إعلان

الحبيب بورقيبة يُبعث من جديد في قلب تونس

07:33 م الأربعاء 25 مايو 2016

تمثال رئيس الجمهورية التونسية الراحل الحبيب بورقيب

القاهرة - (أ ش أ):

بعد نفيه نحو 28 عامًا خارج العاصمة تونس، يعود تمثال رئيس الجمهورية التونسية الراحل الحبيب بورقيبة لمكانه الطبيعي، في إطار الاحتفالات بالذكرى الـ60 للاستقلال، وبعد ثورة 14 يناير التي أزاحت الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ونفته خارج البلاد.

وفي هذا الإطار، أكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة في تونس معز السيناوي أن تمثال الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة سيعود إلى الشارع الذي يحمل اسمه، بطلب شخصي من الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي، وسيتم نصبه في 20 مارس القادم.

وكانت "الجمعية الوطنية للمحافظة على الإرث البورقيبي" أول من بادر بطلب إعادة التمثال لقلب العاصمة عام 2005، بعد أن نقله بن علي للضاحية الشمالية لتونس، ووضعه بمدخل مدينة حلق الوادي، لكن قوبل طلبهم بالرفض، وبعد الثورة تلقت الجمعية وعدًا من الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي بإعادة التمثال لمكانه الطبيعي.

ويرجع تاريخ نحت هذا التمثال لسنة 1982، بطلب شخصي من الحبيب بورقيبة، حيث قام بنحته الرسام التونسي زبير التركي.

ويؤكد الباحثون أن هذا التمثال يؤرخ لحقبة تاريخية مهمة، وهي تاريخ عيد النصر في الأول من يونيو 1955، حيث عاد بورقيبة من فرنسا "منتصرًا" بعد نجاح المفاوضات حول الاستقلال ومنح السيادة الداخلية لتونس، واعتلى بورقيبة صهوة حصانه في العاصمة ملوّحاً بيده للجماهير العريضة التي استقبلته، وأن عوده هذا التمثال في مكان ساعة "7 نوفمبر" هو إنصاف لتاريخ بورقيبة ولنضاله، الذي حاول بن علي تهميشه ومحوه من الذاكرة التونسية، مشددين على أن التمثال كان يمثل مصدر إزعاج لبن علي.

وأثار قرار الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، بإعادة تمثال الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إلى مكانه بشارع الحبيب بورقيبة في تونس العاصمة جدلاً واسعاً، حيث اعتبر ناشطون وسياسيون على مواقع التواصل الاجتماعي أن هذا القرار نفي للثورة ومحاولة لمحو فترة مضت، بما فيها من إيجابيات وسلبيات، واستغربوا من مجرّد التفكير في مثل هذا القرار، وما تعاني منه تونس من هجمات إرهابية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وأكد الرئيس السبسي، في رد منه على هذا الجدل، أنه ملتزم بإعادة التمثال إلى مكانه، وأنّ عددًا من المقاومين (المناضلين خلال فترة الاستعمار الفرنسي) ذكّروه أخيرًا بالتزامه، مشددا على أنّ القرار "تمّ اتخاذه بموافقة رئيس الحكومة، وأن إعادته لمكانه ليست الغاية منها تمجيد شخص الرئيس بورقبية، ولكن التذكير باستقلال تونس من الاحتلال الفرنسي، بعد أن كان هذا الشارع باسم الوزير الفرنسي في تلك الفترة جول فيري، حيث وُضع فيه تمثال له.

ويرى بعض المحللون أنّ غالبية التونسيين يكنّون كلّ التقدير للزعيم الحبيب بورقيبة، الذي له إيجابيات، كاهتمامه بالتعليم، كما أنّه له العديد من السلبيات، ولكنهم يتساءلون عن الفائدة التي ترجى من وراء إعادة نصب تمثاله في شارع بورقيبة، بتونس العاصمة.

ويعتبر الرئيس السابق بورقيبة شخصية مميزة في تاريخ تونس الحديثة، حيث يوصف غالبًا بكونه "أبا الاستقلال وصانع الدولة الحديثة".

لم يكن بورقيبة من صنف السياسيين الذين يستغلون السلطة من أجل الثورة، لقد منع على نفسه وعلى ابنه الوحيد الاقتراب من أملاك الدولة، وهو ما جعله قريبًا من الشعب رغم استبداده، فقد كان يعيش فقط من أجل الحكم.

حصل بورقيبة على ألقاب عديدة، منها "الزعيم" و"المجاهد الأكبر" و"صانع الأمة"، وكان "أكثر من رئيس وأكبر من عاهل بكثير"، حيث جمع بين يديه دفعة واحدة سلطات الباي والمقيم العام الفرنسي.

لم يكن بورقيبة دمويًّا على طريقة الأنظمة العسكرية والفاشية، لكنه قرر إعدام العديد من معارضيه ببرودة شديدة، حدث ذلك مع "اليوسفيين" في مطلع الاستقلال، وعندما تدخل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الراحل ياسر عرفات طالبًا تخفيف العقوبة على الشبان الذين قادوا عملية "قفصة" الشهيرة، أصدر بورقيبة أوامره في اليوم التالي بتنفيذ حكم الإعدام على 16 منهم.

قام زين العابدين بن علي يوم 7 نوفمبر 1987 بإزاحة بورقيبة من الحكم، كما تم حجب أخبار بورقيبة عن وسائل الإعلام، وتم تسريب رسالة لبورقيبة بتاريخ 2 فبراير 1990 وجهها إلى ممثل النيابة العامة بمحافظة المنستير يشكو فيها ظروف إقامته وعزله في قصره بالمنستير وحرمانه من التنقل والخروج منه بدون موجب قانوني، وذكرت تقارير أن بورقيبة حاول الانتحار مرارًا في مقر إقامته بعد أن أخضعه بن علي للإقامة الجبرية.

وًلد بورقيبه في حي الطرابلسية بمدينة المنستير الساحلية، من عائلة من الطبقة المتوسطة ( والده ضابط متقاعد في حرس الباي)، وكان أصغر ثمانية إخوة وأخوات، تلقـّى تعليمه الثانوي بالمعهد الصادقي، ثم معهد كارنو بتونس، وبعد ذلك توجه إلى باريس عام 1924 بعد حصوله على الباكالوريا، والتحلق بكلية الحقوق والعلوم السياسية، وحصل على الإجازة في سنة 1927، وعاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة.

انضم بورقيبة إلى الحزب الحر الدستوري عام 1933، واستقال منه في نفس السنة، ليؤسس في 2 مارس 1943 بقصر هلال الحزب الحر الدستوري الجديد، رافقه محمود الماطري والطاهر صفر والبحري قيقة.

تم اعتقاله يوم 3 سبتمبر 1934 لنشاطه النضالي ونفي إلى أقصى الجنوب التونسي ولم يفرج عنه إلا في مايو 1936، ثم سافر إلى فرنسا، وبعد سُقوط حكومة الجبهة الشعبية فيها اعتقل في 10 إبريل من العام 1938 إثر تظاهرة شعبية قمعتها الشرطة الفرنسية بوحشية في 8 و9 أبريل 1938، ونُقل بورقيبة إلى مرسيليا، وبقي فيها حتى 10 ديسمبر 1942، عندما نقل إلى سجن في ليون، ثم إلى حصن "سان نيكولا"، حيث اكتشفته القوات الألمانية التي غزت فرنسا، فنقلته إلى نيس، ثم إلى روما، ومن هناك أعيد إلى تونس حرًا طليقًا في 7 أبريل 1943.

وقد سافر من جديد إلى فرنسا عام 1950 ليُقدم مشروع إصلاحات للحكومة الفرنسية قبل أن يتنقل بين عدة دول منها القاهرة وبريطانيا والولايات المتحدة والمغرب قبل أن يرجع إلى تونس في عام 1952، معلنا انعدام ثقة التونسيين بفرنسا، ولما اندلعت الثورة المسلحة التونسية عام 1952، اُعتقل الزعيم الحبيب بورقيبة وزملاؤه في الحزب، وتنقل بين السجون في تونس وفرنسا، ثم شرعت فرنسا في التفاوض معه، فعاد إلى تونس عام 1955، ليستقبله الشعب استقبال الأبطال ويتمكن من تحريك الجماهير، لتوقع فرنسا في 1955 المعاهدة التي تمنح تونس استقلالها الداخلي.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان