداءات الجنسية على المرأة تأتي من قبل الألمان أيضا هو مشكل بنيوي داخل المجتمع ولا يقتصر على بعض الأشخاص فقط. ومنذ 40 عاما تكافح المدافعات عن حقوق النساء ضد ذلك، وأنا منهن. وقد نجحنا جزئيا في ذلك. ولكن أن ينطلق التعدي الجنسي من مئات أو آلاف الأشخاص دون أن يتحرك الناس لمواجهة ذلك فإن هذا أمر لم يحدث في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وله أبعاد جديدة.
قلت في كتابك أنه "حدثت فوضى بالقرب من أوروبا في سوريا أو في ليبيا وأن ذلك قد يصل سريعا إلى العمق الأوروبي" ألا تعتقدين أن مثل هذه الأقوال تخيف الناس و تدفع بهم باتجاه الأحزاب اليمينية؟
سيكون من غير المعقول الحديث عن الأشياء بشكل إيجابي فقط، وإلا فسنصبح عرضة لتفوق تلك المشاكل علينا. الفوضى القائمة بالقرب من أوروبا لا علاقة لها بالإسلام كعقيدة، بل تعود فقط إلى الإسلام السياسي الذي ازداد تناميه منذ 1979 عبر العالم منذ وصول الخميني إلى الحكم في إيران. وقد وارتفعت وتيرة هذا التوجه بعد أعمال القصف الحمقاء التي شهدها العراق وأفغانستان وليبيا.
من جهة تتحاشى النساء القول إنّ الجناة من "خلفية عربية" ومن جهة أخرى فإن هؤلاء هم أيضا عرضة لأعمال عنصرية وعدائية في المجتمع. كيف نشرح ذلك؟
نعم ! ولذلك فإنه يجب علينا أن نؤكد دائما أن جناة ليلة رأس السنة لم يكونوا "مسلمين" أو "عرب". الجناة هم من فصيلة خاصة وهي فصيلة " الاسلامويين". ولذلك يجب وقفهم عن حدهم.
حسب رأيك، ما المطلوب تغييره في موضوع التعامل مع الشباب المسلم ورجالهم في ألمانيا ؟
من جهة يجب أن نكون حذرين وأن ننتبه في تعاملاتنا، حيث يجب على الذين يعيشون بيننا أن يحترموا الديمقراطية ودولة القانون والمساواة بين الجنسين والحرية الدينية. ومن يرفض ذلك فلا مكان له بيننا. كما يجب من جهة أخرى أن نعمل على ايصال ذلك بوضوح وفي أسرع وقت إلى الذين لم يفهموه بعد.
ألِس شفارتسر مدافعة عن حقوق النساء في ألمانيا منذ أكثر من 40 عاما وناشرة المجلة النسوية Emma. ويضم كتاب " الصدمة" ألذي أصدرته مؤخرا مشاركات عدد من الكتاب في مواضيع ارتبطت خصوصا بأحداث ليلة رأس السنة بساحة الدوم في مدينة كولونيا.
فيديو قد يعجبك: