"أزمة القمح": التموين والزراعة يتبادلان الاتهامات.. والفلاح يدفع الثمن
كتب- محمد قاسم:
وسط تصاعد أزمة توريد القمح، ومشكلة تسريب القمح المستورد مع المحلي، والتي لا يدفع ثمنها سوى الفلاح، في وقت تبادل ممثلي الحكومة من وزارت التموين والزراعة الإتهامات، في افتعال الأزمة، بسبب الاجراءات المقيدة للمزارعين.
يرصد "مصراوي" في السطور القادمة، أزمة القمح -التي لم تنته بعد- رغم الحاجة الماسة لتقنين وتحسين إنتاج القمح المحلي، وفق الخبراء، في ظل احتلال مصر أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم، حيث تستورد 11 مليون طن سنويًا من 14 دولة؛ لسد العجز الهائل في الإنتاج المحلي، الذي يقدر بنحو 70 %.
في 15 أبريل الماضي، أعلنت الحكومة البدء في استلام القمح، ممثلة في وزارت الزراعة والتموين والمالية، مع ضوابط استلام وتخزين، وحددت سعر شراء القمح المنتج محليًا بمبلغ 420 جنيه للأردب، الذي تبلغ درجة نظافته 23.5 قيراط، و415 جنيه للأردب الذي تبلغ درجة نظافته 23 قيراط، ومبلغ 410 جنيه للأردب الذي تبلغ درجة نظافته 22.5 قيراط، على أن تكون جميع الأصناف المنتجة محليًا خالية من أي إصابات حشرية، أو شوائب طبقًا للقرار الوزاري رقم 64 لسنة 2016.
ويتولى بنك التنمية والإئتمان الزراعي، والجمعيات التعاونية الزراعية التابعة للوزارة، وشركات المطاحن التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، والشركة العامة للصوامع والتخزين، عملية تسويق القمح، بحيث تتولى تلك الجهات عمليات استلام القمح من الموردين بالشون المطورة والبناكر والهناجر والصوامع المستوفاه للشروط والمواصفات التي اعتمدتها وزارة التموين، بحيث يتم تسليمها لشركات المطاحن.
وأعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الشون التابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعي، والهناجر والبناكر والصوامع التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، تسلمت حتى الآن مليون و200 ألف طن من الأقماح المحلية بالمحافظات المختلفة.
جذور الأزمة
تسبب قرار وزارة التموين بعدم استلام القمح من الفلاحين إلا بوجود الحيازة الزراعية، في بدء الأزمة، وعجز كثير من الفلاحين على توريد القمح للدولة، خاصة مع عدم تملكهم للأراضي وتأجيرها من المالكين الأصليين، ولم تفلح وعود وزير التموين والزراعة بحل المشكلة، ورفضت الشون بالمراكز والمحافظات استلام القمح من الفلاحين، بحسب مراقبين وتقارير إعلامية عن الأزمة.
وجاء قرار وزير الزراعة بتقييد استلام الأقماح من الفلاحين بكشوف الحصر التي أعدتها مديريات الزراعة على مستوى الجمهوية، ليضع الفلاح الذي لم تحصره كشوف المديريات في حيرة من أمره.
الزراعة تتهم
ألقى عيد حواش، المتحدث الإعلامي باسم وزارة الزراعية، اللوم على المزارعين، ووزارة التموين في افتعال أزمة القمح.
وقال حواش في تصريح خاص لـ"مصراوي"، إن الفلاح له دور في هذه الأزمة، في عدم اتباعهم تعليمات وزارة الزراعة، والضوابط التي حددتها اللجنة الوزارية، مؤكدًا أن التجار يستغلون رغبة الفلاح في عدم تحمل نقل الأقماح إلى أماكن استلامها؛ مما يجعل التاجر يستغل الموقف، ويعرض على الفلاح شراء أقماحه بسعر أغلى من السعر الحكومي.
وأضاف حواش، أن التجار بعد شرائهم القمح المحلي من الفلاح يخلطونه بالقمح المستورد، ويتم تسريبه بعد ذلك.
وعن كشوف الحصر، قال حواش إنها السبيل الوحيد لمنع اختلاط القمح المحلي بالمستورد، ومنع تدخل التجار واستغلالهم للفلاح، مؤكدًا أن الوزارة تواصلت مع المديريات الزراعية لحصر الأراضي والفلاحين غير الموجودين في كشوف الحصر، التي أعدت قبل البدء في موسم الحصاد.
أما بالنسبة لوزارة التموين، لفت حواش، إلى أن التموين استبعدت الشون الترابية لبنك الائتمان الزراعي من استلام القمح، فقلصت بذلك عدد الشون على مستوى الجمهورية، ما ساعد على بعد المسافات على المزارعين لتسليم أقماحهم، مشددًا على ضرورة تراجع الوزارة حتى يتم حل الأزمة.
وقال وزير الزراعة، إن فتح بعض الشون الترابية والتي تم إعداد حصر بها، أمر من شأنه التيسير على المزارعين، وعلاج أزمة التكدس في بعض المناطق، وهو الأمر الذي يجري حاليًا التنسيق مع وزارة التموين بشأنه؛ للقضاء نهائيًا على هذه الأزمة.
التموين تنفي مسئوليتها
ورأى محمود عبد العزيز, وكيل وزارة التموين ورئيس قطاع الرقابة بالوزراة, أن السبب وراء تلك الأزمة، هي وزارة الزراعة، لافتًا إلى أنها أقامت نوع من الحصر على الفلاحين، وهي عملية صعبة عليهم.
وأضاف -في تصريحات صحفية- أن الوزارة لابد لها أن تفك ذلك الحصر، مؤكدًا أن تلك الإجراءات كان لابد من اتخاذها منذ بداية العام.
وأشار وكيل وزارة التموين، إلى أن عملية التوريد كان لابد من التجهيز لها منذ فترة، مشيرًا إلى أن ذلك كان سيسهل الوضع على المزارعين، ولن تحدث كل تلك المشاكل التي يواجهها الفلاحين.
البرلمان يتدخل
قال هشام الشعيني، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، أن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، شكل غرفة عمليات بمركز المعلومات بمجلس الوزراء؛ لمتابعة أزمة القمح، ومسألة فتح الشون في جميع المحافظات.
وأضاف الشعيني -خلال اجتماع اللجنة اليوم- أن مستشار رئيس مجلس الوزراء طلب من اللجنة إرسال وفد منها؛ للمشاركة في غرفة العمليات سالفة الذكر، مشيرًا إلى أنه سيتوجه على رأس وفد مكون من ثلاثة نواب إلى مركز المعلومات بمجلس الوزراء؛ لمتابعة هذه الأزمة، والتدخل بشكل فوري لحلها.
وأكد الشعيني، أن هناك اهتمامًا كبيرًا من قبل الدولة بخصوص هذه المشكلة، وأنه تم تشكيل لجنة خاصة تضم أعضاء من وزارة الزراعة والتموين والرقابة الإدارية؛ من أجل الوقوف على الأسباب الفعلية لهذه الأزمة، ومحاولة إيجاد حلول لها.
المزارعون في "مصيبة"
وجه فريد واصل، نقيب الفلاحين، حديثه للحكومة، مؤكدًا أن وزير التموين، افتعل أزمة كبيرة جدًا وصفها بـ"المصيبة"؛ بسبب قرار منع استلام الأقماح من المزارعين إلا إذا كانوا يمتلكون حيازات زراعية، مؤكدًا أن هناك من استغل الموقف، ودعا الفلاحين إلى عدم زراعة القمح خلال العام المقبل.
وأوضح واصل، في تصريحات تليفزيونية، أن التجار استغلوا الفلاحين واشتروا منهم الأقماح بسعر 300 جنيه للأردب فقط، كما لم يتسلموا أموالهم من هؤلاء التجار حتى الآن.
وقال إن قرار استلام القمح بالحيازة الزراعية، جاء لمنع حالات خلط القمح المحلي بالمستورد، في حين أن الجهة الوحيدة التي تدخل الأقماح المستوردة إلى البلاد هي الدولة، وليس القطاع الخاص.
غرفة عمليات حكومية
في محاولة لتدارك الأزمة، عقد رئيس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، اجتماعًا مع وزيري الزراعة والتنمية المحلية، وممثلين عن وزارة التموين، شدد خلاله على أهمية استلام القمح من الفلاحين، وسداد مستحقاتهم فورًا، والقضاء على التكدس، عن طريق فتح جميع "الشون" بمختلف المحافظات.
وأعلن مجلس الوزراء، في بيان أمس السبت، تشكيل غرفة عمليات تضم ممثلين عن مجلس الوزراء ووزارات الزراعة والتموين والتنمية المحلية والرقابة الإدارية وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات وبنك التنمية والائتمان الزراعي؛ لمتابعة عمليات توريد القمح، والتيسير على المزارعين، والتدخل الفوري لحسم أي مشكلة.
وخصصت غرفة العمليات ثلاثة خطوط هاتفية حال وجود شكاوى فى تسليم الأقماح من المزارعين في أي موقع وبأي شونة على مستوى الجمهورية، للاتصال بها؛ للتدخل الفوري لحل مشاكلهم، وهى 01022222974، و27929292، و 27927407.
فيديو قد يعجبك: