هل تخضع مصر لمساومة روسية لقبول "قمح مُسرطن" مقابل فك حظر الصادرات؟ -(تقرير)
كتب- محمد قاسم:
دفع قرار روسيا بحظر استيراد المنتجات الزراعية المصرية مؤقتًا، اعتراضًا على منع مصر استيراد القمح المصاب بفطر الأرجوت المسرطن، إلى التساؤل عن سبب القرار الروسي المفاجئ، وعزاه خبراء ومصادر إلى مساومة روسية لقبول شحنات القمح المصابة بـ"الإرجوت" والتي رفضتها مصر قبل تحركها من روسيا.
وكانت مصر ممثلة في وزارة الزراعة قد وضعت شرطًا بأن تكون كمية فطر الإرجوت في أية أقماح مستوردة 0%، وأعدّ مركز البحوث الزراعية خريطة بالدول الموبؤة بالفطر، وعددها 15 دولة ليس من بينها روسيا.
واشتكى تجار روس من وجود شحنات مصابة بمستويات ضئيلة من فطر "الإرجوت" محتجزة في الموانئ الروسية بانتظار قرار القاهرة إن كانت ستسمح بها وفقا للقواعد القديمة والعودة بقبول نسبة 0.05 % من الإرجوت في القمح، وفق ما نقلته وكالة سبوتنك الروسية قبل يومين.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ"رويترز"، اليوم الجمعة، إن مفتشي الحجر المصريين رفضوا شحنة قمح روسي حجمها 60 ألف طن في ميناء نوفوروسيسك بسبب مشاكل تتعلق بفطر الإرجوت. وقال أحد المصادر "المفتشون عادوا إلى مصر بعد الرفض".
وأعلنت وزارة الزراعة، رفض جميع شحنات القمح الواردة من روسيا، والتى يوجد بها فطر الإرجوت "المسرطن"، لافتًا إلى أنه منذ بداية العام الحالي -وإثارة الجدل حول فطر الإرجوت- تم حصر شحنات القمح التي دخلت مصر وصول 15 شحنة من بينهم 13 خالية تماما، وتم رفض شحنتان أكدت نتائج الفحص أنهما مصابتان بفطر الارجوت بنسبة تصل إلي 02.%.
وردًا على ذلك أعلنت وكالة انترفاكس الروسية، بدء روسيا في فرض حظر مؤقت على المنتجات المصرية، وقالت يوليا شفاباوسكيني، نائبة الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية: "ابتداءً من الخميس 22 سبتمبر، سنفرض قيودا مؤقتة على استيراد الفواكه والخضروات من مصر، بالأخص الحمضيات والطماطم والبطاطس وغيرها من المنتجات"، حسبما نقل موقع روسيا اليوم.
وعزت "شفاباوسكيني" اتخاذ هذا القرار، بسبب عدم وجود عملية فعالة لمراقبة الصحة النباتية في مصر، مما دفع اللجنة مرات عدة إلى اتخاذ إجراءات الحجر الصحي على المنتجات المصرية.
ضغوط روسية
واعتبر خبراء ومصادر القرار الروسي مساومة ضغط لإثناء القاهرة عن قرارها بحظر استيراد القمح المصاب بـ"الإرجوت".
وتواجه واردات مصر من القمح على مدى الستة أشهر الماضية اضطرابا بفعل تضارب القواعد التنظيمية المتعلقة بنسبة الإرجوت في القمح المستورد، وهو فطر شائع قد يؤدي إلى هلوسات لكنه غير ضار عند المستويات المنخفضة.
وقال مصدر مسؤول بوزارة الزراعة، في تصريحات خاصة لـ"مصراوي"، إن الجانب الروسي يلمح إلى شبهة مبادلة أو ضغوط لقبول استيراد الأقماح الروسية المصابة بـ"الإرجوت"، لكن القرار المصري لا رجعة فيه حيث يهدف إلى حماية البلاد من الآفات التي عانت منها خلال الأعوام الماضية.
وقال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن القرار الروسي يعد أمرًا طبيعيًا ويعبر عن حرب حول معايير التجارة بين البلدين، حيث تحاول روسيا الضغط لإلغاء القرار المصري بمنع استيراد الأقماح وفقًا للنسبة التي انتهت إليها وزارة الزراعة في قرارها الأخير بخلو القمح من فطر الإرجوت.
المفاوضات حل
وقالت نائبة الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية، إن روسيا أبلغت ممثلي سفارة جمهورية مصر العربية، بأن القرار سار حتى انعقاد اجتماع روسي-مصري على مستوى الخبراء.
وأعلن الدكتور إبراهيم إمبابي، رئيس الحجر الزراعي، أن مصر تسلمت دعوة من الجانب الروسي للجلوس على مائدة المفاوضات؛ لبحث تداعيات أزمة رفض استيراد شحنات القمح الروسي المصاب بـ"الإرجوت"، وما ترتب عليه من قرار روسي مقابل بحظر منتجات مصر الزراعية.
وقال إمبابي، في تصريحات خاصة لمصراوي، إن "روسيا ليست ضمن قائمة الدول المحظور استيراد القمح منها، وسنستمر باستيراد شحنات القمح الروسي من المناطق الخالية من فطر الإرجوت، والتي تزيد بمقدار 8 إلى 10 دولارات فقط في الطن، ما يجعل الأمر غير معقد بالنسبة لاستمرار التعاون".
وأوضح أن الدعوة الروسية تتحدث عن موعد لعقد اجتماع على مستوى الخبراء في مدينة سان بطرسبرغ الروسية خلال هذا الأسبوع لكن الوزارة لم تتخذ قرارها مؤكدا أن الأمر يعود إلى وزير الزراعة للبت فيه.
وتوقع إمبابي، حل المشكلة قبل بدء روسيا في اتخاذ اجراءها بالحظر المؤقت على المنتجات المصرية المعلن عنه الخميس المقبل، مشددًا في الوقت نفسه على تمسك مصر بقرارها بإبعاء القمح المسرطن عن الأسواق المصرية.
وأوضح أن الموقف المصري سليم ولا يوجد بالاتفاقيات الدولية شئ يسمى تهديد دولة لأخرى بوقف التعامل مقابل دخول فطر مرفوض صحيًا؛ لخطورته على الأمن الغذائي لدولة أخرى.
الدول الخالية والمحظورة
وبعد قرار حظر استيراد "قمح الإرجوت" أعلن الدكتور عبد المنعم البنا رئيس مركز البحوث الزراعية، إعداد خريطة بالدول الموبؤة بالفطر وبلغ عددها 15 دولة، وأخري للدول الخالية من المرض، موضحا أن الدول الخالية هيّ "روسيا وأوكرانيا ومولدافيا وليتوانيا ولاتفيا ومالديف" بالإضافة إلي مصر.
بينما يوجد المرض في 15 دولة تضم: الأرجنتين واستراليا والبرازيل وبلغاريا وكندا وفرنسا والمانيا والمجر وكازاخستان وبولندا ورومانيا وصربيا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وأوروجواي؛ وذلك لوضع ضوابط للأستيراد منها بإستخدام تقنية الفصل اللوني والغربة والتبخير، في بلد المنشأ.
البحث عن بديل
وعن مواجهة قرار الحظر الروسي، قال إمبابي، إن هناك مباحثات تجرى حالياً مع 10 دول لفتح أسواقها أمام المنتجات الزراعية المصرية، حيث نخطط لفتح أسواق اليابان أمام الموالح المصرية، وأسواق الصين أمام منتجات علف البنجر وذلك بعد نجاح فتح السوق أمام صادرات العنب للصين.
وتابع إمبابي: "بالإضافة إلى فتح أسواق فيتنام أمام العنب، وأسواق جديد مع أمريكا للموالح، وأسواق جنوب إفريقيا لمنتجات الفلفل والفاصوليا، وفتح أسواق مع هولندا وسلوفينيا، ومباحثات مع الحجر الزراعى الأسترالى ونيوزيلندا لفتح أسواقها أمام المنتجات الزراعية المصرية خاصة البلح والعنب".
وأكد رئيس الحجر الزراعي، أن فتح أسواق جديدة أمام المنتجات الزراعية ترفع من معدلات التصدير المصرية خلال الفترة المقبلة، ما ينعكس إيجابياً على زيادة عائد الدولة من النقد الأجنبى، لافتًا إلى أن إدارة الحجر الزراعي شددت الرقابة على المنتجات التى يتم تصديرها والتأكد من أنها تطبق كافة الاشتراطات الحجرية منذ بداية الجنى حتى فحص الشحنات، ثم الشحن من قبل خبراء متخصصين، بالإضافة إلى نجاح الإدارة فى تجربتها المعملية للقضاء على الأطوار غير الكاملة لحشرة ذبابة الفاكهة، وذلك للتأكد من تطبيق الاشتراطات التي تطلبها دول التصدير، بالإضافة إلى الشهادة الإلكترونية لتصدير المحاصيل الزراعية بدلاً من الورقية، لضمان إنسيابية تصدير واستيراد المنتجات.
وأصدر وزير الزراعة عصام فايد، يوم 28 أغسطس الماضي، قرارا بمنع دخول القمح المستورد المصاب بأية نسبة من فطر الإرجوت، متراجعا بذلك عن قرار سابق يسمح بالأخذ بالنسبة العالمية المقررة في استيراد القمح وهي 0.05%.
أقرأ أيضًا:
بعثة مصرية تتوجه لروسيا لبحث قرار وقف استيراد الفاكهة والخضروات من مصر
''الزراعة'': تلقينا دعوة من روسيا لحل مشكلة حظر المنتجات المصرية
فيديو قد يعجبك: