إعلان

هل إلغاء التنسيق هو الحل لمنع التسريب؟.. خبراء التعليم يُجيبون (تقرير)

06:18 م السبت 11 يونيو 2016

هل إلغاء التنسيق هو الحل لمنع التسريب؟.. خبراء الت

تقرير- ياسمين محمد:

نظام يراه طلاب الثانوية العامة "ظالم"، يحول مسار حياتهم دون الاتجاه الذي يطمحون إليه، ويخلق منهم مسوخًا تؤدي دورًا لم يكن مكتوبًا لهم، عندما يحدد لهم مجالًا معينًا يستكملون حياتهم العلمية من خلاله، لا لشيء سوى أن المسئولين رأوا أن يجعلوا حياتهم تتوقف على درجة أو أقل، وفق حسابات لا دراية لهم على أي أساس تم وضعها.

مطالبات عديدة لطلاب الثانوية العامة، بإلغاء نظام التنسيق، والاتجاه لامتحانات القدرات كمحدد لقبولهم بالكليات التي يرغبون في الالتحاق بها؛ حيث يرون إن "التنسيق" بآليته الحالية التي تحدد درجة معينة للالتحاق بكلية محددة، ولا يستطيع الطالب الالتحاق بالكلية التي يتمناها إذا قل مجموعه بنصف درجة أو درجة كاملة عن التي حددها مكتب التنسيق، نظام لا يحمل في طياته العدالة ـ بحسب قولهم ـ.

وفي ظل ظاهرة الغش الإلكتروني التي اجتاحت امتحانات الثانوية العامة منذ نحو أربعة سنوات، زادت المطالبات بإلغاء نظام تنسيق القبول بالجامعات، حيث أصبح هناك طلابًا يحصلون على أعلى الدرجات ويلتحقون بما يُسمى بكليات القمة دون وجه حق، حتى أن صفحات الغش الإلكتروني رهنت توقفها عن نشر أسئلة وأجوبة الامتحانات بإلغاء نظام التنسيق ـ بحسب قول بعض الطلاب خلال حديثنا معهم ـ.

وفي مقابل تلك الدعوات، ظهرت أصواتًا أخرى مُحذرة من تطبيق نظام القدرات، وإلغاء التنسيق، مشيرين إلى أن الأخير آخر ما تبقى من منظومة العدالة والموضوعية في الانتقال من مرحلة التعليم الثانوي إلى التعليم الجامعي.

وفي الوقت الحالي، تشكل الحكومة بتوجيه من المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لجنة من وزارات: (التربية والتعليم، الدفاع، الداخلية، والعدل)؛ لإعادة النظر في نظام امتحانات الثانوية العامة، وسط حال من الجدل بين الإبقاء على نظام التنسيق، أو إلغاءه واللجوء لنظام القدرات عوضًا عنه.

مصراوي استعرض آراء عدد من الخبراء حول هذا السؤال: "أيهما أفضل .. التنسيق أم القدرات أم الجمع بينهما؟".

التنسيق هو جواز المرور العادل لطلاب الثانوية

تساءلت الدكتورة محبات أبو عميرة، أستاذ المناهج والعلوم التربوية بكلية البنات جامعة عين شمس والعميد الأسبق للكلية، عن المعيار الموضوعي العادل الذي يمكن أن ينتقل به الطالب من مرحلة الثانوية العامة إلى مرحلة التعليم الجامعي، إذا تم إلغاء نظام التنسيق.

ورأت أبو عميرة – خلال حديثها لمصراوي – أن نظام التنسيق هو الجواز المروري الذي يحقق العدالة دون تدخل وسائط أو محسوبية، مشيرة إلى أنه لا بد من توافر شروطًا كثيرة يجب مراعاتها إذا تم التفكير في تطبيق نظام امتحانات القدرات.

وقالت أبو عميرة، إن مصر تعاني مما يُسمى بالوساطة والمحسوبية، وفي حالة تدخل العنصر البشري في وضع وتقييم الامتحانات أو تطبيق نظام القدرات من خلال الامتحانات الشفوية، فهذا يعني غياب مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب لتوافر بيئة مواتية للوساطة.

وأوضحت أستاذ المناهج والعلوم التربوية بكلية البنات جامعة، أنه لتفادي ذلك لا بد من ميكنة الامتحانات، وهنا لا بد من الإجابة عن تلك الأسئلة: "هل الجامعات المصرية لديها القدرات التي توفر لكل طالب جهاز كمبيوتر لأداء الامتحان من خلاله، ومن سيتحمل تكلفة تلك الامتحانات وزارة التربية والتعليم، أم التعليم العالي، أم الدولة، أم الطالب؟"، معبرة عن قلقها من تحمل الطالب تلك المصروفات في النهاية.

وأكدت أستاذ المناهج والعلوم التربوية، أهمية إجراء حوارًا مجتمعيًا قبل إلغاء مكتب التنسيق وتطبيق نظام القدرات بما يحقق العدالة للجميع.

واتفق مع أبو عميرة، أيمن البيلي، الخبير التعليمي، مشيرًا إلى أنه ضد فكرة إلغاء التنسيق قائلًا: "دعونا نُبقي على معيار العدالة الوحيد للفقراء لكي يحصلوا على تعليم جامعي"، مشيرًا إلى أنه في حالة إلغاء مكتب التنسيق سيصبح أمام الفقراء إما ترك التعليم لعدم القدرة المالية بالجامعات الخاصة في ظل محسوبيات ستظهر مع تطبيق امتحانات القدرات، أو الاتجاه للتعليم الفني.

حلول بديلة عن إلغاء التنسيق

ترى الدكتورة محبات أبو عميرة، أن هناك حلولًا تُغني عن البحث عن بديل لنظام التنسيق، تتمثل في تطوير أسئلة امتحانات الثانوية العامة بحيث لا تسمح بالتسريب أو الغش، مشيرة إلى أن نوعية الأسئلة التي تتضمنها الامتحانات هى سبب الأزمة.

وأضافت أبو عميرة ـ خلال حديثها لمصراوي ـ :"يمكن الاعتماد على أسئلة الاختيار من المتعدد التي تعتمد على التفكير أكثر من الحفظ والتلقين وبهذا يتم مواجهة مشكلة تسريب الامتحانات، ويتم وضع أكثر من امتحان يتم توزيعهم على الطلاب، بحيث لا يحصل طالبين متتاليين داخل اللجنة على نفس الامتحان لمواجهة الغش".

وأوضحت أن هناك حلًا آخر يتمثل في ألا تكون الدرجة كاملة على الامتحان، بحيث يتم تقسيم الدرجة النهائية بين الأنشطة، والمشروعات، والأبحاث، ثم الامتحان، وبالتالي لا تصبح امتحانات الثانوية العامة بهذا الصخب الذي تشهده كل عام، مؤكدة أهمية اختيار المعلمين المنوط بهم وضع درجات الأبحاث والأنشطة أو ما يعرف بالـ "تقويم البنائي"، منوهة إلى أنه بهذه الطريقة سنتمكن من تحقيق أكثر من هدف، كمواجهة تسريب الامتحانات والغش الجماعي، وتدريب الطلاب على الابداع والتفكير ومواجهة المشكلات.

ومن جانبه قال البيلي، إن الحل يكمن في تغيير منظومة التعليم المصري بشكل جزري على مراحل، ووضع أساليب جديدة للامتحانات يتم تدريب الطلاب عليها من المرحلة الابتدائية، منوهًا إلى أنه لا يمكن تطبيق اختبار قدرات على طلاب الثانوية العامة، فالطلاب يتم اختبارهم فيما درسوه في الثانوية العامة، ولكن لا ينبغي عليهم أن يكون لديهم معلومات عن مجال لم يدرسوه بعد، :"في حالة اللجوء لنظام القدرات لا بد من عمل سنة تأهيلية بعد الثانوية العامة يتم اختبار الطلاب فيها بعد انتهاء العام؛ لتحديد قدرتهم على الالتحاق بالكليات".

إلغاء التنسيق "كارثة".. والاكتفاء به "ظلم"

واختلف معهما الدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية؛ حيث يرى أن مكتب التنسيق ليس معيارًا عادلًا لقبول الطلاب بالجامعات؛ حيث يقتصر فقط على المجموع، في حين أن بعض الطلاب الذين يحصلون على المجموع العالي غير مؤهلين للالتحاق بالكليات التي يصنفها مكتب التنسيق ككليات قمة.

وفي نفس الوقت رأى مغيث، أن إلغاء التنسيق يعد كارثة بكل المقاييس لما يترتب عليه من مشكلات لن تستطع الدولة مواجهتها، موضحًا أنه في حالة عدم الاحتكام لمجموع الثانوية العامة، ستزيد نسبة الغش بالامتحانات، حيث سيسعى الطلبة للنجاح بأي شكل دون المذاكرة فالمهم أن ينتهوا من مرحلة الثانوية العامة.

وأوضح الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، أن مشكلة أخرى ستترتب على إلغاء مكتب التنسيق وهى خلو المدارس من الطلاب، ومجهودات الوزارة لإعادتهم لن تفلح حينها، هذا بالإضافة إلى إشكاليات كيفية تنظيم اختبارات لـ500 ألف طالب وطالبة إلكترونيًا، والتوزيع الجغرافي، وعدد الامتحانات التي سيتم وضعها في حالة رسوب طالب في أحد اختبارات القدرات وانتقاله لاختبار آخر، :" فلا زلنا لم نجرب ولم نضع خطة لتطبيق امتحانات القدرات"، مُحذرًا المسؤولين من التفكير في إلغاء نظام التنسيق واللجوء لنظام القدرات.

وأشار مغيث خلال حديثه لـمصراوي، إلى أن الحل يكمن في دمج نظام القدرات مع نظام التنسيق، بحيث يتم تحديد شريحة من المجموع للالتحاق بكلية معينة، كأن يتم تحديد شريحة تبدأ بمجموع 95% وحتى 100% للالتحاق بكلية الطب، وبعد قبول الطلاب بالكلية يتم اختبار قدراتهم لتصفيتهم، أو تحدد الكلية كتابًا معينًا يدرسه الطلاب الراغبين في الالتحاق بالكلية في المرحلة الثانوية، ويلتحقون بالكلية على أساس النجاح في امتحان في هذا الكتاب، إلى جانب المجموع الكلي للثانوية الذي يقع ضمن الشريحة المذكورة.

الطلاب بين مؤيد ومعارض

طرحت صفحة Thanawya Sarcasm Society على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، سؤالًا على طلاب الثانوية العامة، بشأن تأييدهم أو معارضتهم لنظام تنسيق القبول بالجامعات.

وتباينت آراء الطلاب، حيث رأي "سيف الإمام" أنه على الرغم من سلبيات نظام التنسيق إلا إنه أفضل من امتحانات القدرات التي تفتح الباب للمحسوبية قائلًا: " هو التنسيق بيظلم ساعات بس أرحم من اختبار القدرات، كده الكليات هتبقى شبه الكلية الحربية والشرطة، كله هيبقى بالمحسوبية والواسطة واللي مامعهوش مالهوش مكان حتى لو كان مؤهل".

أية عبد العزيز، أشارت إلى أن نظام التنسيق يدمر أحلام الطالبة: "التنسيق بيدمر أحلام الطلبة، وبيخلي فيه تفضيل بين الكليات وهو اللي مخلي ترتيبنا في الآخر بين الشعوب، مفيش حاجة اسمها طب أحسن من تجارة ولا هندسة أحلى من حقوق كل واحد بقدراته يدخل الكلية اللي تناسبه".

واعترضت أميرة حسانين على نظام التنسيق قائلة: "أنا واحدة عايزة أدخل كلية ألسن أنا أيه دخلي بالتاريخ والفلسفة والكلام ده بغض النظر عن الجامعة اللي هدخلها، وبغض النظر أن نظام القدرات هيبقى فيه كوسة ووساطة بس لو اتعمل بالكمبيوتر معتقدش هيبقى فيه غش كتير، أو نعمل نظام الثانوية الطالب يختار المواد اللي هو عايز يدرسها سواء لغات أو مواد أدبية أو علمية مايجبرش على دراسة مواد معينة".

undefinedundefinedundefinedundefinedundefinedundefinedundefined

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان