"مكعب الرقاصة..بابل بافوميت" ماذا تعني عبارات كفر الشيخ الغامضة؟ وعلاقتها بـ"تحت الأرض"

كتب- أشرف جهاد:

"مكعب الرقاصة... من بابل بافوميت".. كانت هذه العبارة القصيرة التي كتبها مجهولون على أسوار مدرستين في كفر الشيخ كفيلة بإثارة حالة من القلق بين الأهالي خصوصا وأنها أُرفِقت برسمتي الصليب والنجمة الخماسية، وسرعان ما تفاعل الأمن مع تخوفات الأهالي، وقال مصدر أمني إنهم يفحصون العبارات الغامضة.. فماذا تعني الكلمات والرسومات التي أثارت قلق الأمن والأهالي؟

التخوف الرئيسي للأهالي أن تكون هذه العبارات لها علاقة بالجماعات والخلايا الإرهابية وأنها رسالة تهديد بتفجيرات جديدة تستهدف الكنائس، خصوصا وأن شهود عيان قالوا إنهم رأوا منتقبة رسمت الجرافيتي، إلا أن العبارة ورموزها لها دلالات مختلفة وبعيدة جدا عن "خلايا داعش"، وإن كانت ترتبط أيضا -بشكل ما- بتفجيري كنيستي مارجرجس ومارمرقص.

الشيطان "بافوميت"

حل لغز العبارة يبدأ من مفردة "بافوميت"، (Baphomet) وهي تسمية لكل ما هو شيطاني، أو بالأحرى هي التجسدات البشرية للشيطان في كافة الديانات والعقائد. ولا يعرف على وجه الدقة متى ذكرت هذه التسمية ولا أول من قالها، إلا أن البعض يرجحون أن أول من ذكرها هو الفارس الصليبي الأول "ريموند الأجليري"، حيث ورد في رسالته المؤرخة ١٠٩٨: "بينما يبزغ الفجر ، دعونا بأعلى أصواتنا: (بافوميت) ، وصلينا بصمت في قلوبنا للرب ، ثم هاجمناهم وطردناهم إلى خارج أسوار المدينة".

وكثيرا ما ذكر "بافوميت" في كتب السحر، وعلى رأسها كتاب الساحر الفرنسي Eliphas Levi’s .. اسم الكتاب “Dogme et Rituel de la Haute Magie“ وهو صادر عام 1897، وقد رسم فيه بافوميت في صورة اشتهرت جدا.. وهي عبارة عن رجل متربع له رأس ماعز ولحية ماعز وصدر امرأة و قرنين على رأسه بينهما شعلة، وعلى جبهته النجمة الخماسية، وإحدى يديه تشير إلى الأعلى إلى ومكتوب عليها Solve والأخرى تشير إلى الأسفل ومكتوب عليها Cogula، وإحدى يديه أنثوية و الأخرى رجولية.

سر رسمتي "الصليب المقلوب" و"النجمة الخماسية".. ولماذا رسم الجرافيتي الآن؟

ويقول Eliphas عن معنى هذه الرموز أن فكرة هذا التصوير هو اجتماع النقيضين لينتج من اجتماعهما هذا نورا كونيا، وهذه من أسس السحر، فلدينا اجتماع بين الإنسان والحيوان، وبين الذكر والأنثى، وحتى كلمتي Solve وCoagula تعبران عن عمليتين متضادتين فيزيائيتين "التذويب والتخثر".

عبادة "بافوميت"

أول من اعترف بعبادة "بافوميت" كان فرسان الهيكل خلال محاكمتهم بأمر من الملك فيليب، بعد عودتهم من القدس، ووصف الفرسان بافوميت بأوصاف متعددة، ووجدت صورة بافومين على كنيسة من كنائس الفرسان القديمة واسمها كنيسة Saint Merri، وهو عبارة عن إنسان برأس حيوان و لحية و صدر امرأة يجلس متربعا.

اقرأ.. هنا

وفي عام 1966، أسس أنتون ليفي "كنيسة الشيطان" بمدينة سان فرانسيسكو بأمريكا عام 1966 وجعل رمزها الرسمي بافوميت يتوسط النجمة الخماسية وحولها حروف هي حروف كلمة بافوميت، وذكر ليفي في كتابه إنجيل الشيطان Stanic Bible أن فرسان الهيكل كانوا يعبدون بافوميت كرمز للشيطان، وقال إن بافوميت يمثل قوى الظلام.

لماذا بابل؟

يعتقد البعض أن عبادة "بافوميت" بدأت في بابل ولكن باسم مختلف كما كانت في مصر القديمة، لذا ربما يشير كاتب العبارة المجهولة إلى مكان تأسيس عبادة بافوميت.

مكعب الرقاصة.. ماذا يعني؟

بدأت العبارة الغامضة بكلمتين أكثر غموضا، وهما مكعب الراقصة، ويعتقد عبدة الشيطان (لوسيفر/ بافوميت) أن عليهم أن يفرشون "البساط الشطرنجي" لـ"بافوميت" حتى يعود للظهور.

والشطرنج يتكون من مربعات بيضاء وسوداء، لذا ربما هذا ما قصدته راسمة هذا الجرافيتي، وهو تعريف بنفسها أيضا وربما يكون الراقصة هو اسمها الحركي.

لماذا النجمة الخماسية؟

ليس لأنها ترمز إلى اليهودية أو إسرائيل، ولكن لأن هذه النجمة لها قدسية خاصة في عالم السحر.

اقرأ .. هنا

ولماذا رسم الصليب معكوسا؟

يصور البعض "بافوميت" على أنه نقيض المسيح، وتبدأ عبادة "بافوميت" باهانة الصليب بالتبول والبصق عليه، والسخرية من "عقيدة الخلاص" في المسيحية بقلب الصليب كمحاولة لإعلان انتصار الشيطان.

اقرأ المزيد.. إضغط هنا

ولماذا ترسم هذه العبارة الآن؟

بعد تفجيري كنيستي الإسكندرية وطنطا، حازت صفحة غامضة لعبدة (لوسيفر/بافوميت/ الشيطان) على فيسبوك على اهتمام آلاف المصريين، لنشرها تدوينة غامضة قبل الحادث رآها البعض تحمل إشارة -(توقعا أو تهديدا)- للتفجيرات، ما جعل الداخلية المصرية تتحرك بسرعة ضد الصفحة.

وتداول النشطاء منشورا من صفحة #تحت_الأرض نشر قبل التفجير بيوم واحدا جاء فيه: "ابدأ الإشارة.. الخادم رقم 9.. تحقير وتفجير.. نراكم في الشمال على #البحر_المتوسط.. أرض المدخل والمفترق الطرقي بيننا وبينكم.. صليب محروق من النهر في بابل إلى نهر الشمال".

لم يأخذ أحد هذه الإشارات غير المفهومة على محمل الجد، حتى وقع الحادثان الإرهابيان، لتسرع الصفحة وتنشر "بوست"، آخر جاء فيه: "لقد حذرنا البارحة من الخادم رقم 9.. تحقير وتفجير"، ليربط بعد ذلك المتابعون بين هذه الصفحة وبين الحادثين الإرهابيين.

وسرعان ما أغلق الفيس بوك الصفحة، قبل أن يعود أصحابها لتأسيس صفحة ثانية في نفس يوم غلق الأولى، وواصلت الصفحة الجديدة نشر رسائل توحي بالتهديد.

لماذا كتبت "تحت الأرض" تدوينة "انتظرونا في المنوفية".. والتهديد بالاقتباس من الكتاب المقدس

وكتبت: "رسالة مِن الخادم ١٣ قريباً ستقترب الافراح.. وسيكون دماءً لا يكف عن النزِيف"، وعادت تهدد من جديد: "سيحدث عدة تحذيرات أخرى، لن ينفك عنكم الأذى إلى أن تنضموا الى أبناء النار أنتم ملكنا منذ نشأت الأرض فلتجتمع الخوادم".

ويبدو أن الصفحة قررت استثمار الضجة التي أثيرت حولها، لذا قررت النزول للشارع.

"انتظرونا في المنوفية".. لماذا المنوفية؟

وفي منشور جديد لـ"تحت الأرض"، كتب القائمون على الصفحة: (بعد ما حدث بتاريخ 9 من الخادم 9 ... تراقبوا يوم 17 من الخادم رقم 17 سوف يثبت مكانته انتظرونا في المنوفية).

الأمر الذي يثير التساؤل: لماذا المنوفية على وجه الخصوص؟ ولماذا تحدد الصفحة محافظة بعينها لأول مرة؟

قبل كتابة التدوينة بيوم، قبضت مباحث مركز أشمون بالمنوفية، على "أ. ر"، فني صيانة حاسب آلي ومقيم مركز أشمون مشترك في صفحة "تحت الأرض"، لكتابة تعليق تحريضي نصه: قول الحق إرهاب- الدين تشدد- شعب مصر في انتظار ظلم جديد ليذوقوا ما فعلوه".

لقراءة المزيد.. إضغط هنا

التهديد باقتباسات من الكتاب المقدس

وفي تدوينة على الصفحة، كتبت: "لقد جئناكم بمتن الخطيئة وإسفار التطهير، عِند كل باب ستجدوننا.. الخدم 4 ومُساعديه عُبَّاد حامل شمس النور.

زهرة ابن صبح. 2116 إستباحة."

والمثير في هذه التدوينة هو استخدامها مسمى "زُهرة ابن الصبح".. وهو استشهاد واضح من الكتاب المقدس: "كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح؟ كيف قطعت إلي الأرض يا قاهر الأمم؟" (إش 14: 12).

وتقول دائرة المعارف الكتابية المسيحية: والكلمة العبرية المترجمة "زهرة" هي "هيليل" أي "النجم اللامع"، وكان البابليون والأشوريون يؤلهون "نجم الصباح" ويعبدونه. ويزعم البعض أن عبارة "بنت الصبح" أو "ابن الصبح" تشير إلي ظهور الهلال، بينما يري البعض الآخر أن الإشارة قد تكون إلي المشتري أو المريخ أو غيرهما من كواكب المجموعة الشمسية، حيث أنها في دورانها في أفلاكها حول الشمس، تتغير مواقعها من الأرض وتبدو لامعة قبل شروق الشمس في بعض أيام السنة. 

لقراءة المزيد.. إضغط هنا

هكذا يبدو أن أصحاب صفحة "تحت الأرض" بدأوا نقل نشاطهم من الفيس بوك إلى الشارع، ويستخدمون شفرات الجرافيتي وغموض كتابات الصفحة للعب على وتر السحر والتنبؤ لخدمة هدفهم كـ"عبدة شيطان"، وإن كان لا تزال هناك فرضية بعيدة أن تكون الصفحة واجهة لخلايا إرهابية لشن هجمات عبر استخدام شفرات كـ"المتنورين" على طريقة "شفرة دافنشي".