خبير ألماني: الغرب يتهرب من دعم المعارضة السورية عسكريا
بون/ألمانيا – (دويتشه فيله):
الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط أودو شتاينباخ يؤيد خيار تقديم دعم عسكري لمقاتلي المعارضة السورية، معتبرا أن الخطوة في ذلك الاتجاه تتمثل في فرض منطقة حظر طيران ضد سلاح الجو الروسي والسوري.
البروفيسور شتينباخ، هل يمكننا اعتبار الوضع في سوريا حاليا بأنه ميئوس منه؟
نعم الوضع يبدو بلا مخرج. فحتى في حال التوصل إلى حل وسط كما حصل قبل أيام، فإن ذلك لا يساهم في تحقيق تقدم لا فيما يخص حلب ولا فيما يخص الوضع في سوريا بشكل عام. فالمصالح جد متباينة. والغرب يريد الاستمرار في النأي بنفسه، إنه يريد البقاء في الهامش، إنه يريد أن يقتصر دوره على الجانب الإنساني، فيما يتطلع الروس والنظام السوري لحسم الصراع عسكرياً.
حتى ولو أنه يبدو أمرا مرعبا، هل من الوارد أن تتقاتل أطراف النزاع إلى أن تُنهك قواها؟
نعم، ولكن ذلك لن يتأتى اليوم أو غدا، لاسيما وأن طرفا واحدا هو الذي يقاتل. فسلاح الجو السوري هو الذي يقاتل في الحقيقة، والروس الذين يدعمونه. المعارضة تقاتل بعض الشيء، والغرب لا حضور له. وما دام الوضع على هذا الحال، فإن من يؤيدون القتال ستقوى شوكتهم. إذن المسألة لم تعد مرتبطة بالدبلوماسية أم لا، بل القضية تدور حاليا حول تنفيذ تدخل عسكري أم لا. فقبل أيام فقط تم الحديث مجددا عن فرض منطقة حظر طيران، وهذا تحديدا هو الخطوة الأولى والصحيحة والهامة.
هل هذا يعني أنه في حال وجود إرادة سياسية للقيام بذلك، فإن ذلك سيجلب الحل؟
بديهي. في البداية، لن يكون ذلك حلا نهائيا، ولكن هي خطوة أولى في اتجاه الحل، خطوة أولى في اتجاه إقناع الروس والسوريين بأننا أخيرا على استعداد للقيام بشيء، أي توجيه جواب عسكري على العنف العسكري. إلى حد الآن لم يتم فعل ذلك، وكانت دوما هناك تراجعات وتم الاقتصار على بعض التعابير. والطرف الآخر قاتل، ويجب أن نقول أنه حقق انتصارا، وهو لا يريد الآن خمس دقائق قبل تحقيق النصر النهائي أن يُسلب منه هذا الانتصار.
إلى أي مدى يجب الدفع بهذا الالتزام العسكري؟
لقد تم الحديث عن ذلك: فرض منطقة حظر طيران في وجه سلاح الجو السوري. فالمقاتلات سيتم إسقاطها في حال صعدت في الأجواء، وسنرى ماذا سيفعل السوريون، وسنرى ماذا سيفعله أيضا الروس. وسنعرف بوجه خاص، في حال مواصلة القصف، من الجانب الذي يطلق القنابل. وحاليا لا نعرف هل سلاح الجو السوري؟ أم المقاتلات الروسية؟ من هو الطرف الذي هاجم مؤخرا قافلة المساعدات. فمنطقة حظر جوي ضد الطائرات الحربية السورية ستمكن من الفصل بين الهشيم والقمح.
الغرب عاين مثلا في ليبيا إلى أين تطورت الأمور بعد رحيل حاكم استبدادي، لكنه حافظ على وحدة البلاد. هل من الممكن أن يصبح الغرب مستعدا بسبب ذلك لقبول الأسد مستقبلا؟
سيكون ذلك مخالفا للمنطق. سيكون ذلك حماقة بعد كل ما حصل، وقبول حاكم ذبح مواطنيه بمئات الآلاف وأجبر نصف مجموع السكان على الهرب. فهذا غير ممكن. الحل الدبلوماسي مع الأسد لم يعد واردا. وبما أن الروس والإيرانيين وآخرين مازالوا يحلمون بهذا النوع من الحلول، فإن هذا الحل لن يكون ممكنا. وفي النهاية لا يبقى المجال إلا أمام تصعيد عسكري في شكل خيارات عسكرية متعددة.
من جانب آخر يقول الكثيرون بأنه بين مجموعات مقاتلي المعارضة لا يوجد من الناحية العملية شركاء معتدلون؟
هذا غير صحيح. يوجد بالطبع راديكاليون وكذلك معتدلون وفي الوسط يوجد عدد من المنظمات التي هي في شكل من الأشكال نصف راديكالية وأخرى إسلامية. وإذا ما تحملنا العناء، وإذا كانت هناك إرادة سياسية وخلفها أيضا الإرادة العسكرية، فمن الممكن تشكيل جبهة معارضة يمكن مساندتها وتقويتها لتحقيق تغيير في السلطة في دمشق. والآن يتم الاستعانة بذرائع مفادها أن تلك المجموعات ضعيفة أو راديكالية. كلها ذرائع، لأن هناك تخوف من اللجوء إلى النتيجة النهائية المتمثلة في الخيار العسكري والتحلي بالجرأة لمنح الدعم العسكري للمعارضة. وبما أنه يتم التهرب من هذا الدعم العسكري، فإنه يتم أيضا إقصاء المعارضة السياسية.
* البروفيسور أودو شتاينباخ يرأس منذ أكثر من 30 عاما معهد الشرق الألماني في هامبورج.
فيديو قد يعجبك: