بعد هجوم نيس.. لماذا تستهدف الجماعات الإرهابيّة فرنسا؟
كتبت – رنا أسامة:
علّقت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) على هجوم مدينة "نيس" الفرنسية قائلة إن سلسلة الهجمات الدمويّة التي شهدتها باريس على مدار الأشهر الأخيرة، تُظهر واضحًا استهداف العناصر الجهاديّة لفرنسا بشكل خاص.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن مُحلّلين قولهم إن التفكير الأيديولوجي المتطرف الذي تنتهجه الجماعات الجهادية، كما تنظيم داعش، رُبما يكون المُحرّك الأساسي لتوجيه هجمات إرهابيّة على فرنسا، "بضراوة لم يسبق لها مثيل".
واستشهدوا في ذلك بدعوة أبو محمد العدناني، متحدث باسم داعش، لقتل الفرنسيين على نحو خاص، حينما قال: "إذا كان بإمكانك قتل أمريكي أو كافِر أوروبي، وخاصة هؤلاء القَذرة الفرنسيين، فتوكّل على الله واقتله بأي وسيلة مُمكنة"، وجاء ذلك بعد إطلاق تحالف تقوده الولايات المتحدة غاراته المُضادة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق عام 2014.
رأى ماثيو هينمان، رئيس مركز (آي.اتش.اس. جين) الإسرائيلي لدراسات الإرهاب والتمرّد، أن السبب وراء استهداف فرنسا من جانب الجماعات الجهاديّة قد يرجع إلى أنشطتها الخاصة بمكافحة الإرهاب في شمال ووسط أفريقيا، فضلًا على موقفها العُنصري تجاه الأقليّة المُسلمة، وحظرها ارتداء النِقاب.
وأشار هينمان إلى أن القوات الفرنسية خاضت حربًا شرِسة ضد الإسلاميين في مالي، وشنّت ضربات جوية ضد معاقل داعش في العراق منذ سبتمبر 2014، كما وسّعت ضرباتها الجويّة في سوريا في أكتوبر 2015، إذ شنّت المقاتلات الخاصة بها خمسة ضربات جويّة استهدفت مُعسكرات تدريب ومواقع نِفطية تابعة لتنظيم داعش.
ويُعزّز من وجهة نظر هينمان تلك شهادة أفاد بها إحدى شهود العيان على هجوم "نيس"، إذا قال بيير جاناساك إنه سمع المُهاجمين يقولون: "إنه خطأ هولاند، إنه خطأ رئيسكم، لم يكن ينبغي له أن يتدخّل في سوريا".
فيما قال شاشانك جوشي، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)في لندن إن: "ذرائع وأسباب هذه الهجمات مُعقّدة للغاية، ومن الصعب أن يكون هناك دافعَا واحدًا مُشتركًا وراءها".
وتابع جوشي: "لا أظن أن قيام فرنسا بالكفّ عن توجيه غارات جويّة ضد داعش من شأنه أن يحميها من الهجمات؛ لأنها ببساطة لن تتوقّف ولن يكُف الإرهابيين عن اختلاق دوافع واهية وأسباب مزعومة يُعوّلون عليها هجماتهم المُستقبليّة"، مُضيفًا أن مستوى تطوّر الهجمات يُشير إلى أنهم كانوا يُخطّطون لها قبل أن تبدأ فرنسا حملتها في سوريا.
بدوره قال أستاذ علم الاجتماع رافائيل ليوجير، إن فرنسا هي أكثر بلد يكون فيها الشباب على استعداد للانضمام للجماعات المتطرفة والتعاون معها، لاسيّما وأنها تتميّز بعُنصريتها ضد المُسلمين.
وفقًا للأرقام الرسمية، هُناك ما يقرُب من 571 من الرعايا الفرنسيين أو المُقيمين في فرنسا قد انضموا لتنظيم داعش في سوريا والعراق، عاد منهم 245، فيما سقط 141 قتيلًا هناك.
وأشار ليوجير إل أن هؤلاء المُقاتلين هم أول من دعوا إلى ضرب بلدهم (فرنسا) بعد تجنيدهم في تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما بدا جليَّا في أشرطة الفيديو الدعائية لداعش التي تدعو لشنّ هجمات ضد فرنسا، بنفس الطريقة التي تّحث فيها العناصر الجهادية الألمانيّة على توجيه ضربات ضد ألمانيا.
وكان قد قُتِل 84 شخصًا على الأقل وأُصيب العشرات بعد أن دهست شاحنة حشدًا من الجماهير أثناء احتفالات بالعيد الوطني في فرنسا، يوم الباستيل، في مدينة نيس، جنوبي البلاد.
وقال الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، إن 50 من المصابين في الهجوم يصارعون بين الموت والحياة في المستشفيات، وإن العديد من الأطفال والأجانب بين القتلى.
فيديو قد يعجبك: